لا شك أن آليات الذكاء الاصطناعي بدأت تتسارع بوتيرة غير مسبوقة خلال الفترة القليلة الماضية على خلفية التطورات التي حدثت في ثورة الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات والتحول الرقمي والذي تتبناها كافة الدول على مستوى العالم ، حيث يساهم الذكاء الاصطناعي في زيادة الانتاجية من خلال توفير البيانات والمعلومات وايجاد الحلول الناجحة لمعالجة اي مشاكل قد تعوق العملية الانتاجية بكفاءة عالية وبتكلفة اقل، نتيجة توافر كافة وسائل تكنولوجيا المعلومات اللازمة للمعرفة الجيدة بطرق ووسائل الانتاج الحديثة. ومن من أهم إنجازات الذكاء الاصطناعي في المجال المالي في المستقبل ، انه يوفر المعلومات والبيانات الدقيقة والتي يتم استخدامها للتخطيط المستقبلي على كافة المراحل ، واختيار أفضل البدائل المتاحة وفقا للعائد والتكلفة وبسرعة كبيرة.
ولا يخفى عن البيان ، ان آليات الذكاء الاصطناعي، باتت تغطي وتستوعب كافة المجالات الاقتصادية المختلفة ، الا ان من بين تلك المجالات ، قد يحدث بها قفزة واسعة خلال السنوات المقبلة وسيتم استخدامه في تلك المجالات على نطاق واسع، على سبيل المثال لا الحصر، تحسين إنتاجية المحاصيل الزراعية وتقديم حلول غير تقليدية مستدامة في قطاع الزراعة ، فضلا عن الطفرة التي سَيُحدثها في قطاع النقل من خلال استخدام السلامة والكفاءة معا ، بالإضافة الى تطوير نظم التعليم المختلفة ، من خلال تبني سياسة التعليم العميق وتطوير الخوارزميات والتطوير المستمر في مجال الصناعة واستخدام تحليل البيانات والروبوتيات والتطور في مجال تكنولوجيا المعلومات في تخفيض نفقات الانتاج والتشغيل.
على جانب اخر ، فإن الذكاء الاصطناعي ستكون له تداعيات سلبية على بعض المهن ، من اهم المهن التي ستتأثر سلبا، طبقة العمالة الماهرة، نظرا لإستبدالها بروبوتيات، وكذا طبقة العمالة الروتينية ، وهذا سيؤدي إلى تفاقم الفجوة الاقتصادية والاجتماعية وزيادة معدلات البطالة. وفي مرحلة متقدمة، سوف تكون التداعيات السلبية اكثر من ذلك، وعلى غالبية المهن، مثل : الطب والتعليم والصحة والصناعة والزراعة ، ولن يتبقى سوى المهن التي تحتاج الى أعمال مادية ملموسة، والتي لا يمكن استبدالها ببدائل أخرى ، على سبيل المثال لا الحصر: مهندسي وعمال الشبكات الكهربائية واعمال الصرف الصحي وتوصيل وصلات المياة واعمال الحفر والبناء والتشييد وغيرها، وهذا سيفرض على أصحاب الكثير من تلك المهن التي ستتأثر سبيل، من انتهاز المزيد من الفرص الجديدة وزيادة الاعتماد على اخر التطورات فيما يتعلق بثورة الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات، وتصميم واجهة الإنسان والآلة ومعالجة اللغة الطبيعية والسرعة في إنجاز الأعمال بسرعة.
وبشكل عام ،فإن الذكاء الاصطناعي؛ مثله كمثل اي شئ ، له إيجابياته وسلبياته، تتمثل الإيجابيات في تطوير نظم الانتاج والتشغيل في كافة القطاعات الاقتصادية بلا استثتاء، وتوفير المزيد من نفقات الانتاج التي كانت تتعلق بجمع وتحليل البيانات والمعلومات والوصول إلى أفضل الممارسات في كافة الصناعات، أماالسلبيات، فتتمثل في القضاء على الكثير من الوظائف، مما يؤدي إلى زيادة معدلات البطالة بشكل مخيف، اذا لم تُسارع الحكومات في الاقتصادات المختلفة نحو التخفيف من حدة ذلك ، بإستخدام التأهيل والتعليم على فنون الانتاج الجديدة ، فضلا عن تأثير التطور غير المسبوق في مجالات الذكاء الاصطناعي في التعدي على الخصوصية للافراد والكيانات الاقتصادية من خلال الاطلاع على كل ما يتعلق بمعلومات عن الغير بسهولة بالغة.
بقلم /دكتور رمزى الجرم
الخبير المصرفى