موضوع خطبة الجمعة 15 مارس 2024.. يؤدى أئمة المساجد خطبة الجمعة اليوم تحت عنوان “رمضان شهر الطاعات”، وهو الموضوع الذى حددته وزارة الأوقاف فى وقت سابق، مشددة على الأئمة ضرورة الالتزام بموضوع الخطبة نصًا أو مضمونًا على أقل تقدير وألا يزيد زمن الخطبة عن 15 دقيقة، لتكون ما بين عشر دقائق وخمس عشرة دقيقة للخطبتين الأولى والثانية معا كحد أقصى، مع التأكيد على أن البلاغة الإيجاز، ولأن ينهى الخطيب خطبته والناس فى شوق إلى المزيد خير من أن يطيل فيملوا، وفى الدروس والندوات والملتقيات الفكرية متسع كبير.
موضوع خطبة الجمعة 15 مارس 2024
وكانت الوزارة حددت موضوعات خطب شهر رمضان 1445هــ
ثانيًا : خطب شهر رمضان 1445 هـــ
الجمعة الأولى: رمضان شهر الطاعات.
الجمعة الثانية: رمضان شهر الانتصارات.
الجمعة الثالثة: أعمال و فضائل العشر الأواخر من رمضان.
الجمعة الرابعة: صدقة الفطر وحق الله في المال .. أحكام ومقاصد.
موضوع خطبة الجمعة
الحمدُ للهِ ربِّ العالمين، القائلِ في كتابِهِ الكريمِ: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ارْكَعُوا وَاسْجُدُوا وَاعْبُدُوا رَبَّكُمْ وَافْعَلُوا الْخَيْرَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ}، وأَشهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ وحدَهُ لا شَريكَ لَهُ، وأشهدُ أنَّ سيدَنَا ونبيَّنَا مُحَمَّدًا عبدُهُ ورسولُهُ، اللَّهُمَّ صَلِّ وسلِّمْ وباركْ عليهِ، وعَلَى آلِهِ وصحبِهِ، ومَنْ تَبِعَهُمْ بإحسانٍ إلى يومِ الدِّينِ، وبعدُ:
فإنَّ شهرَ رمضانَ المباركِ شهرُ العطايَا والهباتِ والمنحِ والنَّفحاتِ والبركاتِ، فهو سيّدُ الشهورِ وأعظمُهَا، أيامُهُ خيرُ الأيامِ وأفضلُهَا، وليالِيه أشرفُ الليالِي وأطهرُهَا، شهرٌ تتزينُ الدنيَا كلُّهَا فرحًا بقدومِهِ، تُفتَّحُ فيهِ أبوابُ الجنانِ وتُغلَقُ فيهِ أبوابُ النيرانِ، حيثُ يقولُ نبيُّنَا ﷺ: (إذا جَاءَ رَمَضَانُ فُتِحَتْ أَبْوَابُ الجنَّةِ، وغُلِقَت أَبْوَابُ النَّارِ، وصُفّدتِ الشياطين).
والعاقلُ هو مَن يسارعُ ويسابقُ لينالَ النصيبَ الأوفَى مِن تلك النفحاتِ والبركاتِ فيكثرَ مِن فعلِ الطاعاتِ، حيثُ يقولُ الحقُّ سبحانَهُ: {فَاسْتَبِقُوا الخَيْرَاتِ}، ويقولُ نبيُّنَا ﷺ: (إنَّ لِرَبِّكم في أيَّامٍ دَهْرِكم نَفحاتٍ، أَلَا فَتَعَرَّضُوا لَهَا، لَعَلَّهُ أَنْ يُصِيبَكُمْ نَفْحَةٌ مِنْهَا فَلَا تَشْقَوْنَ بَعْدَهَا أَبَدًا).
ومِن أهمِّ الطاعاتِ في هذا الشهرِ الفضيلِ الصيامُ الذي هو سرٌّ بينَ العبدِ وربِّهِ لذلك اختصَّ اللهُ (عزَّ وجلَّ) بثوابِهِ، يقولُ نبيُّنَا ﷺ: (كُلُّ عَمَلِ ابْنِ آدَمَ يُضَاعَفُ الْحَسَنَةُ بِعَشْرِ أَمْثَالِهَا إِلَى سَبْعِمِائَةِ ضِعْفِ، قَالَ اللهُ تعالى: إِلَّا الصَّوْمَ، فَإِنَّهُ لِي، وَأَنَا أَجْزِى بهِ، يَدَعُ شَهْوَتَهُ وَطَعَامَهُ مِنْ أَجْلِي، وَلِلصَّائِمِ فَرْحَتَانِ: فَرْحَةٌ عِنْدَ فِطْرِهِ، وَفَرْحَةٌ عِنْدَ لِقَاءِ رَبِّهِ، وَلَخُلُوفُ فم الصائم عند الله أَطْيَبُ مِنْ ريح الْمِسْكِ)، ويقولُ ﷺ: (مَنْ صَامَ رَمَضَانَ إِيمَانًا وَاحْتِسَابًا غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ).
ومِن الطاعاتِ في هذا الشهرِ الكريمِ قيامُ الليلِ، فرمضانُ شهرُ الصيامِ والقيامِ، وقد سنَّ لنَا رسولُ اللهِ ﷺ صلاةَ التراويحِ في شهرِ رمضانَ، وأخبرَنَا أنَّهُ مِن أهمِّ موجباتِ المغفرةِ، فعَنْ أم المؤمنين عَائِشَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا: أَنَّ رَسُولَ اللهِ ﷺ صَلَّى ذَاتَ لَيْلَةٍ فِي المَسْجِدِ، فَصَلَّى بِصَلَاتِهِ نَاسٌ، ثُمَّ صَلَّى مِنَ القَابِلَةِ، فَكَثْرَ النَّاسُ، ثُمَّ اجْتَمَعُوا مِنَ اللَّيْلَةِ الثَّالِثَةِ أَوِ الرَّابِعَةِ، فَلَمْ يَخْرُجُ إِلَيْهِمْ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ، فَلَمَّا أَصْبَحَ قَالَ: قَدْ رَأَيْتُ الَّذِي صَنعْتُمْ، وَلَمْ يَمْنَعْنِي مِنَ الخُرُوجِ إِلَيْكُمْ إِلَّا أَنِّي خَشِيتُ أَنْ تُفْرَضَ عَلَيْكُمْ)، ويقولُ ﷺ: (مَنْ قَامَ رَمَضَانَ إِيمَانًا وَاحْتِسَابًا غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ).
ومِن الطاعاتِ الجليلةِ في رمضانَ تلاوةُ القرآنِ الكريمِ ومدارستُهُ، فهو شهرٌ نزلَ فيهِ القرآنُ الكريمُ، حيثُ يقولُ الحقُّ سبحانَهُ: {شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ}، وقد ربطَ نبيُّنَا ﷺ بينَ فضلِ الصيامِ وفضلِ القرآنِ في قولِهِ: (الصَّيَامُ وَالْقُرْآنُ يَشْفَعَانِ لِلْعَبْدِ، فَيَقُولُ الصِّيَامُ: أَيْ رَبِّ إِنِّي مَنَعْتُهُ الطَّعَامَ وَالشَّهَوَاتِ بِالنَّهَارِ فَشَفَعْنِي فِيهِ، وَيَقُولُ الْقُرْآنُ: مَنَعْتُهُ النَّوْمَ بِاللَّيْلِ فَشَفَعْنِي فِيهِ، فَيُشَفَّعَان)، وقراءةُ القرآنِ بابٌ عظيمٌ مِن الأجرِ، يقولُ ﷺ: (مَنْ قَرَأَ حَرْفًا مِنْ كِتَابِ اللهِ فَلَهُ بِهِ حَسَنَةٌ، وَالحَسَنَةُ بِعَشْرِ أَمْثَالِهَا، لَا أَقُولُ: أَلْم حَرْفٌ، وَلَكِنْ أَلِفٌ حَرْفٌ وَلَامٌ حَرْفٌ وَمِيمٌ حَرْفٌ).
******
الحمدُ للهِ ربِّ العالمين، والصلاةُ والسلامُ على خاتمِ الأنبياءِ والمرسلين سيدِنَا مُحمدٍ ﷺ وعلى آلِهِ وصحبِهِ أجمعين.
ومِن أفضلِ الطاعاتِ في هذا الشهرِ الفضيلِ الجودُ والسخاءُ، فقد كان نبيُّنَا ﷺ أَجْوَدَ النَّاسِ، وَكَانَ أَجْوَدَ مَا يَكُونُ فِي رَمَضَانَ حِينَ يَلْقَاهُ جِبْرِيلُ (عليهِ السلامُ)، وَكَانَ يَلْقَاهُ فِي كُلِّ لَيْلَةٍ مِنْ رَمَضَانَ فَيُدَارِسُهُ القُرْآنَ، فَكَان رَسُولُ اللَّهِ ﷺ أَجْوَدَ بِالخَيْرِ مِنَ الرِّيحِ المُرْسَلَةِ، ويقولُ ﷺ: (مَنْ فَطَّرَ صَائِمًا فَلَهُ مِثْلُ أَجْره، من غَيرِ أَن يُنقَصَ مِنْ أَجْرِ الصَّائِمِ شَيْء)، وهذه دعوةُ النبيِّ ﷺ لأهلِ الخيرِ في هذا الشهرِ الكريمِ: (يَا بَاغِيَ الخَيْرِ أَقْبل)، حتى لا يكونَ بينَنَا في رمضانَ جائعٌ ولا مسكينٌ ولا محتاجٌ إلّا قضينَا – متكاتفينَ – حوائجَهُم وأغنينَاهُم عن ذلِّ السؤالِ، في هذا الشهرِ الكريمِ.
كمَا أنَّ رمضانَ شهرُ البرِّ والصلةِ فلا مجالَ فيهِ للخصامِ أو الخلافِ أو المشاحنةِ، يسارعُ الناسُ فيهِ إلى الخيراتِ بصفةٍ عامةٍ، وإلى صلةِ الرحمِ والصلحِ بينَ الناسَ بصفةٍ خاصةٍ، وفي الحديثِ القدسِي: (أَنَا الرَّحْمَنُ خَلَقْتُ الرَّحِمَ، وَشَقَقْتُ لَهَا اسْمًا مِنَ اسْمِي، فَمَنْ وَصَلَهَا وَصَلْتُهُ، وَمَنْ قَطَعَهَا بتته)، ويقولُ ﷺ: (صلَةُ الرَّحِمِ وَحُسْنُ الجِوَارِ يعمرَانِ الدِّيَارَ وَيَزِيدَانِ فِي الْأَعْمَارِ).
اللهُمَّ أَعِنَّا على ذكرِكَ وشكرِكَ وحسنِ عبادتِكَ.