“سوف يدرسها طلاب السياسة” عنوان مقال الأستاذ سليمان جودة المنشور في موقع مصراوي بتاريخ الأحد 3 سبتمبر الجاري، وسيدرسه أيضا طلاب الإعلام والاقتصاد المنزلي بكل تأكيد، لأسباب ليس من بينها ما هو سياسي أو إعلامي أو منزلي.
حوالي 500 عدد كلمات مقال الأستاذ سليمان عن حالة السفير الفرنسي في النيجر، الذي رفضت بلاده مغادرته النيجر عقب الانقلاب الحاصل هناك، لأسباب لها علاقة بالمصالح الكبيرة لفرنسا في النيجر، وهي معلومة يعرفها الجنين في بطن “مامته” تقريبا.
بدأ المقال بذكر أسماء دول الساحل والصحراء وهي تشاد، والنيجر، ومالي، وبوركينا فاسو، وموريتانيا، ويمتدون على شكل شريط عرضي من شرق القارة السمراء (لونها أسمر) إلى غربها، وهي معلومة أولية في ويكيبديا دول الساحل والصحراء على موقع جوجل، لكن لا مانع إذا كانت فقرة تمهيدية لمقال 500 كلمة، وربما يكون هناك ما بعدها.
ما بعدها لم يكن بعيدا عن ما قبلها، وما قبلها لم يكن بعيدا عن ما بعدها، في الفقرة الأولى ويكيبديا دول الساحل، وفي الفقرة الثانية ويكيبديا انقلاب النيجر، ومن عُزل ومن تولى، ومع ذلك لا حرج.
“لأن النيجر مستعمرة فرنسية” هى الجملة الأولى للفقرة الثالثة من المقال، فيبدو أننا أمام فقرات قادمة خطيرة وعميقة وكلها معلومات وتحليلات وأرقام وتواريخ……. “ورقة وقلم واكتب ورا الأستاذ يا غالي”.
ولأن النيجر مستعمرة فرنسية، كانت فرنسا ورئيسها ماكرون أهم وأبرز المهتمين، وهذه معلومة جديدة ذكرها المقال تؤكد المعلومة القديمة (انظر أعلى أو اذهب إلى جوجل)، تأكيد على المؤكد، أقرب إلى أن يكون “حبة مستكة وحبة مش مستكة”، وكان ماكرون ينتهز الفرص للمطالبة بعودة الشرعية وعدم الاعتراف بالسلطة الجديدة، لأن فرنسا تعاملت مع الرئيس المعزول لسنوات عديدة في العيد الكبيرة ماشي يا أبو طويلة.. بصوت طلعت زكريا.
في فقرة كبيرة، نقل الأستاذ سليمان تصريح لرئيس فرنسا ماكرون يُعاير فيه دول الساحل والصحراء والنيجر عن دورها في التصدي للإرهاب، إلا أنه لم يتطرق إلى النهب التاريخي لثروات أفريقيا وفي القلب النيجر من قبل فرنسا، وربما لم تروق له هذه الفكرة أو ربما تتناقض وتتعاكس وتتباين وأى تاء تاء تاء مع فكرة المقال التي يثني فيها على السفير الفرنسي، كما سيأتي لاحقا.
الانقلابيون في النيجر طلبوا مغادرة السفير الفرنسي وهو رفض، وكرروا الطلب وهو رفض، أمهلوه وهو رفض، طلبوا من الشرطة طرده من البلاد وهو رفض، أغروه بالزواج من هنومه وهو رفض، خوفا من أن تكون روسيا بديل فرنسا في النيجر “تعقيدات السياسة الدولية”، وهو الدرس الذي سيدرسه طلاب السياسة جنبا إلى جنب مع حالة السفير الفرنسي في النيجر، جنبا إلى جنب مع طلاب إعلام “ومتسألنيش ليه”، تحت عنوان كيف تصنع حالة سفير في استوري على انستجرام أو كيف تحضر سفير في 5 خطوات بالمنزل.
قلوب كثيرة لحالة السفير في استوري انستجرام قبل أن تختفي.
بقلم/ صالح خيرى الشرقاوى
الكاتب الصحفي