إذا أردت أن تربح في البورصة المصرية، مبدئيًا، لا يُنصح بمتابعة الشاشة يوميًا، فالبورصة المصرية تعتبر سوقًا ناشئًا يتسم بالهشاشة وضعف الكفاءة المؤسسية. فهي بورصة تفتقر إلى السيولة وقاعدة واسعة من المستثمرين، وللأسف عانت من تجاهل الحكومات المتعاقبة لأكثر من 15 عامًا. بدلًا من تطويرها، تم وضع عقبات في وجه تقدمها، سواء كان ذلك عن قصد أو نتيجة للجهل، وفي كلتا الحالتين، النتيجة سلبية ومؤسفة.
بالإضافة إلى ذلك، تم ترك الحكومة بدون وزير استثمار لفترات طويلة، وتُركت إدارة سوق المال تتولاها نفس الشخصيات لعقود، رغم إدراك الجميع، من المحللين والمتخصصين، مدى فشلهم الواضح من قراراتهم غير المتزنة. كان تركيز هذه الشخصيات منصبًا على تعزيز سلطاتهم، دون النظر إلى مصلحة السوق أو المستثمرين.
كما نجد تصريحات متضاربة حول طروحات سوق المال، دون تنفيذ حقيقي، ما أتاح المجال لوزراء المالية للتدخل في سوق المال بشكل متكرر، عبر تصريحات غير مراقبة أو منضبطة. ومن جانب آخر، هناك إصرار على عدم اتخاذ قرار حاسم بشأن ضريبة الأرباح الرأسمالية، مما يترك السوق في حالة ضعف مقارنةً بأسواق المنطقة التي تتمتع بمعايير تنافسية أفضل.
ومن المهم توضيح أن التحركات في السوق تتأثر بشكل كبير بمستثمرين محدودي العدد، حيث يتحكم في الأسهم الصغيرة أفراد من أصحاب رؤوس الأموال، وفي الأسهم الكبيرة صناديق بعقلية فردية. في كلا الحالتين، إذا غاب هؤلاء الأشخاص أو أهملوا، فقد تتوقف التعاملات بالكامل على هذه الأوراق.
إن غياب السيولة وقاعدة المستثمرين يتسبب في افتقاد السوق للعقل الجماعي، وهو عنصر أساسي لنجاح التحليل الفني. بدون هذا العنصر، يصبح التحليل الفني مجرّد رسوم خادعة، لأن السوق يعتمد بشكل أساسي على المعلومات، وأي شيء آخر يعتبر إهدارًا للوقت والمال.
التاريخ أثبت أن البورصة المصرية تتبع الدورة الاقتصادية لتحريك سعر الصرف فقط. لذا، الحل الأفضل هو الاستثمار في أسهم قوية مالياً، ذات أصول جيدة وإدارات مستقرة، وتركها لفترة طويلة لتستفيد من مرور الوقت.
وفي سياق متصل، نجد التقارير اليومية حول الدعم والمقاومة تُصدر بهدف وحيد، وهو الترويج وتحريك السيولة المحدودة في سباق مضاربي، أشبه بعملية إهدار لأموال المستثمرين من أجل تحقيق عمولات عالية. وهذا يزداد سوءًا مع تلاعب شركات السمسرة التي تقدم تمويلًا كبيرًا لتداولات اليوم الواحد دون قيود واضحة، مما يُسهم في استنزاف السوق.
ما يحدث هو مجرد عمليات تدوير للسيولة دون وجود استثمارات حقيقية تُسهم في تطوير السوق. فمن دون قاعدة متعاملين قوية، كيف يمكن للسوق أن يحقق تقدمًا أو يستعيد عافيته؟
وإذا أردنا تحسين كفاءة السوق في ظل انخفاض قيمة العملة، نقترح زيادة رؤوس أموال شركات السمسرة إلى نصف مليار، والاكتفاء بعدد محدود من الشركات القوية، لأن حتى عشر شركات تعتبر كافية مقارنة بحجم السوق الحالي. ويُمكن الاستفادة من تجربة السوق السعودي كنموذج يُحتذى به في هذا الصدد.
بقلم / حافظ سليمان
خبير أسواق المال