فى اجتماعها الذي عقد يوم الخميس 21 نوفمبر 2024، قررت لجنة السياسة النقدية للبنك المركزي المصري الإبقاء على أسعار العائد الأساسية دون تغيير. حيث تم تحديد سعر عائد الإيداع لليلة واحدة عند 27.25%، وسعر عائد الإقراض لليلة واحدة عند 28.25%، وسعر العملية الرئيسية للبنك المركزي عند 27.75%. كما تقرر الإبقاء على سعر الائتمان والخصم عند 27.75%. ويأتي هذا القرار بناءً على أحدث المستجدات والتوقعات على الصعيدين العالمي والمحلي منذ الاجتماع السابق للجنة.
التطورات العالمية والمحلية
على الصعيد العالمي، ساهمت السياسات النقدية التقييدية التي اتبعتها اقتصادات الأسواق المتقدمة والناشئة في انخفاض التضخم بشكل عام. وفي ضوء هذه التطورات، بدأت بعض البنوك المركزية في خفض أسعار العائد تدريجيًا، مع الإبقاء على المسار النزولي للتضخم للوصول به إلى المستويات المستهدفة. ورغم استقرار معدل النمو الاقتصادي عالميًا، فإن آفاق النمو تظل عرضة لبعض المخاطر، مثل تأثير السياسات النقدية التقييدية على النشاط الاقتصادي، التوترات الجيوسياسية، واحتمالية عودة السياسات الحمائية. وعلى الرغم من زيادة التوقعات بانخفاض أسعار السلع الأساسية، خاصة الطاقة، إلا أن المخاطر الصعودية المحيطة بالتضخم تظل قائمة، حيث تظل أسعار السلع الأساسية عرضة لصدمات العرض مثل الاضطرابات العالمية وسوء الأحوال الجوية.
أما على الصعيد المحلي، تشير المؤشرات الأولية للربع الثالث من عام 2024 إلى أن الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي قد نما بوتيرة أسرع مقارنة بالربع الثاني من نفس العام (2.4%). وتبين التوقعات للربع الرابع من 2024 أن النشاط الاقتصادي سيستمر في اتجاهه الصعودي، وإن لم يصل بعد إلى طاقته القصوى، وهو ما يدعم استمرار المسار النزولي للتضخم على المدى القصير. ومن المتوقع أن يشهد الاقتصاد تعافيًا بحلول السنة المالية 2024/2025. فيما يتعلق بمعدل البطالة، فقد ارتفع بشكل طفيف إلى 6.7% في الربع الثالث من 2024 مقابل 6.5% في الربع الثاني من العام نفسه، حيث لم تواكب وتيرة توفير فرص العمل معدلات نمو الوافدين الجدد إلى سوق العمل.
معدل التضخم في مصر
ظل التضخم السنوي العام مستقرًا بشكل عام للشهر الثالث على التوالي عند 26.5% في أكتوبر 2024، ويعود ذلك بشكل أساسي إلى ارتفاع أسعار السلع غير الغذائية المحددة إداريا مثل غاز البترول المُسال (أسطوانات البوتاجاز) والأدوية. وفي الوقت نفسه، انخفض التضخم الأساسي السنوي إلى 24.4% في أكتوبر 2024 مقارنة بـ 25.0% في سبتمبر 2024. كما تراجع التضخم السنوي للسلع الغذائية إلى 27.3% في أكتوبر 2024، وهو أدنى معدل له منذ عامين. تعكس هذه التطورات إلى جانب تباطؤ معدلات التضخم الشهرية تحسنًا في توقعات التضخم، واستمرار الاتجاه الهبوطي رغم تأثره بالإجراءات المالية العامة.
التوقعات المستقبلية للتضخم
من المتوقع أن يستمر التضخم في الاستقرار عند مستوياته الحالية حتى نهاية عام 2024، رغم بعض المخاطر الصعودية مثل استمرار التوترات الجيوسياسية، وعودة السياسات الحمائية، وكذلك التأثيرات غير المتوقعة لإجراءات ضبط المالية العامة. ومع ذلك، من المتوقع أن يشهد معدل التضخم انخفاضًا ملحوظًا بدءًا من الربع الأول من 2025، نتيجة للتأثير التراكمي لقرارات التشديد النقدي، بالإضافة إلى التأثير الإيجابي لفترة الأساس.
موقف لجنة السياسة النقدية
في ضوء التطورات المحلية والعالمية، ترى اللجنة أن إبقاء أسعار العائد الأساسية دون تغيير يعد قرارًا مناسبًا حتى يتحقق انخفاض ملموس ومستدام في معدل التضخم. وستستمر اللجنة في اتباع نهج قائم على البيانات لتحديد مدة التشديد النقدي المناسب، بناءً على تقديراتها لتوقعات التضخم وديناميكيات التضخم الأساسية، وكذلك فعالية آلية انتقال السياسة النقدية. كما ستواصل اللجنة متابعة التطورات الاقتصادية والمالية عن كثب وتقييم آثارها على التوقعات الاقتصادية، ولن تتردد في استخدام جميع الأدوات المتاحة لديها للحد من الضغوط التضخمية.