مما لا شك فيه أن قوي التضخم المستورد تزداد قسوة على إقتصاديات العالم ، ولكن ما زال فرص اللجوء الى العلوم الاقتصادية المختلفة أمامنا لصناعة إقتصاد الغد .
وجدير بالذكر فليس أمامنا إلا أن نستفيد من هذه الاضطرابات وإستحضار سيناريوهات للعمل على امتصاص الصدمات وموجات التضخم المتوقعة ،
والطريقة الوحيدة من الاستفادة هى إبتكار وإستحداث آليات تمكننا من التعامل مع إقتصاد الغد
فعندما تضعف قوى كبري إقتصاديات العالم ، تزداد الموجات المعاكسة وينعكس ذلك فيزداد فزع باقي الاقتصاديات حول عالمنا الاقتصادي .
وفى سياق البحث عن صناعة آليات لمقابلة إقتصاد الغد فقد وجب الحديث عن علم الجغرافيا الاقتصادية ،
فقد تعتبر الجغرافيا بصفه عامة علم قديم ينسب إلى اليونانيين القدماء،
وقد عرف في أول الأمر بأنه “علم وصف الأرض”، إذ أن كلمة جغرافيا Geography مشتقة من كلمتين يونانيتين هما Geo وتعني “الأرض ” وGraphos تعني “وصف”، وال تعكس هذه الكلمة بدقة ووضوح مجالات وأساليب البحث الحديثة،
حيث يتسم علم الجغرافيا بتعدد موضوعاته لذا يستعين بالعديد من العلوم الأخرى سواء كانت طبيعية أوبشرية .
لقد أدت التغيرات التي طرأت على العالم، وعلى أحوال المجتمعات وتركيبها ومشاكلها خلال العصور التاريخية المختلفة إلى نشأة علوم تهتم بدراسة الظواهر الأقتصادية،
وقد بدأ تعبير الجغرافية الأقتصادية Economic Geography في الظهور لأول مرة عام 1882 على يد العالم الألماني “جوتز Gotz ،”ليفصلها عن الجغرافية التجارية التي كانت سائدة في أواخر القرن التاسع عشر،
حيث اقترح “جوتز” منهجا تحليليا لدراسة موارد الثروة الأقتصادية آخذا في الأعتبار مبدأ السببية Causality و يعني به البحث عن الأسباب الطبيعية و البشرية و الأقتصادية التي تفسر البيانات الأحصائية
و يعد بروز الجغرافية الإقتصادية كعلم مستقل في النصف الثاني من القرن التاسع عشر ظهرت له فروع عديدة منها:
• جغرافية الصناعة: و تتعلق بدراسة المناطق الصناعية، التركيب الصناعي للمدن، العلاقات المتبادلة بين المناطق والمدن
• جغرافية الزراعة دراسة العوامل الطبيعية و البشرية التي تؤثر في الانتاج .
• جغرافية النقل و المواصلات : يعد هذا النوع من الجغرافية الاقتصادية جديدا هو الأخر ، و قد نشأ نتيجة للتطور الكبير في كميات الإقتصاد العالمي
وجدير بالذكر فيوجد علاقة وثيقة بين الجغرافية الإقتصادية و علم الإقتصاد حيث تعالج بعض النظريات و الموضوعات و المشكلات التي يدرسها علم الاقتصاد ،
وبالتالي فاالعلاقة وثيقة بين العلمين. فعلى دارس الجغرافية الإقتصادية أن يلم بمباديء وقواعد و نظريات علم الإقتصاد حتى يستطيع تفسير العوامل الإقتصادية المؤثرة في انتاج وتبادل واستهلاك السلع والخدمات ،
و من جهة أخرى على دارس الإقتصاد أن يدرس الجغرافية الإقتصادية التي تعالج موارد الثروة الإقتصادية، والتي تهدف إلى تحقيق غايات الأنسان.
وفى سياق موصول بعد أن بدأ المقال بإستعراض المحور الأول هو : مدخل إلى الجغرافية الإقتصادية ،
سنتاول المحور الثاني وهو الصناعة
-تعريف الصناعة وهي مجمل الأنشطة التي يغير شكل أو بأخر طبيعة المواد الخام الزراعية، المعدنية، الحيوانية والغابية إلى منتجات تحقق متطلباته المتعدده ،
وقد تكون هذه المواد على حالتها الطبيعية مثل الخامات المعدنية والأخشاب ، أو نصف مصنعة مثل الصلب والجلود، الدقيق والخشب لكي تستخدم في انتاج منتجات جديدة،
أما عن أنواع الصناعة وأسس تصنيفها والتى وضعتها الجمهورية الجديدة على رأس خريطة الاصلاح و التطوير منها الصناعات الزراعية ، الصناعات التحويلية ، والعديد من الصناعات الاخري .
وأخيراً وليس بأخر فالتوترات الجيوسياسية الروسية الاوكرانية انعكست أثارها على الجغرافيا الاقتصادية فقد أوضحت الاحصائيات عن انخفاض سفن الحاويات ومعدل انتشارها فى كل من روسيا وأوكرانيا
والتى نتج عنها توقف حركة الشحن لكثير من دول العالم وبالتالى الأزمات التى يشهدها العالم أجمع .
فقد دلت المؤشرات أن سفن الحاويات الروسية والتى انخفضت من 6 مليون حاوية إلى ثلاثة ملايين حاوية وأيضاً سفن حاويات دولة أوكرانيا من 2 مليون حاوية إلى ما يقرب من الصفر .
وهو ما أكدته تقارير أمانة منظمة التجارة الدولية بتراجع التجارة الدولية إلى النصف فى 2022 واكدت انخفاض معدل نمو الناتج المحلى الإجمالي إلى 3,1 واكدت على التزام الدول بوقف تلك المخاطر والأزمات التى تنعكس سلبا على الشعوب .
بقلم/دكتور سيد قاسم
الخبير الأقتصادي