اقترحت روسيا مبادرة لإنشاء نظام موحد للمقاصة والإيداع لدول مجموعة “بريكس” بهدف تعزيز التعاون المالي بين الدول الأعضاء دون تدخل الغرب. وقد طرحت هذا الاقتراح خلال القمة التي عُقدت في مدينة قازان. النظام المقترح، الذي أُطلق عليه اسم “بريكس كلير” (BRICS Clear)، يهدف إلى تسهيل المعاملات المالية العابرة للحدود بين دول المجموعة، كبديل للأنظمة المالية الحالية مثل “يوروكلير” (Euroclear) و”كليرستريم” (Clearstream).
مقترح روسيا
تأتي هذه المبادرة في إطار القمة الأولى منذ توسيع “بريكس” إلى تسعة أعضاء في يناير، حيث انضمت الإمارات العربية المتحدة، وإيران، ومصر، وإثيوبيا إلى الدول المؤسسة وهي البرازيل وروسيا والهند والصين وجنوب أفريقيا. خلال القمة، أكد الرئيس الروسي فلاديمير بوتين على أن تطور المجموعة يُظهر بداية نظام عالمي متعدد الأقطاب، يتحدى الهيمنة الأميركية.
المقترح الروسي ينطلق من الحاجة إلى تطوير بدائل للأنظمة المالية الغربية، خاصة بعد العقوبات المشددة التي فرضتها الولايات المتحدة وحلفاؤها في مجموعة السبع على روسيا، عقب الهجوم الروسي على أوكرانيا في فبراير 2022. شملت هذه العقوبات عزل أكبر البنوك الروسية عن نظام “سويفت” المالي العالمي، وتجميد الأصول الروسية في المؤسسات المالية الدولية، بما في ذلك 173 مليار يورو في “يوروكلير” تعود لممتلكات روسية خاضعة للعقوبات، منها أصول البنك المركزي الروسي.
تحاول روسيا إيجاد حلول لدفع التجارة مع شركائها مثل الصين والهند وتركيا، في ظل تزايد الحذر من البنوك الأجنبية تجاه العقوبات الأميركية الثانوية. وتسعى إلى تأسيس نظام مالي داخل “بريكس” يعتمد على العملات الوطنية لتسهيل التجارة وحماية الشركات الروسية من تأثير العقوبات الغربية.
ومع ذلك، هناك تحديات أمام هذا المشروع. فبينما ترى روسيا وإيران، اللتان تخضعان لعقوبات، في هذا النظام فرصة للهروب من القيود الغربية، فإن بقية دول “بريكس” تتمتع بعلاقات اقتصادية قوية مع الدول الغربية ولا تبدو متحمسة للابتعاد عن هذه العلاقات. حسب أوليغ فيوغين، المسؤول السابق في بنك روسيا، فإن إمكانية إنشاء هذا النظام موجودة من الناحية الفنية، إلا أن الحافز الاقتصادي لبقية الدول قد يكون محدودًا.
من جهة أخرى، أوضح وزير المالية الروسي أنطون سيلوانوف أن النظام الجديد قد يعتمد على تقنية السجلات الموزعة، وهي تقنية حديثة تهدف إلى تعزيز الشفافية والأمان في العمليات المالية. لكن بعض الخبراء مثل توم كيتنغ، مدير مركز التمويل والأمن في لندن، يحذرون من أن هذه الأنظمة البديلة قد لا توفر الحماية الكاملة من العقوبات الغربية، التي يتم تعزيزها وتوسيع نطاق تأثيرها خارج الحدود الأميركية والأوروبية.
من المتوقع أن تُجرى مناقشات أخرى حول تفاصيل النظام الموحد للدفع بين البنوك المركزية لدول “بريكس” في ديسمبر. وعلى الرغم من التحديات التقنية والتنظيمية التي تواجه هذا المشروع، فإن إنشاء نظام دفع موحد جزئي قد يسهم في زيادة حجم التجارة بين دول “بريكس” بنسبة تتراوح بين 5% و7%.