بقلم/دكتورة رانيا الجندي
خبيرة أسواق المال
في المقال الماضي تحدثنا عن رثاء الأرقام في ظل سوق للأوراق المالية يتداول تحت قيمته السوقيه التي وصلت في عام 2018 لحوالي 800 مليار جنيه، ومع سعر عمله معوم ومُقدر بأقل من نصف ماكان عليه، كان لابد أن يتضاعف رأس المال السوقي ويتخطى التريليون جنيه في أقل تقدير،
كما أشارنا الي أهم القررات التي أتخذت في عام 2021 وكان لها تأثير ايجابي على سوق المال
في المقال التالي نتحدث ما ينقص سوق المال من أجراءات هامة لم تتخذ بعد؟
ماينقص سوق المال على سبيل المثال لا الحصر فكرة التمويل الجماعي التي تحاول هيئة الرقابة المالية تقنينه وتمصريه ووضع الضوابط له، ليكون نواة مبدئية في تمويل المشاريع الصغيرة عن طريق حشد المدخرات العائلية التي دائماً تبحث عن استثمار جيد دون عناء ودراسة الجدوى ومخاطر الأسواق، مع إضافة عوائد على مدخراتهم تضاهي الودائع البنكية.
– ما هي أهم الصعوبات التي تواجه سوق الاوراق المالية وتحد من تفعيل دورها الحيوي لدعم خطط التنمية الاقتصادية؟
سوق الأوراق المالية بمفهومة لدى قدامى المستثمرين ينحصر في الشركات المقيدة في البورصة المصرية، ولايتسع لكم التراخيص المذكوره أعلاه.
وقد تقلص عدد هذه الشركات على مدار السنوات السابقة، فبعد أن كان عدد هذه الشركات مقارباً لل 600 شركة في عام 2006 أصبح عددهما لايتجاوز 220 شركة في سوق الأسهم الرئيسي و24 شركة في سوق الشركات الصغيرة والمتوسطة.
وبعد أن كانت نسبة رأس المال السوقي كنسبة من الناتج المحلي الإجمالي 105% في عام 2007 أصبح 10% فقط في أغسطس 2021.
ومن أهم المعوقات التي ساعدت على تقليص عدد المستثمرين أو الأكواد النشطه، تطبيق ضريبة الأرباح الرأسمالية للمقيم على عكس غير المقيم،
وقد يراها المستثمر بنظره ضيقة عدم المساواة بين المستثمر الأجنبي والمصري ولايراها بالمنظور الأوسع وهو إزالة العوائق أمام الاستثمارات الأجنبية التي تعد من أهم العوامل لكفاءة تسعير الأسهم أو ماتسمى بالكفاءة المعلوماتية.
السيولة تتمركز في يد قلة من محتكرين السوق وتعمل الجهات الرقابية على محاربتهم حال رفع الأسهم لنطاق لايتجاوز النسب المصرح بها للحدود السعرية في صيغة إتهام موجهه بالتلاعب لرفع قيمة السهم وذلك من خلال الشراء بأكواد ذات صلة ولكن ليست مجموعات مرتبطة،
في حين تعمل شركات الوساطة المالية الكبرى على إجتذاب مثل هؤلاء العملاء وتقديم لهم الإقتراض الهامشي المناسب لرفع ترتيب الشركة الدوري.
ويقع فريسه هذا الشد والجذب المستثمر الصغير الذي يستدين عن طريق التمويل الهامشي لتمويل محفظتة بضعف رأس مال العامل في السوق وأربع أضعافه حال التداول خلال الجلسة فتقوم الهيئة بإلغاء العمليات فتعلن الشركة إفلاس هؤلاء العملاء.
قيادات السوق لا تتغير منذ سنوات ولاتوجد وجوه جديدة والحالي أصبح يمثل كساد السوق وقلة بضاعته وانخفاض أسعار أسهمه على الرغم من التضخم الذي يواجه العالم أجمع،
بالإضافة إلى التعويم الذي شهدته العمله خلال عام 2016 والذي شهد بعدها إنفراجه على سوق المال حتى ابريل 2018.
العالم بأجمعه شهد الاقتصاد المصري يتخطى الأزمه الصحية العالمية بمجموعة إجراءات إحترازية أدت لتحقيق أعلى معدلات نمو على مستوى العالم لعام الجائحة ويُقدر بحوالي 3.6% في حين سجل السوق المال المصري ترتيب الأسوء عالمياً.
تفرض هيئة الرقابة المالية وبورصة الأوراق المالية عدد سنوات خبرة لإجتياز اختبارات شغل الوظائف في سوق المال وهذا هام جداً ونحمده،
لكن تشجع هيئة الرقابة والبورصة الجمعيات العامله تحت مظلتها أو التي تخدم سوق المال على ملئ أماكن التدريب الخاصة بها بطريقة التربيطات وطريقة عدم إجتياز الاختبار الخاص بشغل الوظائف المقدم إليها،
رغم توافر سنوات الخبرة وشهادات عليا، وعلى الطرف الآخر تجبر الشركات والموظفيين المتقدمين على دفع أموال باهظة للإلتحاق بتلك الدورات للموافقه لإعادة التقديم.
في حين أن سوق المال رغم صغر حجمه فلديه معدلات بطالة مرتفعة خاصة في الكفاءات (العماله الماهره النادرة) التي يطالب بها رئيس الجمهورية،
وتأخد رفض ويطلب منها الالتحاق بدورة تتراوح مابين 5000 الى أكثر من ال 30 ألف جنيه مصري حسب الوظيفة المستهدفه. ونتيجة لذلك عزف المستثمر الأجنبي والعربي عن الاستثمار في سوق المال المصري ويكتفي برخصة التشغيل المعلقة.
الإجراءات الفجائية وتعديل قواعد القيد في منتصف جلسة التداول تربك المستثمر الأجنبي قبل المحلي وخاصة إن كانت هذه الإجراءات مرتبطة بإجراءات اتخذت من أشهر ماضية كتوسيع الحدود السعرية على المؤشرات الرئيسية في منتصف جلسة طرح شركة اي فاينانس
وذلك لتحسين النظره الكلية ليوم الطرح بعد أن هبطت أسهم المضاربين خلال عدة جلسات قبل وبعد الطرح تعبيراً عن رفض تطبيق ضرائب الأرباح الرأسمالية.
وأصبح هذا اليوم يوم فاصل للمضاربين الذي ترك لهم صناعة الفقاعة وصعود الأسهم. ليتم محاسبتهم يوم الطرح ومسائلتهم قانونياً ووقف أكوادهم وخلافه وكان بالطبع بعد عملية تجديد المناصب القيادية و الانتهاء من الانتخابات الدورية.
– كيفية التصدي لهذه الصعوبات واجراءات مواجهتها؟
التصدي لهذه الصعوبات يكون بوضع خطة على مستوى قصير وطويل الأجل يستهدف تطبيقهما بنسبة تتجاوز 90% كطرح شركات عملاقة تابعة للقطاع الخاص وليس شركات تابعه للدولة فقط،
وأقتداءً بتعديل إجراءات القيد لتسمح باستقبال عملاق قطاع العقارات الحكومي المنتظر، يتم تعديل تلك الإجراءات والقواعد لإستيعاب شرائح أكبر من الشركات التي تتبع القطاع الخاص والشركات التي تم إنشائها تحت مظلة هيئة الرقابة المالية
وحققت أرباح بالفعل منذ وقت التأسيس والترخيص وحتى وقت الطرح ووضع خطة زمنية واضحة قصيرة الأجل لعدد الشركات المستهدف طرحها في القطاع الخاص وحجمها وكذلك عدد العملاء الجدد المستهدف اجتذابهم، وإعادة اجتذاب العملاء الذين عزفوا عن الاستثمار.
الجهات الرقابية تمتلئ خزائنها بالرسوم والغرامات التي تفرضها على الشركات جراء التأسيس والترخيص وتوفيق الأوضاع والتأخر في نشر تقارير الحوكمة وإعتماد القوائم المالية
وغيرها من الغرامات التي لابد من التقليل من حدتها أولاً ثم تخصيص جزء منها للتحفيز على عملية الطرح، ولاتنتظر الدعم من الدولة ولا المالية بما أن لديها دخل لابد من التوسع بإعطاء المحفزات والحد من العقوبات المشددة سواء كانت مالية أو قانونية.
يتبع…،