سعر رغيف العيش المدعوم في مصر ظل ثابتا في سبعينيات القرن الماضي عند نصف قرش فقط حتى منتصف عام 1980، عندما قررت الحكومة زيادة سعره إلى قرش واحد، ثم عادت ورفعته إلى قرشين في عام 1984، واستقر عند هذا المستوى حتى عام 1988 حينما تقرر زيادة سعره إلى 5 قروش، واستمر هذا السعر حتى وقتنا الحالي وكان يتم تقديم الخبز المدعوم لأكثر من 70 مليون شخص في إطار برنامج ضخم لدعم الغذاء، وبموجب هذا البرنامج الحالي يتم صرف 150 رغيفا شهريا من الخبز المدعوم للفرد، وذلك منذ بدء العمل بمنظومة البطاقات الذكية في أبريل 2014 .
وعلى مدار سنوات طويلة، قلصت الحكومة المصرية الدعم عن كثير من الخدمات والسلع الرئيسية، لكنها دوما كانت تتجنب رفع سعر الخبر المدعوم، نظرا لأنه مسألة شديدة الحساسية في مصر، وعندما تم أصدار حزمة قرارات لخفض الدعم على سلع أساسية من بينها الخبز في عهد الرئيس السادات عام 1977 تصاعدت أحداث شغب، والتي عرفت وقتها باسم أنتفاضة الحرامية أو “انتفاضة الخبز”، قبل أن تتراجع الحكومة عنها.
واليوم أرتأت الحكومة وضع خطة لرفع الدعم نهائيًا عن الوقود خلال سنة ونصف مع ضرورة التحرك في سعر الخبز بما يتناسب مع الزيادات الكبيرة التي تحدث في الأسعار، في ظل فاتورة دعم الخبز لدينا كبيرة جدا وقررت رفع سعر رغيف الخبز المدعم بنحو 300%، ليصل إلى عشرين قرشًا بدلًا من خمسة قروش حاليًا، وذلك بدءًا من السنة المالية المقبلة فى يوليو القادم تحت شعار أن الحكومة لا تقلل الدعم لكن ترشده فقط وأن الدولة حريصة على دعم المواطن وملتزمة بوجود الدعم خاصة في السلع الأساسية التي تمس حياة المواطن وأن حوكمة منظومة الدعم تضمن وصوله للمستحقين،
وقد يكون رفع الدعم عن السلع الأساسية قد يساهم في خفض عجز الموازنة العامة للدولة على المدى القريب ، فضلا عن توفير موارد مالية قد تستخدم في تنمية البنية التحتية والخدمات الاجتماعية، وكلنا نعلم بأن الحكومة اختارت تنفيذ سياسة التقشف المالي الذي يطلبه صندوق النقد من خلال تقليص فاتورة دعم العيش مراهنة على قوة تحمل الشعب المصرى وقدرته على مواجهة التحديات
الا أننا نتمنى أن تكون الحكومة أخذت فى أعتبارها الظروف التضخمية التى نعيشها، والتى تنعكس في أسعار الغذاء والخدمات حيث هذه القرارات لها تداعيات على حياة المواطن فى ضوء ارتفاع أسعار السلع الأساسية كالخبز والكهرباء والبنزين يؤدى الى ضغط أقتصادى مجتمعى فضلا لزيادة الأعباء المالية الإضافية على أفراد الشعب المصرى وخاصة الأسر المصرية ذات الدخل المحدود والمتوسط والتى تمثل نسبة لابأس بها من عدد السكان مما له الاثر على حدوث كساد فى الأسواق و انخفاض القوة الشرائية للمواطنين مما يزيد من ارتفاع معدلات الفقر والتضخم، حيث يشكل ذلك سلبية خطيرة على انخفاض مستوى معيشة المواطن ،
وعلى ذلك لابد للحكومة أن تجتهد للعمل على تقليص النفقات غير الضرورية وزيادة موارد مثل ضريبة الأرباح الرأسمالية ، والعمل على تنمية قطاعى التنمية الزراعة والصناعة بالاضافة الى مشروعات التكنولوجيا والذكاء الاصطناعى كمنافذ لها لحلول مشاكلها المالية ، وأن تعمل على أحتواء الفئات المتأثرة من تلك القرارات من خلال إطلاق برامج حماية اجتماعية موجهة لهذه الفئات لتخفيف الآثار السلبية ، وأن تكثف من نشاطها لجذب المزيد من المشروعات الاستثمارية للعمل على التثبيت الاقتصادى وعدم تراجع التنمية الاقتصادية مع إيجاد وتطبيق سياسات اقتصادية واجتماعية متكاملة لتخفيف الآثار السلبية على المواطنين و المحافظة على الاستقرار المالي للدولة ، مع المراقبة الدائمة على الاسواق حماية للمواطن من جشع التجار الغير امناء على الوطن .
بقلم / دكتور محمد الشوربجى
الخبير المصرفى