أصبحت مدينة شرم الشيخ بمحافظة جنوب سيناء، واحدة من أشهر المدن السياحية في العالم، لما تتمتع به من مقومات طبيعية ليس لها مثيل، لذا وقع عليها الاختيار لتستقبل مؤتمر المناخ لعام 2022.
ويعتبر مؤتمر المناخ بشرم الشيخ 2022، هو الأكبر في تاريخ مدينة السلام شرم منذ نشأتها، ومن المقرر عقد قمة المناخ، نوفمبر المقبل، بمشاركة 40 ألف مشارك من مختلف الجنسيات يتناقشون في قضايا تتعلق بالمناخ والتغيرات المناخية وتأثيرها على الحياة
وقد صرح رئيس الوزراءخلال زيارته لمدينة شرم الشيخ في الأيام القليلة الماضية، إن إجمالي عدد الراغبين بالمشاركة في قمة المناخ COP27 هذا العام يساوي تقريبا ضعف أعداد المشاركين في قمة المناخ خلال العامين السابقين.و أن هذه الأعداد الكبيرة تعكس سمعة مصر الطيبة وقدرتها على استضافة وتنظيم مثل هذه الفعاليات المهمة.
وقد اوضح المحافظ أنه جرى تنفيذ عدد 27 مشروعاً بمدينة شرم الشيخ، جاهزا للافتتاح نهاية الشهر الجاري، مشيرا إلى أنه جرى تنفيذ 10 كباري ومحاور رئيسية في المدينة لتسهيل الحركة المرورية خلال فترة انعقاد قمة المناخ وتابع أنه جرى إقامة 13 ميدانا في كل أنحاء المدينة لتصبح إضافة قوية للمدينة، بالإضافة إلى المشروعات الذكية التي جرى تنفيذها استعدادا لاستضافة القمة الـ 27 للمناخ، وهي «مجلس مدينة شرم الشيخ الذكي، الحديقة المركزية الذكية، مركز الرصد الأمني، مركز السيطرة الذكي.
بعد أن جرى إنشاء 8 محطات غاز طبيعي لتموين السيارات، جرى إنشاء 13 محطة شحن السيارات والأتوبيسات بالكهرباء منها واحدة مخصصة على مساحة 100 ألف متر مربع لشحن الاتوبيسات بالكهرباء وتسع 140 أتوبيسا، والباقي 12 نقطة موزعة على أماكن انتظار السيارات بشرم الشيخ
وتعد مصر من أكثر الدول المعرضة للمخاطر الناتجة عن تأثيرات التغيرات المناخية ، على الرغم من أنها من أقل دول العالم إسهاما فى انبعاثات غازات الاحتباس الحرارى عالميا، بنسبة 0.6% من اجمالى انبعاثات العالم، طبقا للبيانات الوادرة بالإبلاغ الأخير لمصر حول حجم انبعاثات الغازات المسببة للاحتباس الحرارى، والذى تم فى إطار قيام مصر بتنفيذ اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية لتغير المناخ التى وقعت عليها مصر عام 1994، وكذلك بروتوكول كيوتو، الذى قامت مصر بالتصديق عليه عام 2005، ويتضمن تقديم تقارير الإبلاغات الوطنية من كل الدول الموقعة على الاتفاقية كل 5 أعوام.
وقد حدد جهاز شئون البيئة، التابع لوزارة البيئة، فى تقريره حول حالة البيئة
9 مخاطر أساسية للتغيرات المناخية تتعرض لها مصر
1- زيادة أو انخفاض درجة الحرارة عن معدلاتها الطبيعية، حيث سجل البنك الدولى فى 2017، أن عام 2016، هو أشد الأعوام حرارة منذ بداية تسجيل درجات الحرارة، نتيجة ارتفاع درجة حرارة الأرض 1.2 درجة مئوية فوق مستويات ما قبل الثورة الصناعية .
2- ارتفاع منسوب مستوى البحر وتأثيراته على المناطق الساحلية، حيث أنه من المتوقع زيادة مستوى سطح البحر 100 سنتيمتر حتى عام 2100، والذي سيؤدى إلى دخول المياه المالحة على الجوفية وتلوثها، وتملح التربة وتدهور جودة المحاصيل وفقدان الإنتاجية.
3- زيادة معدلات الأحداث المناخية المتطرفة، مثل “العواصف الترابية، موجات الحرارة والسيول، وتناقص هطول الأمطار ” .
4 – زيادة معدلات التصحر.
5- تدهور الإنتاج الزراعى وتأثر الأمن الغذائى.
6- زيادة معدلات شح المياه، حيث تم رصد حساسية منابع النيل لتأثيرات التغيرات المناخية
7- سيؤثر تغير المناخ على نمط الأمطار فى حوض النيل، ومعدلات البخر بالمجارى المائية، وخاصة بالأراضى الرطبة.
8- تدهور الصحة العامة، حيث تؤثر التغيرات المناخية بشكل مباشر على الصحة عند حدوث عواصف أو فيضانات، وارتفاع درجات الحرارة، وبشكل غير مباشر من خلال التغيرات الحيوية لمدى انتشار الأمراض المنقولة بواسطة الحشرات ، كما أن مصر معرضة بسبب ارتفاع درجة حرارتها الزائد عن معدلاتها الطبيعية، بانتشار أمراض النواقل الحشرية مثل: الملاريا، الغدد الليمفاوية، وحمى الضنك، حمى الوادى المتصدع.
9-تدهور السياحة البيئية، حيث من المتوقع أن يؤدى ارتفاع مستوى سطح البحر إلى تآكل السواحل المصرية، وقد تتأثر الشعب المرجانية، وتؤدى الضغوط البيئية إلى زيادة ابيضاضها، كما تؤثر درجات الحرارة المرتفعة على ألوان وعمر الآثار والمنشآت التاريخية
الأهداف العامة للاستراتيجية الوطنية للتغيرات المناخية
تحقيق نمو اقتصادي مستدام، من خلال تحقيق تنمية منخفضة الانبعاثات في مختلف القطاعات.
زيادة مصادر الطاقة المتجددة والبديلة في مزيج الطاقة.
تعظيم كفاءة الطاقة.
تبني اتجاهات للحد من انبعاثات غازات الاحتباس الحراري.
بناء القدرات في ما يخص التكيف مع تغير المناخ .
تخفيف حدة الآثار السلبية المرتبطة بتغير المناخ، لحماية المواطنين من الآثار السلبية لهذه الظاهرة.
الحفاظ على الموارد الطبيعية والمساحات الخضراء.
تطوير البنية التحتية والخدمات المرنة في مواجهة تأثيرات تغير المناخ وأدوات الحد من مخاطر الكوارث .
تحسين حوكمة وإدارة العمل في مجال تغير المناخ
تحسين مكانة مصر في الترتيب الدولي الخاص بإجراءات تغير المناخ؛ لجذب المزيد من الاستثمارات وفرص التمويل المناخي.
تحسين البنية التحتية لدعم الأنشطة المناخية.
تعزيز شراكة القطاع الخاص في تمويل الأنشطة الخضراء.
تعزيز البحث العلمي ونقل التكنولوجيا وإدارة المعرفة ورفع الوعي لمكافحة تغير المناخ .
الجهود المصرية للتعامل مع قضية التغيرات المناخية
تتضمن خطة مصر لمواجهة التغيرات المناخية عدة محاور اهمها :
تبادل المعلومات للتوصل للأبعاد الحقيقية لظاهرة التغيرات المناخية وإنعكاساتها البيئية و التعاون مع المجتمع الدولى فى الحفاظ على نوعية البيئة.
الحد من مسببات التغيرات المناخية.
رفع الوعى العام بالظاهرة وأبعادها الاقتصادية والتعامل معها.
بناء القدرات، وتفعيل برامج المساعدات الدولية المالية والفنية ونقل التكنولوجيا.
وضع السياسات والبرامج اللازمة للتكيف مع تغيرات المناخ فى جميع القطاعات.
تفعيل برامج مشاركة الجمعيات والمنظمات غير الحكومية .
مصادر تمويل الأهداف الإستراتيجية
تتعدد مصادر تمويل أهداف الإستراتيجية والتى تعتمد فى معظمها على وفاء الدول المتقدمة بالتزاماتها المناخية وموازنة الدولة ومشاركة القطاع الخاص ، وهو ما يطلق عليه بالبنية التحتية للتمويل ، حيث تتكلف مشروعات التخفيف التى تتضمنها الإستراتيجية حوالى 211 مليار دولار ، حتى عام 2050 ، وذلك وفق حزمة الأولويات التى تم وضعها لعدد من المشروعات فى قطاعات الطاقة والنقل والزراعة والموارد المائية وقطاعات الدولة
جهود الحكومة لتعزيز الاقتصاد الأخضر
تتبنى الحكومة المصرية نهجًا تشاركيًا يشمل جميع أصحاب المصلحة المعنيين بما في ذلك القطاع الخاص والمجتمع المدني والأوساط الأكاديمية والبحثية وشركاء التنمية الإقليميين والعالميين:
– فقد تبنت وضع أطر السياسات، وتسهيل انتقال استثمارات كل من الحكومة والقطاع الخاص نحو الاقتصاد الأخضر وذلك إيمانًا منها بحقيقة أن لكل فرد دورًا نحو تحقيق التنمية المستدامة وتعزيز التعافي الأخضر من الوباء .
– تم إطلاق دليل معايير الاستدامة البيئية، بهدف جعل الخطة الاستثمارية خضراء، كما أطلقت مصر، كأول دولة في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، “سندات خضراء” بقيمة 750 مليون دولار، لتمويل المشروعات الخضراء خاصة في مجال النقل النظيف، ويستعد القطاع الخاص المصري لإطلاق “سندات خضراء خاصة” بقيمة تتراوح بين 120-200 مليون دولار .
– شارك الصندوق السيادي المصري في استثمارات في مشروعات تعزز الطاقة المتجددة، وخاصة الهيدروجين الأخضر، وإدارة الموارد المائية، وإدارة النفايات، وبما يتسق مع مبادرة صناديق الثروة السيادية “الكوكب الواحد”، فضلًا عن تشكيل لجنة وزارية لصياغة مجموعة من “الحوافز الاقتصادية” لتعزيز التحول الأخضر للقطاع الخاص في مصر .
– يتم تنفيذ عدة مشاريع لتعزيز قدرة مصر على التكيف مع تغير المناخ، منها مشروعات حماية السواحل الشمالية من ارتفاع منسوب البحر، مشروع تأهيل وزراعة 1.5 مليون فدان لتحقيق الأمن الغذائي وتعويض تدهور وتآكل الأراضي في دلتا النيل، إلى جانب مشروع إعادة تأهيل وتجديد الشبكة القومية لقنوات المياه، في إطار تحديث طرق الري التقليدية وتحسين كفاءة استخدام الموارد المائية .
– على الرغم من مساهمتها بنسبة 0.7٪ فقط من انبعاثات الغازات الدفيئة العالمية ، فإن مصر لا تدخر جهداً لتعزيز البرامج والمشروعات للتخفيف من انبعاثاتها، حيث قامت الحكومة بإطلاق “تعريفة التغذية للطاقة المتجددة”، لتشجيع القطاع الخاص على الاستثمار في هذا القطاع المهم، تضم مصر الآن أكبر محطة للطاقة الشمسية في العالم في بنبان بأسوان، والتي تم إنشاؤها من خلال شراكة متعددة الأطراف بين القطاعين العام والخاص لتوليد 2 جيجا وات من الكهرباء وخلق فرص عمل لائقة للمجتمع المحلي بأسوان. وتستضيف مصر كذلك أحد أكبر محطات الرياح في العالم بخليج السويس (جبل الزيت)، بسعة 300 توربين تغطي 100 كيلومتر مربع، وتولد طاقة إجمالية تبلغ 580 ميجاوات .
ماهى المكاسب لانعقاد قمة المناخ بجمهورية مصر العربية
تعد استضافة مصر للمؤتمر السابع والعشرين، للدول الأطراف فى اتفاقية الأمم المتحدة للتغيرات المناخية المعروف بـ (27 COPنهاية عام 2022،) له العديد من المكاسب المتوقعة على المستويات المحلية والدولية والبيئية والاقتصادية والسياسية.
المكاسب الاقتصادية
1-استضافة مصر للمؤتمر له مكسب على المستوى الاقتصادى، حيث سيساهم فى الترويج السياحي لمصر، وسيكون جاذبا للاستثمارات من شراكات دولية وإقليمية.
2- المؤتمر سيعمل على الترويج للصناعة والمنتجات المصرية والحرف والصناعة التقليدية، التى ستعرض على هامش المؤتمر.
المكاسب السياسية
1-على المستوى السياسى فاستضافة مصر للمؤتمر سيتم توظيفه للدفع بأولويات القضايا المصرية، على رأسها الأمن المائي المصرى، وكيفية تأثير تغير المناخ عليه.
2-كما سيساهم المؤتمر فى دعم الثقل الرئاسي والتواجد المصرى في المحافل الدولية الرئيسية ، وطرح مبادرات في مجال تغير المناخ والمياه، والآثار العابرة للحدود لجهود التكيف وخفض الانبعاثات.
3- استضافة مصر للمؤتمر، سيقوم ايضا بتعزيز العلاقة مع بعض من الشركاء الرئيسيين، وتوسيع مجالات التعاون، لتأكيد ثقل مصر وقدرتها على استضافة وإدارة المؤتمرات الدولية.
المكاسب الدولية
1-أما المكاسب على المستوى الدولى فمنها إتاحة الفرصة لإبرام شراكات، لتوفير مصادر تمويل إضافية من المنظمات الدولية لتمويل مشروعات للتصدي لتغير المناخ في مصر.
فضلا عما أوضحه رئيس الوزراء البريطاني الأسبق، ورئيس معهد توني بلير للتغير العالمي، توني بلير، إنه بعد استضافة مصر لقمة المناخ كوب 27، بات الوضع أكثر ثقة بقدرة أفريقيا على تعبئة التمويلات لقضايا المناخ رغم الحاجة لمزيد من الجهد الواجب بذله.
وذكر أن أحد الأسباب التي تعطي أهمية لرئاسة مصر لقمة المناخ هذا العام هو إطلاق المنصة الوطنية للمشروعات الخضراء برنامج “نُــوَفِّي”، وهي إحدى أكثر المنصات الجاذبة المثيرة للاهتمام والتي تحدث تغيرًا في التصدي للتغيرات المناخية باعتبارها هدفًا طموحًا والأكثر من ذلك أنها عملية وقابلة للتطبيق في مجال العمل المناخي.
ويعد “نُــوَفِّي” برنامجًا وطنيًا ومنهجًا إقليميًا للربط بين القضايا الدولية للمناخ وقضايا التنمية، مع حشد التمويل الإنمائي الميسر لحزمة من المشروعات التنموية الخضراء ذات الأولوية بقطاعات الغذاء والمياه والطاقة في إطار إستراتيجية مصر الوطنية الشاملة للمناخ 2050
وكل ماتم ذكره من مكاسب يرسخ مفهوم كيان الدولة المصرية القادرة على توفير الامن و الامان لضيوفها لتمتع البلاد من أستقرار فى الاوضاع الامنية و السياسية ويبشر الى أن مصرنا الحبيبة ماضية على طريق التنمية الصحيح .
بقلم / دكتور محمد الشوربجي
الخبير المصرفى