على خلفية توجه الدولة نحو إصلاح المالية العامة، وفي نفس الوقت دعم البنية المؤسسية للبنك المركزي، وانصياعاً لشروط صندوق النقد الدولي بشان عقد قرض جديد لمصر، من منطلق تخفيف العبء عن موازنة البنك المركزي؛ ياتي قرار توقف البنك المركزي عن دعم (5) مبادرات تمويلية قائمة بالقطاع المصرفي ذات الفائدة المُدعمة، لتنوب عنه ثلاث جهات، وهي وزارة المالية، والإسكان والمرافق والمجتمعات العمرانية الجديدة، وصندوق دعم السياحة والآثار، من أجل دعم مبادرة التمويل العقاري ذات العائد المتناقص 8٪ لمتوسطى الدخل، ومبادرة التمويل العقاري بالعائد المتناقص 3٪ لمتوسطي ومحدودي الدخل، ومبادرة قطاع السياحة، ومبادرة احلال المركبات للعمل بالوقود المزدوج، ومبادرة تشجيع الري بالطرق الحديثة.
ومن الجدير بالذكر، ان وزارة المالية، سوف تتولى، اعتباراً من تاريخ العمل بهذا القرار، إدارة ومتابعة المبادرات التمويلية القائمة ذات العائد المُدعم، والذي يشمل على إتخاذ القرارات التنفيذية وتحديد الضوابط الخاصة بتلك المبادرات، ومن بين ذلك، تحديد المستفيدين والتكلفة المالية والمدى الزمني والجهة التي ستتولى العمليات التنفيذية لكل مبادرة من المبادرات الخمس المقررة، ومصدر التمويل، والجهة التي ستتحمل التكلفة المالية اللازمة.
وبناءً على ذلك، سوف تتحمل وزارة الإسكان قيمة فرق الفائدة المدعم (الفرق بين سعر الإئتمان والخصم المعلن من البنك المركزي زائداً 2٪،& سعر الفائدة المقرر لمبادرات التمويل العقاري، سواء 8٪ او 3٪) بحد اقصى 15 مليار جنيه، اما فيما يتعلق بمبادرة دعم قطاع السياحة، فسوف يتحمل فرق الفائدة، صندوق دعم السياحة والآثار او وزارة السياحة والآثار (الفرق بين سعر الإئتمان والخصم المعلن من البنك المركزي زائداً 2٪ & سعر الفائدة لمبادرة دعم السياحة 11٪ بعد رفع سعر الفائدة 3٪ ) بحد اقصى 50 مليار جنيه، على حين تتحمل وزارة المالية، فرق الفائدة، فيما يتعلق بمبادرة احلال المركبات للعمل بالوقود المزدوج (الوقود والغاز معاً) حيث تتحمل الفرق بين سعر الإئتمان والخصم المعلن من البنك المركزي زائدة 2٪ وبين سعر الفائدة 3٪ المقرر على تلك المبادرة، وتتحمل أيضا الفرق بين سعر الإئتمان والخصم المعلن من البنك المركزي زائداً 2٪& وسعر الفائدة (صفر) لمبادرة تشجيع طرق الري الحديث، بحد اقصى 55.5 مليار جنيه.
والحقيقة، ان هذا التوجه من جانب الدولة، يأتي على خلفية إدارة الاقتصاد المصري على أُسس اقتصادية سليمة، تتوافق مع الاتجاهات والمعايير العالمية في هذا الخصوص، خصوصا اذا ما علمنا ان البنك المركزي المصري، قد تكبد خسائر خلال الخمس سنوات الماضية (من يونية 2018- الى يونيو 2022) ما يُقدر بنحو 100مليار، بسبب دعمه للعديد من المبادرات التمويلية، فضلا عن ان أموال البنك المركزي المصري وفقا للقانون 194 لسنة 2020، والقوانين السابقة، اموالاً خاصة، بل انها أموال المودعين، وفي ظل قيام القطاع المصرفي بطرح العديد من المنتجات المصرفية ذات العائد المرتفع، فإن هذا الأمر، قد أدى إلى زيادة تكلفة الأموال لدى البنوك، إنصياعاً لتعليمات القائمين على إدارة السياسة النقدية، من أجل سحب الكتلة النقدية الزائدة بالأسواق لمواجهة مُعدلات التضخم المُرتفعة، وبما يضع العديد من التحديات امام إدارة الفوائض المالية بالشكل المطلوب.
بقلم/ دكتور رمزى الجرم
الخبير المصرفى