موضوع خطبة الجمعة 10 مايو 2024..حددت وزارة الأوقاف، «التنمر والسخرية وأثرهما المدمر على الفرد والمجتمع» موضوع خطبة الجمعة الأولى من ذي القعدة 1445 هجريا.
موضوع خطبة الجمعة 10 مايو 2024
وأصدرت وزارة الأوقاف، تنبيها هاما لجميع الأئمة والخطباء، مشددة على أنه يمنع منعا باتا الدعوة إلى جمع أي تبرعات تحت أي مسمى على المنبر أو استخدامه لأي غرض أو تنبيه أو خلافه بالخروج على موضوع خطبة الجمعة.
وقال وزير الأوقاف الدكتور محمد مختار جمعة، اليوم:«يمنع منعا باتا الدعوة إلى جمع أي تبرعات تحت أي مسمى على المنبر أو استخدامه لأي غرض أو تنبيه أو خلافه بالخروج على موضوع خطبة الجمعة المحدد . ومن يخالف ذلك يمنع من صعود المنبر مع المساءلة القانونية أو التأديبية بحسب الأحوال».
وتابع: «مع التأكيد على عدم وضع أي صناديق لجمع المال بالمسجد أو ملحقاته أو محيطه مع اتخاذ الإجراءات اللازمة قانونيا تجاه كل من يخالف ذلك ، وعلى جميع السادة مديري المديريات والإدارات وأجهزة المتابعة والتفتيش بالوزارة أخذ هذا الأمر بمنتهى الجدية والحسم».
يأتي نص خطبة الجمعة المكتوبة من وزارة الأوقاف عن موضوع بعنوان:
التنمر والسخرية وأثرهما المدمر علي الفرد والمجتمع.. ونصها كما يلي:
الحمدُ للهِ ربِّ العالمين، القائلِ في كتابِهِ الكريمِ: {وَقُل لِّعِبَادِي يَقُولُوا الَّتِي هِيَ أَحْسَنُ ۚ إِنَّ الشَّيْطَانَ يَنزَغُ بَيْنَهُمْ ۚ إِنَّ الشَّيْطَانَ كَانَ لِلْإِنسَانِ عَدُوًّا مُّبِينًا}، وأشهدُ أنْ لا إلَهَ إلَّا اللهُ وحدَهُ لا شَريكَ لَهُ، وأشهدُ أنَّ سيدَنَا ونبيَّنَا مُحَمَّدًا عبدُهُ ورسولُهُ، اللهُمَّ صَلَّ وسلِّمْ وبارِكْ عليهِ وعلى آلِهِ وصحبِهِ ومَن تبعَهُم بإحسانٍ إلى يومِ الدينِ، وبعدُ:
فإنَّ التنمُّرَ يعنِي الانتقاصَ أو النظرَ بعينِ الاستصغارِ أو الاحتقارِ أو السخريةِ مِن الناسِ وذكرِ عيوبِهِم على وجهٍ ينالُ منهُم بالقولِ أو الفعلِ أو الإشارةِ أو الحركةِ، وهو خُلقٌ ذميمٌ يتنافَى مع الفطرةِ السليمةِ والأخلاقِ القويمةِ، لذلكَ شدَّدَ الشرعُ الحنيفُ على تحريمِهِ والتحذيرِ منهُ، حيثُ يقولُ الحقُّ سَبْحَانَهُ: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا يَسْخَرْ قَوْمٌ مِّن قَوْمٍ عَسَىٰ أَن يَكُونُوا خَيْرًا مِّنْهُمْ وَلَا نِسَاءٌ مِّن نِّسَاءٍ عَسَىٰ أَن يَكُنَّ خَيْرًا مِّنْهُنَّ ۖ وَلَا تَلْمِزُوا أَنفُسَكُمْ وَلَا تَنَابَزُوا بِالْأَلْقَابِ ۖ بِئْسَ الِاسْمُ الْفُسُوقُ بَعْدَ الْإِيمَانِ ۚ وَمَن لَّمْ يَتُبْ فَأُولَٰئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ}، فقد وصفَ الحقُّ سبحانَهُ مَن لمْ يَتُبْ مِن غمزِ ولمزِ الناسِ بأنَّهُ ظالمٌ، ويقولُ سبحانَهُ: {وَيْلٌ لِكُلِّ هُمَزَةٍ لُمَزَةٍ}، ويقولُ نبيُّنَا (صلواتُ ربِّي وسلامُهُ عليهِ): (بحسبِ امْرِئٍ مِن الشَّرِّ أنْ يَحْقِرَ أخَاهُ المسلمَ، كلُّ المسلمِ على المسلمِ حرامٌ، دمُهُ ومالُهُ، وعِرضُهُ).
ومِن أسوأِ أنواعِ السخريةِ، السخريةُ مِن غيرِ القادرينَ الذينَ ينفقونَ في حدودِ إمكاناتِهِم الماديةِ، يقولُ سبحانَهُ: {الَّذِينَ يَلْمِزُونَ الْمُطَّوِّعِينَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ فِي الصَّدَقَاتِ وَالَّذِينَ لَا يَجِدُونَ إِلَّا جُهْدَهُمْ فَيَسْخَرُونَ مِنْهُمْ ۙ سَخِرَ اللَّهُ مِنْهُمْ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ}.
إنَّ المسلمَ الحقَّ هو الذي يسلمُ الناسُ مِن أذَى لسانِهِ ويدِهِ، فلا يصدرُ منهُ إلَّا كلُّ خيرٍ ونفعٍ للناسِ، حيثُ يقولُ نبيُّنَا ﷺ:(المُسْلِمُ مَنْ سَلِمَ النَّاسُ مِنْ لِسَانِهِ ويده).
وللتنمُّرِ والسخريةِ أثرُهُمَا المدمِّرُ على الفردِ والمجتمعِ، فالشخصُ المتنمِّرُ والساخرُ مِن خَلقِ اللهِ يُغضِبُ ربَّهُ، ويفقدُ وقارَهُ عندَ الناسِ، ويُسقطُ عن نفسِهِ صفةَ المروءةِ، كمَا أنَّهُ مُنتَهِكٌ لحقوقِ الإنسانِ الذي كرَّمَهُ اللهُ (عزَّ وجلَّ) في القرآنِ الكريمِ، حيثُ يقولُ الحقُّ سبحانَهُ:{وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ وَحَمَلْنَاهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَرَزَقْنَاهُم مِّنَ الطَّيِّبَاتِ وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَىٰ كَثِيرٍ مِّمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلًا}، وهو ظالمٌ لِمَن تعرَّضَ لهُ أو سخرَ منهُ بمَا يسببُ لهُ مِن الحرجِ.
كمَا أنَّ هذا الخُلقَ الذميمَ يميتُ القلبَ، ويورثُهُ الغفلةَ حتى إذا كان يومُ القيامةِ ندمَ المتنمِّرُ على ما قدمتْ يداهُ ولاتَ ساعةَ مندمِ، حيثُ يقولُ الحقُّ سبحانَهُ:{أَن تَقُولَ نَفْسٌ يَا حَسْرَتَا عَلَىٰ مَا فَرَّطتُ فِي جَنبِ اللَّهِ وَإِن كُنتُ لَمِنَ السَّاخِرِينَ}، ويقولُ سبحانَهُ في أهلِ النارِ يومَ القيامةِ كما ذكرَ القرآنُ الكريمُ: {إِنَّهُ كَانَ فَرِيقٌ مِّنْ عِبَادِي يَقُولُونَ رَبَّنَا آمَنَّا فَاغْفِرْ لَنَا وَارْحَمْنَا وَأَنتَ خَيْرُ الرَّاحِمِينَ (109) فَاتَّخَذْتُمُوهُمْ سِخْرِيًّا حَتَّىٰ أَنسَوْكُمْ ذِكْرِي وَكُنتُم مِّنْهُمْ تَضْحَكُونَ (110) إِنِّي جَزَيْتُهُمُ الْيَوْمَ بِمَا صَبَرُوا أَنَّهُمْ هُمُ الْفَائِزُونَ}،ويقولُ سبحانَهُ:{ إِنَّ الَّذِينَ أَجْرَمُوا كَانُوا مِنَ الَّذِينَ آمَنُوا يَضْحَكُونَ (29) وَإِذَا مَرُّوا بِهِمْ يَتَغَامَزُونَ (30) وَإِذَا انقَلَبُوا إِلَىٰ أَهْلِهِمُ انقَلَبُوا فَكِهِينَ (31) وَإِذَا رَأَوْهُمْ قَالُوا إِنَّ هَٰؤُلَاءِ لَضَالُّونَ (32) وَمَا أُرْسِلُوا عَلَيْهِمْ حَافِظِينَ (33)}.
الحمدُ للهِ ربِّ العالمين، والصلاةُ والسلامُ على خَاتَمِ الأنبياءِ والمرسلينَ سيدِنَا مُحمدٍ ﷺ وعلى آلِهِ وصحبِهِ أجمعين.
لا شكَّ أنَّ التنمُّرَ والسخريةَ يدمرانِ العلاقاتِ والروابطَ الاجتماعيةَ القائمةَ على الأخوةِ والتوادِّ والتراحمِ، كمَا أنَّهُمَا يزرعانِ بذورَ العداوةِ والبغضاءِ ويورثانِ الأحقادَ والضغائنَ بينَ الناسِ، حيثُ يقولُ الحقُّ سبحانَهُ: {وَقُل لِّعِبَادِي يَقُولُوا الَّتِي هِيَ أَحْسَنُ ۚ إِنَّ الشَّيْطَانَ يَنزَغُ بَيْنَهُمْ ۚ إِنَّ الشَّيْطَانَ كَانَ لِلْإِنسَانِ عَدُوًّا مُّبِينًا}، ويقولُ نبيُّنَا ﷺ:(المُسْلِمُ أخو المُسلِم، لا يَظْلِمُهُ ولا يَخدُلُهُ، ولا يَحْقِرُهُ)، ويقولُ (صلواتُ ربِّي وسلامُهُ عليهِ):(لا تَقَاطَعُوا وَلا تَدَابَرُوا، وَلَا تَبَاغَضُوا، وَلَا تَحَاسَدُوا).
على أنَّ السخريةَ إذا كانتْ مِن أمرٍ جسدِيٍّ فإنَّهَا تحملُ تطاولًا على سننِ اللهِ (عزَّ وجلَّ) في كونِهِ وحكمتِهِ في خلقِهِ، وهو أمرٌ جدُّ خطيرٍ على دينِ المرءِ ومروءتِهِ.
اللهُمَّ ألفْ بينَ قلوبِنَا وأصلحْ ذاتَ بينِنَا .. واحفظْ مصرَنَا وارفعْ رايتَهَا في العالمين