على هامش المؤتمر الاقتصادي، المنعقد في الفترة من 23 – 25 من الشهر الجاري، أشار حسن عبد الله محافظ البنك المركزي المصري، ان المركزي يسعى خلال الفترة الحالية، نحو تغيير بعض الثقافات الموروثة والفكر بشأن ارتباط الجنيه بالدولار، في خطوة هي الأولى في نوعها، وذلك من خلال تبني مؤشر جديد للجنيه المصري، يستهدف قياس قيمته مقابل سلة من العملات وعناصر أخرى، أهمها الذهب، على خلفية التذبذبات الحادة الشديدة للجنيه امام الدولار الأمريكي منذ قيام الفيدرالي الأمريكية، برفع أسعار الفائدة الأمريكية في21 من مارس الماضي، حيث فَقدَ الجنيه المصري نحو 25٪ من قيمة، من 15.7جنيه للدولار الواحد في 21 مارس إلى نحو 19.68حنيه حالياً، على خلفية الإجراءات التي اتخذه المركزي للدفاع على العملة الوطنية، مما كان له آثار جانبية شديدة الأثر.
من ناحية أخرى ، فان تقلبات الجنيه امام بعض العملات الأخرى، كانت اقل حدة، بالمقارنة بالتقلبات امام الدولار الأمريكي، حتى أن الجنيه المصري ارتفع امام بعض العملات الأخرى مثل الليرة التركية بواقع 100٪ وارتفع أيضا بشكل ملموس امام الجنيه الاسترليني خلال الأيام القليلة الماضية، على خلفية ان مصر أصبحت مركز إقليمي في الدول المُصدرة للغاز الطبيعي والبترول، مما دعا صانعي السياسة الاقتصادية والنقدية في مصر إلى السعي نحو ربط الجنيه بسلة عملات أخرى بما فيها الدولار الأمريكي، وبعض العناصر الأخرى، وأهمها الذهب.
كما أشار أيضا إلى إعطاء الضوء الأخضر للبنوك العاملة في مصر في البدء في انشاء صيغة وآليات العقود الآجلة وعرض استخدامها على المركزي للموافقة عليها بشكل فوري، حيث ستسمح تلك الالية للشركات المحلية بالمراهنة والتحوط ضد تقلبات اسعار الصرف من خلال استخدام عقود محلية غير قابلة للتسليم تسمى (NDF).
ويُعد إطلاق عقود مشتقات جديدة للعملة، احد الآليات لإطلاق العنان للسيولة في الأسواق المحلية، فضلا عن إتاحة الأدوات للتحوط ضد المخاطر الذي تتعرض لها العملة المحلية، خصوصا بعد انخفاض ملموس لقيمة الجنية المصري مقابل الدولار عند مستوى 19.7 جنيه للدولار الواحد.
ومن الجدير بالذكر، ان العقود الآجلة غير القابلة للتسليم ( NBFs) عبارة عن اتفاقيات بين أطراف متقابلة على شراء او بيع عملة معينة، ويتم من خلالها تحديد سعر محدد مسبقاً للعملة في المستقبل، بدون تبادل فعلي للعملة وقتياً، وعند الاستحقاق، يتم تحصيل الارباح او الخسائر عن طريق حساب الفرق بين سعر العقود الآجلة غير القابلة للتسليم من جهة ، وبين سعر السوق (الفوري) في ذات الوقت، من جهة أخرى.
والحقيقة، ان ألية عقود المشتقات المالية (العقود الآجلة ) تساهم في تحقيق التوازن بين العرض والطلب، وفي الوقت نفسه، تُعطي مرونة لسعر الطلب، وهي إحدى مطالب مجموعة البنك الدولي وصندوق النقد الدولي، لإصلاح الاقتصاد المصري، حيث سيستفيد البنك المركزي المصري والبنوك العاملة في مصر، من تفعيل آليات المشتقات المالية على الجنيه المصري، من خلال معرفة كميات العرض والطلب في السوق، مما يُمكن البنك المركزي المصري من وضع الدراسات المستقبلية للسياسة النقدية يشكل واضح، وبما يسهم في توفير مرونة كافية لسعر الصرف والقضاء على فكرة الدولرة والقضاء جزئيا على السوق السوداء للعملة الأجنبية.
على جانب اخر، فإن لهذه الالية بعض التداعيات السلبية، والتي تظهر عند انخفاض العملة المحلية يشكل شديد، في ظل استمرار التوترات الجيوسياسية والأزمات المالية العالمية على المشهد الاقتصادي العالمي.
بقلم / دكتور رمزى الجرم
الخبير المصرفى