قبل الحديث عن الشركات التي تطلب شطبها من البورصة المصرية، يجب أولاً تسليط الضوء على الأسباب التي تدفع الشركات إلى القيد في البورصة، حيث أن هناك مجموعة من الأهداف التي تسعى الشركات لتحقيقها عند اتخاذها قرار القيد، ومن ثم تتضح الأسباب التي قد تدفعها إلى شطب نفسها من البورصة.
تلجأ الشركات إلى القيد في البورصة بهدف الحصول على التمويل اللازم لتوسيع نشاطها. هذا التمويل يمكن استخدامه لأغراض متعددة مثل التوسع الأفقي (إضافة منتجات أو خدمات جديدة) أو التوسع الرأسي (زيادة الإنتاج أو تحسين العمليات الداخلية)، وهو ما ينعكس بشكل إيجابي على الشركة والمساهمين فيها. كما تسعى بعض الشركات إلى زيادة قيمتها السوقية من خلال القيد في البورصة، حيث أن التداول في السوق النشط قد يؤدي إلى ارتفاع قيمة الشركة، ما يجعلها أكثر جذبًا للمستثمرين. في حال كان السوق نشطًا، يمكن أن تتجاوز قيمة الشركة القيمة الاسمية لأسهمها، مما يتيح للمساهمين عرض الأسهم بأسعار مرتفعة في حال رغبتهم في البيع. بالإضافة إلى ذلك، يتيح القيد في البورصة للشركات فرصة الترويج لنشاطاتها ومنتجاتها عبر القنوات الإعلامية المختلفة، سواء المسموعة أو المرئية، مما يزيد من شهرتها ويسهم في تعزيز وجودها في السوق.
من جهة أخرى، ورغم المزايا التي توفرها عملية القيد في البورصة، فقد تقرر بعض الشركات شطب قيدها لعدة أسباب. إذا فقدت الشركة أحد الشروط التي كانت قد استفادت منها عند القيد، فقد تقرر شطب قيدها في البورصة. وأحد الأسباب الشائعة لذلك هو رغبة الشركة في حماية قيمتها من تقلبات السوق المستمرة، حيث قد يكون السوق في بعض الأحيان غير مستقر، مما يهدد بتأثير سلبي على قيمة الأسهم. وبالتالي، قد تسعى الشركة للحفاظ على قيمتها السوقية وعدم تعريضها للتقلبات الحادة التي قد تحدث في الأسواق.
أسباب أخرى قد تدفع الشركات إلى الشطب تتعلق بالقيمة السوقية المنخفضة للشركة. ففي حال شعرت الشركة أن قيمتها السوقية قد انخفضت بشكل كبير، قد تقرر الشطب كوسيلة للحفاظ على سمعتها وحمايتها من التأثيرات السلبية لتداول الأسهم بأسعار منخفضة. كذلك، إذا وافق جميع المساهمين على الشطب ولم يعترضوا عليه، فقد يتخذ مجلس إدارة الشركة قرارًا بذلك، ويعرضه على الجمعية العمومية غير العادية. إذا كانت نسبة الموافقة 75% من المساهمين، يتم تنفيذ الشطب وتُخطر البورصة المصرية بالقرار، ويتم الإعلان عن الشطب رسميًا.
في حالة الشطب الاختياري، يتم تحديد سعر السهم إما وفقًا لأعلى سعر تم التوصل إليه خلال الشهر الذي سبق اتخاذ القرار، أو بناءً على متوسط أسعار الإغلاق خلال الأشهر الثلاثة السابقة. كما يمكن تحديده وفقًا للسعر العادل للسهم، وهو ما يحدده مستشار مالي مستقل.
أما بالنسبة للشطب الإجباري، فهو يحدث عندما تفرض البورصة الشطب على الشركة بسبب ظروف معينة. أحد الأسباب الرئيسية لذلك هو تجاوز الخسائر نصف رأس المال، وهو ما يجعل الشركة غير قادرة على الاستمرار في التداول بنجاح في البورصة. من الأسباب الأخرى التي تؤدي إلى الشطب الإجباري هو إذا مرت الشركة ستة أشهر متتالية دون أن تُجري أي عمليات على أسهمها. كما يتم شطب الشركة إذا ثبت أن إجراءات القيد تمت بناءً على بيانات غير صحيحة أو مغلوطة، حيث أن هذه المخالفات تعتبر غير مقبولة.
بذلك، يمكننا فهم أن قرار الشطب من البورصة سواء كان اختياريًا أو إجباريًا يعود إلى مجموعة من العوامل المرتبطة بوضع الشركة في السوق وحالتها المالية.
بقلم / دكتور محمد عبد الهادي
خبير أسواق المال