استطاعت الدولة المصرية على مدى ثمان سنوات أو نحو ذلك، بناء مصر الجديدة بعد ثورة 30 يونيو 2013، ومواجهة كافة التحديات والعقبات التي كانت تحول دون بناء دولة عصرية حديثة بمعنى الكلمة،
فتم السير قُدماً في كافة الاتجاهات وعلى كافة الأصعدة، بتضافر كافة أجهزة الدولة المختلفة، مدعومة بظهير شعبي قوي، لديه اصرار على حماية وطنه من اي تداعيات قد تقف في سبيل تقدم هذا البلد،
فتحمل الشعب الأبي، كافة التداعيات السلبية لقرار تعويم الجنيه، ثقةً منه، من القيادة السياسية التي لا تدخر اي جهد في سبيل اعلاء مصلحة البلاد مهما كانت التضحيات.
على الجانب الآخر الأكثر أهمية، كان لدى الدولة قناعة أكيدة في قلع جذور الإرهاب الاسود، الذي كان يقف عائقاً في سبيل اي تطور على كافة الأصعدة، فقد سجل الجيش المصري والشرطة المصرية، ملحمة بطولة وفداء،
ادت إلى تغيير المشهد الأمني بشكل غير مسبوق، رغم التضحيات الكبيرة، لتهئية البيئة المتاحة لتنفيذ اكبر عملية اصلاح اقتصادي وهيكلي للاقتصاد المصري، والذي تزامن مع توفير بيئة مواتية لتدفق الاستثمارات الأجنبية بشكل كبير،
بفضل تحسين البنية التحتية في كافة المجالات، وعلى اولوياتها، تحسين بيئة المرافق الأساسية من طرق وكباري وكهرباء واتصالات وتكنولوجيا المعلومات،
وإصدار قانون جديد للاستثمار، يراعي حقوق والتزامات المستثمريين الأجانب، ودون تمييز بينهم وبين المستثمر الوطني، واقرار حزمة من الحوافز والضمانات التي تكفل حقوق المستثمريين،
فضلا عن انشاء مجموعة كبيرة من المشروعات القومية العملاقة في كافة المجالات، وبصفة خاصة في مجال الأغذية والأمن الغذائي،
مثل مزرعة غليون والاستزراع السمكي في الساحل الشمالي، وإنشاء مدن جديدة تستوعب الزيادة السكانية، فتم انشاء العاصمة الادارية الجديدة ومدينة العلمين الجديدة،
كأحد اكبر المدن الجديدة من فئة الجيل الرابع، تشتمل على مساكن لكافة الفئات وبالتقسيط المباشر أو من خلال التمويل العقاري على آجال طويلة نسبياً،
مما يتيح فرص عمل جديدة، كأحد الآليات لمواجهة مشكلة البطالة، بالاضافة الى زراعة نحو مليون ونصف المليون فدان في الضبعة، لزيادة وتيرة الأمن الغذائي من المحاصيل الأساسية.
والحقيقة، أن الدولة المصرية، كان لديها اصرار قوي، لتغيير المشهد نحو الافضل، والذي أدى الى تحقيق معدلات نمو غير مسبوقة، حتى في ظل أزمة كورونا، والازمة الروسية الاوكرانية،
وزيادة قيمة الاحتياطيات الدولية بالعملات الأجنبية لدى البنك المركزي المصري لييغطي 5 شهور من استيراد السلع الأساسية والاستراتيجية ،
واستقرار سوق صرف النقد الاجنبي، وكبح جماح التضخم ليصل لأقل من 5٪ قبل الأزمة الحالية، وحتى في ظل معدل تضخم 13٪ حالياً، فإنه يعتبر معدل مقبول في ظل ارتفاع معدلات التضخم العالمية،
بعد تسجيل معدل تضخم يجاوز 30٪ في عام 2014، ومازال البناء مستمر، ومازالت مواجهة التحديات مستمرة على كافة الاوجه،
وستظل مصر عزيزة بشعبها وقائدها وحراس الدولة المصرية من جيش وشرطة ومؤسسات تعمل من أجل البناء والتعمير، ورفاهية المواطن المصري.
وعلى الرغم الأزمات المالية المُتتالية والمُتصاعدة، الا أن الوضع الاقتصادي الحالي افضل، بالمقارنة بالفترة من 2011 وحتى 2014، والذي وصل فيه الاحتياطي النقدي طرف البنك المركزي الى 16.69 مليار دولار،
وبما لا يكفي للاستيراد لنحو 3.3 شهر، وعجز كلي تجاوز 13.7٪ ومعدل الدين العام لنحو 87.1٪ من الناتج المحلي الإجمالي، مما انعكس بشكل كبير على عدم جذب استثمارات اجنبية جديدة،
بل وخروج المزيد من الاستثمارات الاجنبية المباشرة بشكل كبير، مما كان له إنعكاسات سلبية على كافة المؤشرات الكلية للاقتصاد المصري في تلك الفترة.
بقلم /دكتور رمزي الجرم
الخبير الأقتصادي