تبرز أهمية وجود موانئ الحاويات، في ظل التوترات الجيوسياسية التي تجتاح الاقتصادات العالمية في الفترة الأخيرة، فهي قادرة على تخفيف حدة الإضطرابات الحادثة في سلاسل الإمداد العالمية ، والتي تصاعدت بشكل غير مسبوق منذ جائحة كورونا، والتي أدت الى اضطراب شديد لإنشطة التجارة الدولية، والتي خلقت اختناقات شديدة لتؤثر بشكل كبير على سلاسل الإمداد ،مما يعظم تكاليف النقل والشحن ، فضلا عن التأخير في تسليم البضائع، وما يترتب على ذلك من فساد بعض البضائع سهلة التلف، والذي يدفع بزيادة نفقات التشغيل والنفقات الأخرى المرتبطة.
وتأتي موانئ الحاويات ، والتي تعتبر مراكز للتجارة الدولية والتي تبرز أهميتها الحيوية فيما يمكن أن تساهم فيه في حماية التجارة العالمية وتخفيف حدة التوترات الحادثة على مشهد التجارة الدولية ،خصوصا اذا ما علمنا ان صناعة الشحن البحري تسيطر على أكثر من 90٪ من التجارة العالمية، ومن المتوقع ان تتضاعف بحلول العام 2050 ، كما تسيطر أكبر عشرة دول على نحو 9.3٪ من الاقتصاد العالمي، حيث تعتبر الصين من الدول الرائدة في مجال الموانئ وشبكات الشحن البحري، كونها موطنا لأكبر موانئ الحاويات في العالم ، وقدرتها على ضخ استثمارات ضخمة في شبكة موانئ الاقتصادات المتقدمة والنامية على حد سواء ،مما يخلق نفوذا جيواقتصادي على الممرات البحرية، ولا يقتصر أهمية موانئ الحاويات على البعد الاقتصادي فحسب؛ ولكن يمتد للبعد العسكري والاستراتيجي.
وهذا ما دعا البنك الدولي من تبني مؤشر آداء موانئ الحاويات ،والذي يستخدم في قياس الكفاءة التشغيلية من حيث الوقت والجودة ،ومدى استغراق السفن في الرسو وسرعة مناولة البضائع، خصوصا في ظل تطور آليات التحول الرقمي ،لذا، نجد ان موانئ الحاويات ،باتت من الأمور التي لا غنى عنها للحفاظ على استقرار سلاسل الإمداد العالمية واستدامتها ، وبشكل خاص في طائفة الاقتصادات الناشئة التي من بينها الاقتصاد المصري.
بقلم / دكتور رمزى الجرم
الخبير المصرفى