حذر بنك ستاندرد تشارترد من “تحديات صعبة” تواجه الاقتصاد المصري خلال السنوات الأربع المقبلة، لافتًا إلى أنه على القاهرة استحقاقات ديون بقيمة 100 مليار دولار حتي عام 2027 بمعدل 25 مليار دولار كل سنة.
وأشار البنك في تقرير بعنوان “مصر.. الوقت ينفد” ، إلى أن قدرة البلاد على سداد ديونها مهددة بسبب ضعف التدفقات الخارجية من غير الديون والاستثمارات وتراجع تدفقات الأموال من دول الخليج قبل إجراء إصلاحات هيكلية.
وتثير التحديات التي يواجهها الاقتصاد المصري قلق المستثمرين ووكالات التصنيف الائتماني الكبرى، مثل ستاندرد آند بورز وفيتش وموديز، التي خفضت تصنيف البلاد الائتماني خلال الأشهر الماضية.
13 مليار دولار مستحقة لصندوق النقد
ويتعين على مصر سداد 13 مليار دولار لصندوق النقد الدولي خلال السنوات الأربع المقبلة، بعد ما حصلت عليه من قروض من الصندوق كان آخرها بقيمة 3 مليارات دولار في نهاية العام الماضي.
إضافة إلى ذلك، يقول التقرير إن مصر مدينة بأكثر من 36.7 مليار دولار كقروض متوسطة الأجل خلال نفس الفترة، بينها سندات مقومة باليورو بقيمة 13.6 مليار دولار.
وينقل ستاندرد تشاردرد عن بيانات صندوق النقد احتياجات مصر التمويلية الخارجية خلال السنوات المقبلة كالآتي:
23.6 مليار دولار عن العام المالي 2023
24.2 مليار دولار عن العام المالي 2024
29.7 مليار دولار عن العام المالي 2025
19.9 مليار دولار عن العام المالي 2026
20.8 مليار دولار عن العام المالي 2027
ستاندرد تشارترد : توقعات بمزيد من القروض
يتوقع ستاندرد تشارترد أن تلجأ مصر إلى مزيد من الاقتراض لتتمكن من سداد مستحقاتها الخارجية خلال السنوات المقبلة، مضيفًا أن “ذلك يبدو صعبًا للغاية في ظل الظروف الحالية”.
كما توقع البنك أن تطالب الحكومة المصرية بإعادة هيكلة الديون المستحقة.
وأضاف البنك أن مصر ستلجأ أيضًا إلى طلب مزيد من الاستثمارات من دول الخليج، وذلك ببيع مزيد من الأصول، وهو ما يصعب حدوثه أيضًا، وفقًا للبنك.
ولفت البنك إلى أن مصر “حافظت على انضباط جيد للموازنة وحققت فائضًا أوليًا على مدى السنوات الثلاث الماضية”.
وارتفع احتياطي النقد الأجنبي في مصر خلال شهر أبريل إلى 34.5 مليار دولار، مقابل 34.4 مليار دولار في مارس، وفقًا لبيانات البنك المركزي المصري، التي أظهرت انخفاضًا في احتياطي النقد الأجنبي على أساس سنوي، إذ سجل 37.1 مليار دولار في أبريل 2022.
وارتفع احتياطي مصر من النقد الأجنبي قليلًا عن أدنى مستوياته المسجلة العام الماضي في سبتمبر عند 33.1 مليار دولار.
إلا أن ارتفاع تكلفة الدين بسبب ارتفاع التضخم وضعف الجنيه المصري أدى إلى ارتفاع معدل تكلفة الفائدة إلى الإيرادات بشكل حاد إلى 67% في الأشهر الثمانية الأولى من السنة المالية 2022/2023 من 57% في نفس الفترة من السنة المالية 2021/2022.
ويلفت ستاندرد تشارترد إلى أهمية المراجعة الدورية لصندوق النقد والمتوقع أن تجرى في الربع الثالث من العام المالي الجاري 2023.
وشدّد ستاندرد تشارترد على أهمية هذه المراجعة لتحديد مستقبل التصنيف الائتماني للقاهرة وطمأنة المستثمرين، إلا أن اعتراض الصندوق على بطء الإصلاحات الاقتصادية وملف بيع الأصول قد يعطل إصداره.
تراجع الدعم الخليجي
قال ستاندرد تشارترد أيضًا إن مصر لم تحقق تقدم سريع في جذب استثمارات خارجية وفي ملف بيع أصول الدولة، علمًا أن صندوق النقد يتوقع أن تنجح مصر في جذب ملياري دولار عام 2023 و4.6 مليار دولار في 2024 من خلال هذا البرنامج.
ودعا البنك “إلى الإسراع في بيع الأصول المملوكة للدولة، ليس فقط لتوفير التمويل الخارجي وإبطاء استنزاف احتياطيات العملات الأجنبية، ولكن أيضًا لإقناع صندوق النقد الدولي بالتزام مصر بالإصلاحات وتقليل مشاركة الدولة في القطاعات الاقتصادية”.
كان رئيس الوزراء ، مصطفى مدبولي، أعلن الشهر الماضي خطة لطرح 32 شركة في البورصة المصرية أو لاستحواذ مستثمرين استراتيجيين على مدار سنة.
وتمكنت الحكومة، الشهر الجاري، من بيع 9.5% من أسهم الشركة المصرية للاتصالات عبر البورصة المصرية، بقيمة إجمالية 3.75 مليار جنيه مصري (122.35 مليون دولار).
إلا أن تذبذب قيمة الجنيه المصري دفع العديد من المستثمرين إلى التراجع عن شراء العديد من الشركات الأخرى، وبينها تراجع صندوق الاستثمارات العامة السعودي عن شراء المصرف المتحد، بسبب خلافات مع القاهرة بشأن تقييمه، وفقًا لبلومبيرغ ورويترز.
مصر نجحت في جذب استثمارات خارجية
ويقول التقرير إن مصر نجحت في جذب استثمارات خارجية مباشرة بقيمة 5.7 مليار دولار في النصف الأول من العام المالي 2023، والمنتهي في 31 ديسمبر 2022، معظمها من السعودية والإمارات.
إلا أن الدعم الخليجي لمصر يتراجع، ويهدد مصر بعدم الوفاء باحتياجاتها التمويلية، في ظل “تقدم أبطأ مما كان متوقعًا في الإصلاحات الهيكلية وفي انسحاب الدولة من الاقتصاد، وتزايد المخاوف بشأن تخفيض قيمة الجنيه المصري”.
وخفضت مصر قيمة الجنيه 3 مرات منذ مارس 2022، لكن ذلك دفع التضخم إلى أعلى مستوياته في نحو 5 سنوات.