ياتي إعلان وزارة الخزانة الأمريكية، الخميس الماضي الموافق الرابع عشر من يوليو ، عن الغاء الحظر المفروض على المعاملات المتعلقة بالأسمدة والاغذية والبذور والأدوية والمعدات الطبية مع روسيا ،
فضلا عن أنها سمحت مؤقتا بإجراء عمليات مع شركة غازبروم جرمانيا في المانيا ،وهي فرع لشركة غازبروم الروسية،كما رفعت العقوبات المفروضة على فرع (ألفا بنك) في كازاخستان،
في ظل تسارع وتيرة وشدة الأزمة الجارية ، والتي بدأت تأخذ منحى آخر على الشأن السياسي، حيت أدت إلى استقالة رئيس مجلس الوزراء البريطاني ،
وصدور تصريحات اخرى تشير الى استقالة مسئوليين أوروبيين أخرين، في مقدمتهم رئيس وزراء ايطاليا؛ على خلفية شدة الأزمة ؛ التي أشعل فتيلها ،
وقف إمدادات الغاز الروسي إلى اوربا، وفي وقت سابق؛ ذكرت وكالة بلومبرج ، أن الاتحاد الاوربي ، يبحث بشكل جدي ، رفع العقوبات على بعض الكيانات الروسية من منطلق عدم إستناد تلك العقوبات إلى قواعد قانونية قوية،
كما صرح برلماني الماني، بقوله: أن المانيا تنتهج سياسه تحت ستار (سأطلق النار على رجلي نكايه في بوتين) وقال أنه بدون موارد الطاقة الروسية ،
نتوقع انخفاض الناتج المحلي الاجمالي لألمانيا بمعدل 12% وهي كارثة مطلقة. ومن الجدير بالذكر، أن أسعار النفط إرتفعت بمعدل 46% فور اندلاع الحرب الروسية الأوكرانية ، مقارنة ببداية العام الجاري ،
مما كان لها انعكاسات اقتصادية شديدة على كافة الاقتصادات العالمية ،وبشكل خاص اقتصادات دول الاتحاد الأوربي، والتي تعتمد على نحو 45% من احتياجاتها من النفط والغاز من روسيا.
وفيما يبدوا أن الجميع على الرضوخ لأوامر الاقتصاد ، لينتصر في النهاية على الآلة العسكرية العالمية،
في ظل الضغوط المستمرة من مواطني الدول الغربية والولايات المتحدة الأمريكية على الحكام ، على خلفية التداعيات السلبية الشديدة التي أحدثتها تلك الحرب ،
التي أشعلها السياسيون من أجل تدمير الدولة الروسية ، والتي كانت تلك العقوبات لها أثر عكسي عليهم ، حيث أشارت إحدى تقارير صندوق النقد الدولي، أن صادرات روسيا من الطاقة،
قد ترتفع بمعدل 40% لتصل لنحو 350 مليار دولار مع نهاية العام الحالي ، ولكنها ربما تتراجع على المدى المتوسط ،عند مستوى 250 مليار دولار أو أقل،
إذا ما قامت دول الاتحاد الأوربي بتخفيض احتياجاتها من إمدادات الغاز الروسي . والحقيقة، أنه فيما يبدوا أن الولايات المتحدة الأمريكية ،
قد بدأت في إعادة ترتيب أوراق اللعبة من جديد، على خلفية ضغط الشارع الأمريكي والرأي العام ، نتيجة ارتفاع معدل التضخم لنحو 9.1% في سابقة لم تحدث منذ أكثر من أربعون عاما،
فضلا عن غسل يدها مما تسببت فيه من انهيار القارة العجوز ، والتي كانت تسير عمياء وراء القرارات الأمريكية بشأن الأزمة، أو ربما يكون في إتجاه حفظ ماء وجهها،
نتيجة تحقيق روسيا لكثير من الانتصارات على الشأن الاقتصادي والعسكري ، وفي المقابل من ذلك ، لم تحقق الولايات المتحدة الأمريكية أو الغرب سوى أوضاع اقتصادية أكثر سوءا،
أو تسويق اسباب أخرى لإنهاء الحرب ، ليس من بينها الاعتراف بانتصار ساحق لموسكو .
بقلم /دكتور رمزي الجرم
الخبير الأقتصادي