بقلم/ دكتور محمود ربيع
في عام 1973 قام دكتور “فيليب زيمباردو – أستاذ بجامعة ستانفورد” بإجراء تجربة تحاكى حياة السجن،
(لمعرفة ما إذا كانت الوحشية التي يتعامل بها الحراس ناتجة عن الشخصيات السادية للحراس،
أم إنها تتعلق ببيئة السجن).
في غضون فترة قصيرة كان الحراس والسجناء يستقرون في أدوارهم الجديدة،
ثم حدث تمرد من السجناء فقام الحراس بالتعامل بوحشية ومضايقة وترهيب السجناء كافة،
مما حدا به إلى إيقاف التجربة وخرج بنتيجة هامه جداً، تكاد أن تصبح نظرية.
“وضعت القوانين لتنظيم العلاقات بين الأفراد”، لذا فإن العلاقة بين الجهاز الإداري بالدولة والمواطن؛
هي علاقة محكومة ولها حدود واضحة، والتجاوز عنها مؤداه محاسبة المسؤول.
لأن هذا المسئول قد تم تعيينه في الجهاز الإداري بالدولة لخدمة المواطن،
إلا أن هناك بعض منهم ضعاف النفوس أرادوا استغلال مناصبهم؛ سواء بالتربح أو لممارسة شواذ نفوسهم المريضة بالتغول على طالبي الخدمة.
لم يعد الضمير أو التربية الاجتماعية والأسرية السليمة كافية لتحسين وتقويم سلوك الموظف العام،
فكان دور جهاز الرقابة الإدارية والأجهزة المركزية الرقابية والتنظيمية (المحاسبات، التنظيم والإدارة، ….)،
وعليه نجد أن الصحف تطالعنا يومياً وبشكل دوري عن القبض على مسؤول هنا أو هناك،
قد تجاوز فى أداء العمل المنوط به.
فى 25 فبراير 2005 صدقت مصر على “اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد” التى حددت أفعالاً محددة من الفساد ينبغي أخذها بعين الاعتبار في كل اختصاص تتناوله الأتفاقية،
وهذه الأفعال تشمل:- الرشوة والاختلاس، غسل الأموال، الإخفاء وعرقلة سير العدالة، وكان ترتيب مصر متدنى جداً (114/167)؛
نظراً لوجود العديد من المشكلات والعوار فى العديد من القوانين المنظمة للعلاقات بين الأفراد، وبحلول عام 2021 كانت المفاجأة أن الترتيب قد انخفض إلى (117/180).
لم تشعر القيادة السياسية بأي نوع من الانزعاج؛ نظراً لأن هناك عدد غير قليل من الإجراءات الإصلاحية وقدر كافٍ من الشفافية فى التعاملات (الرقمنة، الشمول المالى، الفوترة، …….)،
إلا أنه يتبقى السلوك، فكانت “مدونة السلوك الوظيفي”؛ هي الوثيقة أو العقد الموقع بين الموظف والمنظمة وذلك لضمان حسن سير العمل وانتظام المرفق العام.
إن ما حدث بتجربة سجن ستانفورد هي ما يقلق ويزعج القيادة؛ نظراً لتغول العاملين بالجهاز الإدارى على المواطنين،
كما أن عدم أداء الأعمال بشكل سليم سيزيد من حالة الاحتقان لدى الشعب، ويظهر الخدمات المقدمة بشكل فيه كثير من الفساد والمحسوبية والوساطة، وتدنى ثقة المؤسسات العالمية في الاقتصاد المصرى.
الخلاصة: إذا كانت الأدوار نمطية وسيئة، ويمنح الموظفين سلطة الطغيان، كما هى الحال فى دور “حراس السجن”؛
حيث كانت بيئة العمل عاملاً مهماً فى خلق السلوك الوحشى لدى الموظفين،
فسيتوافق الناس والعاملين بالجهاز الإدارى للدولة بسهولة مع الأدوار الاجتماعية السيئة المتوقع منهم أن يلعبوها، وهو ما لا يرجى حدوثه.