كيف يتجنب الاقتصاد المصري التقلبات العالمية
بقلم/دكتور هاني حافظ
الخبير الأقتصادي
الاقتصاد المصري .. نجحت الحكومة المصرية والبنك المركزي المصري بشكل كبير في تجاوز التبعات الاقتصادية لوباء كورونا من خلال اليات السياسية المالية والنقدية وتطبيقها بشكل مباشر علي ارض الواقع، مدعوما ببرنامج الإصلاح الاقتصادي الذي اتبعته الحكومة المصرية مع صندوق النقد بالإضافة للإنفاق الحكومي الكثيف وبالأخص في مشروعات البنية التحتية، وأثر ذلك بالإيجاب على الاقتصاد المصري حيث أصبح من بين اقتصادات معدودة عالميا في تحقيق نموا اقتصاديا خلال عام الوباء.
ولكن تأتي الرياح بما لا تشتهي السفن، فبمجرد بداية نهوض اقتصاديات العالم من تداعيات كارثة وباء كورونا، فوجئ العالم بإندلاع الحرب الروسية الأوكرانية، ومستقبل تلك العملية العسكرية على المدى القريب والبعيد يبقى مجهولا، فضلا عن انه قد بدأت الولايات المتحدة في تنفيذ سياسة التشديد النقدي من خلال رفع سعر الفائدة بواقع 0.25% وبالتالي تبعتها باقي البنوك المركزية حول العالم برفع أسعار الفائدة أيضا لمواجهة شبح التضخم المتزايد.
وعلى صعيد متصل فقد أثرت تلك التحولات الجيوسياسية في العالم على كافة اقتصاديات العالم وخاصة الاقتصادية الناشئة ومنها بالطبع الاقتصاد المصري والذي تأثر بشكل واضح ليخسر الجنيه قرابة 15% من قيمته في نحو شهر، وصعدت معدلات التضخم لأعلى مستوياتها في نحو 3 سنوات كما انكمش نشاط القطاع الخاص غير النفطي بأكبر وتيرة له خلال 21 شهرا في مارس.
وفي ذات السياق فان مصر والعديد من دول العالم تعتمد بشكل ربما لم يكن يتخيله البعض على دولتي روسيا وأوكرانيا، ويؤكد ذلك ما صرحت به وكالة فيتش في تقرير حديث أن أكثر من 30 % السياح القادمين إلى مصر يأتون من البلدين،
كما أشار ذات التقرير الصادر من مؤسسة فيتش ان مصر تستورد نحو 80% من إجمالي وارداتها من القمح والحبوب وزيوت الطعام وغيرها من دولتي روسيا وأوكرانيا،
فضلا عن ان العقوبات المفروضة تعمل على تعطيل سلاسل الإمدادات والتي أثرت علي القارة الأوربية و معظم دول العالم مما يزيد موجة الضغوط التضخمية في العالم خلال عام 2022.
التضخم في مصر مستورد من الخارج، ما يُظهر مدى اعتماد أكبر بلد عربي من حيث عدد السكان على الواردات، فكيف يتجنب الاقتصاد المصري التقلبات العالمية؟
الرهان على قطاعي الصناعة والزراعة كأحد أهم مصادر الاستثمارات طويلة الأمد التي تساهم في تقليل اثأر التداعيات السلبية لأي تحولات جيوسياسية عالمية،
وهو ما عمدت اليه الحكومة المصرية فعليا من خلال تطوير القطاع الخاص والتوسع في تعميق التصنيع المحلي لزيادة الإنتاج وتقليل الواردات وزيادة الصادرات، وهو ما يتم حاليًا من خلال إعداد الحكومة قائمة بعدد 131 منتجًا مستوردًا يمكن البدء في تصنيعهم محليًا.
وأود ان أشير الي أن أبرز الصناعات التي يمكن أن تعتمد عليها مصر في الأجل القريب لتطوير القطاع الصناعي،والاقتصاد المصري تتمثل في التركيز على القطاع الزراعي والصناعة المرتبطة به
مثل صناعة الأعلاف وزيوت الطعام فضلا عن صناعات البتروكيماويات والغزل والنسيج والملابس الجاهزة بالإضافة الطاقة الجديدة والمتجددة والتعدين وصناعة الدواء المرتبطة بالنباتات الطبية
وهو ما بداته فعليا الحكومة المصرية علي ارض الواقع من خلال خطوات ملموسة وقد ساهم البنك المركزي المصري في تطوير تلك الصناعات من خلال التنسيق مع الحكومة بإطلاق مبادرات تمويلية للقطاعات الصناعية والزراعية ،
وسيتم العمل علي المزيد من تفعيل تلك المبادرات وتقرير مجموعة من حزم اقتصادية تحفيزية لتحقيق نتائج يعود مردودها الإيجابي علي الاقتصاد وبالتالي علي المواطن المصري.
وفي سياق متصل فان أحد أهم الحلول لتقيل تداعيات التغيرات العالمية على الاقتصاد المصري هو زيادة المصادر المستدامة من العملة الأجنبية، بدلًا من الاعتماد على الاستثمارات غير المباشرة كأدوات الدين
مع العمل على جذب استثمارات أجنبية مباشرة وتحسين أوضاع ميزان الحساب الجاري، والذي يشتمل على الميزان التجاري للصادرات والواردات كأحد أبرز مصادره،
بالإضافة إلى تحويلات العاملين في الخارج وإيرادات قناة السويس ، فضلا عن أن السياحة من أهم مصادر النقد الأجنبي لذا يجب ان يتم الوسع والتنويع في جذب سائحين من دول أخري بخلاف روسيا وأوكرانيا وعدم الاعتماد على السياحة الترفيهية فقط والتوسع في السياحة الدينية والعلاجية وسياحة المؤتمرات من خلال خطة عاجلة على المدى القريب.
تابع أحدث الأخبار الخاصة بالأموال والأقتصاد من خلال موقعنا سبيد نيوز Speed News