على خلفية تصريحات البنك المركزي المصري يوم التاسع من مارس الجاري، في خصوص تَسارع وتيرة مُعدلات التَضخم، لتصل إلى 40.26٪ على اساس سنوي بنهاية فبراير الماضي، مقابل 30.2٪ بنهاير الشهر السابق له من نفس العام، وارتفاع الرقم القياسي الأساسي لأسعار المُستهلكين إلى 8.1٪ بنهاية فبراير 2023، مقابل 1.2٪ عن نفس الفترة من العام السابق، ومعدل 6.3٪ عن يناير 2023، وفي سابقة لم تحدث منذ نحو 33 عاماً؛ من المتوقع ان تكون لها العديد من التداعيات السلبية الإضافية على المواطن الذي سيعاني من إرتفاع أسعار المواد الغذائية بشكل خاص، والسلع والخدمات الأخرى بشكل عام.
وبشكل عام، سجل قسم الطعام والمشروبات ارتفاع بمعدل 61.2٪ على اساس سنوي بنهاية فبراير الماضي، مدفوعاً بزيادة أسعار اللحوم والدواجن بمعدل 95.1٪ على اساس سنوي & ومعدل 29.7٪ على اساس شهري، وزيادة اسعار الأسماك والمأكولات البحرية بمعدل 84.5٪ على اساس سنوي & ومعدل 19.5٪ على اساس شهري، وزيادة اسعار الألبان والجبن بمعدل 74.5٪ على اساس سنوي& ومعدل 11.1٪ على اساس شهري، وزيادة اسعار الفاكهة بمعدل 26.2٪ على اساس سنوي & ومعدل 10.8٪ على اساس شهري، وزيادة اسعار الحبوب والخبز بمعدل 76.7٪ على اساس سنوي & ومعدل 9.2٪ على اساس شهري، وزيادة اسعار الشاي والبن بمعدل 60.2٪ على اساس سنوي & ومعدل7٪ على اساس شهري.
والحقيقة، ان الامر لن يقتصر على ذلك، بل ان التطورات السريعة والمتصاعدة على المشهد الاقتصادي العالمي، والشأن الداخلي، ربما تُشير إلى تَسارع وتيرة الضغوط التضخمية خلال الفترة القليلة القادمة، على خلفية اقتراب شهر رمضان المبارك، والذي يعزز زيادة حجم الطلب في ظل انخفاض المعروض، مما قد يؤدي إلى زيادة في المستوى العام للأسعار بشكل متزايد، وبما سيدفع معدلات التضخم للارتفاع النسبي، مما سيخلق العديد من التحديات امام صانعي السياسة الاقتصادية والنقدية في البلاد، خصوصا مع تصادف ذلك، قيام مسؤلي صندوق النقد الدولي بإجراء المراجعة الأولى خلال الأيام القادمة، من أجل الموافقة على صرف شريحة مالية بقيمة 375 مليون دولار، مع توقعات بمطالبة الحكومة بإجراء حزمة إصلاحات مالية اضافية، من بينها، بل وأهمها : تخفيض آخر في قيمة العملة المحلية، وتداعيات ذلك على المواطن، من مُنطلق احتمالية قيام لجنة السياسة النقدية بالبنك المركزي المصري في اجتماعها القادم في 30 مارس الجاري من رفع اسعار الفائدة على الإيداع والإقراض، بما لا يقل عن 200 نقطة اساس، والذي سيصاحبه قيام البنوك بطرح منتجات مصرفية جديدة بعوائد تتجاوز العوائد الموجودة حاليا، مما سيؤدي إلى زيادة الأسعار، نتيجة زيادة كُلفة الإئتمان، وبالتالي عدم قيام الشركات الانتاجية بفتح خطوط إنتاج جديدة او حتى تطوير القائم منها، بل قد تواجه أشكال مختلفة من مخاطر الإفلاس والتصفية لبعض الشركات، مما يُقلل حجم المعروض من السلع الغذائية الاساسية، والذي يدفع بزيادة اسعارها بشكل كبير.
ونعتقد ان الاستثمرار في معالجة الأزمة من خلال تقرير حزمة من السياسات والإجراءات التي تتعلق بحانب الطلب، دون جانب العرض، سوف يؤدي إلى زيادة حدة الأزمة خلال الفترة القليلة القادمة، وبما قد يكون من المناسب ان يتم مواجهة الأزمة عن طريق جانب العرض، الذي يتمثل في تقرير حزمة من الاعفاءات او التخفيضات الضريبية على منتجي السلع الغذائية الاساسية، وبشكل خاص ضريبة القيمة المضافة، وتخفيض حدة اسعار الخدمات الحكومية بشكل كبير، وبما يسمح بزيادة الدخل الحقيقي للمواطن، من خلال تعويض الإرتفاع المصاعد في اسعار السلع الغذائية، بتخفيض في بنود أخرى يتحملها المواطن سواء كانت بشكل دوري او طارئ، فضلا عن ذلك، من الملاحظ ان السياسات والإجراءات التي تم تبنيها خلال الفترة القليلة الماضية، والتي تتعلق بزيادة أسعار الفائدة، لم تزد الأمر الا سوءاً.
بقلم/ دكتور رمزى الجرم
الخبير المصرفى