يناقش مجلس الشيوخ خلال جلسته العامة اليوم الأحد ملف الذكاء الاصطناعي، حيث يتم استعراض تقرير اللجنة المشتركة من لجنة الشباب والرياضة ومكاتب لجان التعليم والبحث العلمي، والاتصالات وتكنولوجيا المعلومات، والطاقة والبيئة والقوى العاملة، والصناعة والتجارة والمشروعات المتوسطة والصغيرة ومتناهية الصغر حول موضوع “الشباب والذكاء الاصطناعي – الفرص والتحديات”.
يشير التقرير إلى أن العالم يشهد تحولات عديدة في مختلف المجالات السياسية والاقتصادية والعسكرية والاجتماعية، مما أدى إلى بروز مصطلحات التحول الرقمي والذكاء الاصطناعي كجزء رئيسي من هذه التحولات. التحول الرقمي لم يعد رفاهية بل أصبح ضرورة، خاصة بالنسبة للمؤسسات والهيئات التي تتعامل مباشرة مع الجمهور، وتسعى إلى تطوير خدماتها وتسهيل وصولها للمواطنين. التحول الرقمي يشمل استخدام التطبيقات التكنولوجية كمنهج وأسلوب عمل يجمع المؤسسات الحكومية، مما يسهم في تقديم الخدمات بشكل أسهل وأسرع. كما أن تطورات الذكاء الاصطناعي ستأتي بتغيرات كبيرة في مجالات عدة، مثل الأسواق، والمدارس، والمناهج التعليمية، وعلاقات الأفراد.
مستقبل الذكاء الاصطناعي
وتابع التقرير: إذا أردنا مقارنة مشابهة بين ما يحدث الآن وما سيحدث في المستقبل تحت تأثير هيمنة الذكاء الاصطناعي، يمكننا العودة بالذاكرة إلى ما قبل خمسين عامًا ومقارنة وضع العالم آنذاك بوضعه الحالي. هكذا ستكون المقارنة بين يومنا واليوم التالي لهيمنة الذكاء الاصطناعي. من المتوقع أن يؤدي هذا التحول إلى خروج مجموعة من البشر من دائرة النشاط الاقتصادي، ويغير بعمق في العلاقات الاجتماعية ومنظومات القيم، ويتطلب تحولًا في المفاهيم والثقافة وسبل العيش، وليس فقط في التطبيقات. لذلك، فإن صياغة العهد الجديد أو الواقع الجديد ليست مهمة المهندسين والمبرمجين ورجال الأعمال وحدهم، بل هي مهمة المفكرين والمثقفين والسياسيين أيضًا.
وأضاف التقرير أن مصر اتخذت العديد من الإجراءات وبذلت جهودًا كبيرة لمواكبة هذه التطورات، إدراكًا منها لتأثير ذلك على مستقبل توظيف الشباب في القطاعات المختلفة. التحول التكنولوجي سيحدث طفرة كبيرة في مستقبل الوظائف، مما يتطلب العمل على تأهيل الكوادر الشابة القادرة على مواكبة التحول التكنولوجي وعملية الأتمتة. ورغم هذه الجهود، فإن هناك حاجة لمزيد من الآليات لتعزيزها.
واقترح التقرير حزمة من التوصيات للاستفادة من تطورات الذكاء الاصطناعي، منها تهيئة البيئة الداعمة لدخول عصر الذكاء الاصطناعي، سواء من خلال تحفيز القطاع الخاص للاستثمار في هذا المجال واستقطاب استثماراته، أو من خلال إعداد الكفاءات من الشباب للانخراط في هذا المجال عبر استحداث البرامج الأكاديمية والتدريبية، وكذلك عبر الابتعاث إلى الجامعات المتميزة في العالم في هذا المجال.
كما أوصى التقرير بالاستفادة من التحديات التي تواجه تطورات الذكاء الاصطناعي، بما يمنح الدولة فرصة لإعداد البنية الأساسية والمتطلبات الرئيسية لدخول عصر الذكاء الاصطناعي. على سبيل المثال، في مجال الرعاية الصحية، تتطلب المعايير الصارمة لضمان سلامة المرضى وتجزئة البيانات الصحية واللوائح المحيطة بها تحديات كبيرة. كذلك، تواجه الذكاء الاصطناعي تحديات تنظيمية حيث تفتقر حوكمة الذكاء الاصطناعي إلى السرعة والخبرة، مما قد يؤدي إلى تأخيرات في الموافقة على أدوات الذكاء الاصطناعي الجديدة.
وأشار التقرير إلى ضرورة توفير احتياجات الدولة من الطاقة لدخول عصر الذكاء الاصطناعي، إذ تشير التقديرات العالمية إلى أن الطاقة الحاسوبية اللازمة لدعم صعود الذكاء الاصطناعي تتسارع بمعدل نمو سنوي يتراوح ما بين 26-36%.
كما أوصى التقرير بإعداد استراتيجيات دقيقة وتفصيلية لجميع جوانب المخاطر الناجمة عن استخدامات الذكاء الاصطناعي، إذ تشير العديد من الدراسات إلى وجود تهديدات ومخاطر من بينها التلاعب في السجلات التاريخية واستخدام الذكاء الاصطناعي التوليدي في الاحتيال والسرقة، ونشر الأكاذيب والمعلومات المضللة عبر منصات التواصل الاجتماعي. لذلك، يجب اتخاذ التدابير اللازمة لحماية البيانات والمحتوى التاريخي وإنشاء إطار قانوني لاستخدامات الذكاء الاصطناعي.
واقترح التقرير أيضًا تبني رؤية دولية لإنشاء منظمة عالمية لمراقبة الذكاء الاصطناعي تحت مسمى “الوكالة الدولية للذكاء الاصطناعي”، على غرار الوكالة الدولية للطاقة الذرية، لتنسيق الجهود الدولية وتوحيد المبادئ الأخلاقية والمعايير الفنية لاستخدامات الذكاء الاصطناعي.
ومن ضمن التوصيات إنشاء جامعة للذكاء الاصطناعي تحمل اسم الرئيس عبد الفتاح السيسي، لتكون مركزًا لتأهيل الكوادر الشابة في هذا المجال المتقدم.