بدأت رحلة صناعة السيارات في المغرب سنة 1959 عندما أنشأت الجمعية المغربية لبناء السيارات (صوماكا) المملوكة للدولة آنذاك أول مصنع تجميع في الدار البيضاء، واقترنت هذه الخطوة بزيادة الرسوم الجمركية على استيراد السيارات، مما أدى إلى انخفاض حاد في الواردات
ووضع المغرب على مدار الأعوام الماضية استراتيجيات صناعية تكاملية تستهدف النهوض بصناعة السيارات باعتباره قطاعًا استراتيجيًا من الممكن أن يقود التنمية الصناعية في البلاد، كما اتخذ عددًا من الخطوات لمعالجة المعوقات التي تواجه الاستثمارات الأجنبية، كمواجهة الفساد والبيروقراطية وتطوير قطاع البنية التحتية، مما جعلها وجهة للشركات الأوروبية والآسيوية العاملة بهذا القطاع .
ونجح المغرب طوال السنوات الماضية في التأسيس لصناعة السيارات، مما جعله ينتج أول سيارة محلية خلال 2023، فضلا عن إعلان النموذج الأولي لمركبة تعمل بالهيدروجين واستطاع المغرب أن يصبح رائدًا إقليميًا في صناعة السيارات بفضل النمو المتسارع لهذا القطاع مما مكنه من ترسيخ مكانته كأكبر منتج للسيارات في شمال أفريقيا، حيث يتكون نسيج قطاع صناعة السيارات الوطني مما يتجاوز 250 موردًا لأجزاء السيارات ومصنعين اثنين للسيارات هما شركتي “رينو”، و”ستيلانتس
إن صناعة السيارات قد جاء وازدهر بالمغرب نتيجة ،المجهود الكبير للقائمين بأدارة أمور البلاد خلال 20 عاما الماضية لنهوض فى هذا القطاع وذلك من خلال تقوية البنية التحتية، خاصة فيما يتعلق بالمناطق الصناعية والطرق والمصانع، فضلا عن تأهيل رأس المال البشري (الكوادر)، من مهندسين وتقنيين وعمال، وجلب مستثمرين كباروهو الامر الذى ساعدت البلاد في أن تكون فاعلا أساسيا في قطاع السيارات، “حيث تنتج البلاد 700 ألف سيارة حاليا، وتسعى إلى الرفع من الطاقة بالتركيز الشديد على عدد محدود من الصناعات (من بينها السيارات) في وضع استراتيجيتها التنموية الصناعية مما جعلها عنصرًا محوريًا في سلاسل القيمة العالمية لصناعة السيارات فضلا عن تمتع المغرب بميزة فريدة عندما يتعلق الأمر بسوق السيارات؛ نظرًا لموقعها الاستراتيجي بين أوروبا وأفريقيا، مما يجعلها مركزًا مثاليًا لتصنيع وتصدير السيارات، إلى جانب تهيئة المناخ الاستثماري وسهولة ممارسة الأعمال، واتخاذ خطوات لمكافحة الفساد والبيروقراطية، وبناء قاعدة شبابية من العمالة الماهرة.
مع محاولة المغرب أن يؤمن حصة في سوق السيارات الكهربائية خاصة في ظل اشتداد المنافسة الإقليمية والعالمية من خلال توفير البيئة المناسبة لشركات صناعة السيارات الكهربائية وتوفير عدد من محطات الشحن اللازمة لها؛ حيث تسعى البلاد لزيادة عدد نقاط الشحن في البلاد إلى 2500 محطة
وقد حقق الاقتصادي المغربي فى قطاع السيارات أرقام إيرادات تجاوزت 120 مليار درهم (12 مليار دولار) خلال السنة الماضية وأن منظومة صناعة السيارات حاليا متكاملة تضم نحو 250 مصنعا، وتشغل 220 ألف فرصة عمل فضلا عن أستطاعة المغرب أن يجذب شركات السيارات الأوروبية والآسيوية للاستثمار داخل البلاد، عبرإقامة نقاط لتصنيع وتجميع المركبات في سوق واعدة، شهدت تطورا متسارعا منذ مطلع الألفية الجديدة وإن البلاد تعمل على تقوية تنافسية القطاع والاقتراب من الصين، والوصول إلى مستوى الهند في التنافسية أخذا فى الاعتبار أن المغرب يضم 251 معملا لصناعة السيارات
ونؤكد من أهم مقومات النجاح لهذه الطفرة يتمثل في الإرادة السياسية والاقتصادية للسلطات العليا في البلاد التي قررت وفق رؤية تنموية الاستثمار في صناعة السيارات، وانخرطت بكل الإمكانيات والمؤهلات لإطلاق وإنجاح هذا القطاع الصناعي المهم والذى سيكون له الاثر الفعال الملموس على الاقتصاد الوطني بشكل إيجابي من خلال خلق ديناميكية في الاستثمارات، وتوفير فرص عمل للشباب، وتمكين المغرب من عائدات مهمة من العملة الصعبة
بقلم /دكتور محمد الشوربجي
الخبير المصرفي