في 23 أغسطس 2024، أعلنت وزارة السياحة والآثار عن نجاح البعثة الأثرية المصرية التابعة للمجلس الأعلى للآثار، والتي تعمل في معبد بوتو بتل الفراعين في محافظة كفر الشيخ، في الكشف عن أول وأكبر مبنى لمرصد فلكي يعود إلى القرن السادس قبل الميلاد.
هذا المرصد، المبني من الطوب اللبن، كان يستخدم لرصد وتسجيل الأرصاد الفلكية وحركة الشمس والنجوم في المعبد الموجود بالمدينة. يأتي هذا الكشف في إطار توجيهات السيد شريف فتحي، وزير السياحة والآثار، بالاهتمام بالبعثات الأثرية المصرية وتعزيز قدرتها على الكشف عن المزيد من أسرار الحضارة المصرية العريقة.
مرصد فلكي من القرن السادس
وأشاد الدكتور محمد إسماعيل خالد، الأمين العام للمجلس الأعلى للآثار، بالجهود التي بذلتها البعثة الأثرية المصرية ونجاحها في إزاحة الستار عن هذا الكشف الأثري الهام، والذي يؤكد براعة المصري القديم في علوم الفلك منذ أقدم العصور. ويُظهر هذا الكشف كيفية تحديد التقويم الشمسي ومواعيد الشعائر الدينية والرسمية مثل تتويج الملوك والسنة الزراعية، إلى جانب تسليط الضوء على التقنيات الفلكية التي استخدمها المصري القديم رغم بساطة الأدوات المتاحة.
أثناء أعمال الحفائر داخل المرصد، عثرت البعثة على ساعة شمسية حجرية منحدرة، والمعروفة بساعة الظل المنحدرة، وهي من أبرز أدوات قياس الوقت في العصور القديمة. يتكون المبنى الخاص بالساعة من مدماك مستقيم منتظم من بلاطات الحجر الجيري بطول 4.80 متر، يعلوه خمسة كتل مستوية من الحجر الجيري، منها ثلاث كتل رأسية واثنتان أفقيتان. يُعتقد أن هذه الكتل كانت تحتوي على خطوط مائلة تستخدم لقياس ميول الشمس والظل ورصد حركتها خلال ساعات النهار.
وأشار الدكتور أيمن عشماوي، رئيس قطاع الآثار المصرية بالمجلس الأعلى للآثار، إلى أن مبنى المرصد المكتشف يُعد أكبر مرصد فلكي يعود إلى القرن السادس قبل الميلاد، حيث تبلغ مساحته الإجمالية حوالي 850 مترًا مربعًا. تم الكشف عنه في الركن الجنوبي الغربي لمنطقة المعابد، ويتميز تصميمه المعماري بمدخل من الشرق حيث شروق الشمس، وصالة أعمدة وسطى مفتوحة على شكل حرف (L) تتقدمها جدار ضخم ومرتفع من الطوب اللبن يشبه طراز الصروح المصرية المعروفة في مداخل المعابد.
كما تم العثور على كتلة حجرية مثبتة في أرضية صالة دائرية الشكل، وإلى شمالها وغربها كتلتين حجريتين دائرتين لأخذ القياسات الخاصة بميول الشمس. وعُثر أيضًا على خمس غرف من الطوب اللبن يُعتقد أنها كانت تستخدم لحفظ أدوات المبنى، بالإضافة إلى أربع غرف صغيرة من الطوب اللبن وغرفة حجرية صغيرة تمثل برج المرصد. كما وُجدت صالة كبيرة نسبيًا جدرانها الثلاثة مغطاة بالملاط الأصفر، مزينة ببعض المناظر وبقايا رسوم لمركب طقسي عليها ثمانية مقاصير، ومن الخلف بقايا مجاديف، ومن الأمام بقايا رسم لرأس الصقر حورس وعين أوجات التي تجسد أنظمة الكون المرتبطة بالشمس والقمر والمعبود حورس والمعبودة واجيت، أهم معبودات بوتو.