بقلم /دكتور أحمد شوقي
تسعي الدول لتوفير احتياجاتها بالاعتماد على مواردها الداخلية والتي قد لا تكون كافية بالشكل المطلوب على المدي قصر الاجل أو طويل الاجل ويجب الاخذ في الاعتبار ما تدره الموارد الداخلية في المدى القصير ومتوسط وطويل الآجل لتوفير احتياجاتها في المدي المطلوب،
وهناك صعوبة تواجه الحكومات لإحداث تناسق بين المدى الزمني لكل من الموارد الداخلية وتوفير احتياجاتها، وتلجأ الدول للاعتماد على الحصول على القروض من الهيئات والمؤسسات المحلية والدولية لإحداث التوافق الزمني لتوفير احتياجاتها.
وقد عانت مصر من تجاوز حجم الدين العام الدين ( الداخلي والخارجي) إجمالي الناتج المحلي الإجمالي خلال العام 2015/2016 ليصل الي 108% والذي كان من أكبر المشكلات التي تسعى الدولة لخفضها من خلال العديد من الإجراءات والمتمثلة في برنامج الإصلاح الاقتصادي،
من خلال وضع استراتيجية إدارة الدين العام لتنفيذها على المدى المتوسط ما بين 3-5 سنوات والموازنة بين عناصر التكلفة والمخاطرة لتلبية احتياجاتها المالية وسداد التزاماتها بأقل تكلفة ممكنة في ضوء دراسة المخاطر المحيطة.
وفي سبيل ذلك وضعت وزارة المالية، في عام 2015 -2020 استراتيجية متوسطة الأجل لإدارة الدين العام، عملت على تعديلها عام 2019، وتحديثها بنهاية 2020 في ظل انتشار فيروس كورونا بالتعاون مع كل من البنك الدولي وصندوق النقد الدولي،
من خلال وضع مستهدفات جديدة لاستراتيجية إدارة الدين بحلول العام المالي 2025، وقد نجحت مصر خلال الاعوام الماضية لخفض نسبة الدين العام المحلي والخارجي من اقصى نقطة كما سبق الإشارة في العام المالي 2015/2016 وصولاً الي 87.5% بنهاية العام المالي 2019/2020،
والذي يبرز ثمار المرحلة الاولى من نجاح برنامج الإصلاح الاقتصادي. مع الحفاظ على عدم الوصول لنفس المستوي السابق خلال العام المالي 2015/2016 في ظل تداعيات أزمة كورونا ليصل حجم الدين العام مقارنة بالناتج المحلي الجمالي لنسبة 91.5% في العام المالي 2020/2021،
مع التوجه نحو خفض هذه النسبة في ظل زيادة معدلات النمو في كافة المجالات والقطاعات الاقتصادية والتي بدورها ستساهم في حالة انتعاشة مع زوال الاثار السلبية التي للازمة الحالية خلال العامين المقبلين لحين التعافي الاقتصادي من اثر التداعيات السلبية لازمة فيروس كورونا.
كما أن الدولة المصرية في سبيل تحقيق معدلات نمو في الناتج المحلي الإجمالي مقارنة بالفترات الماضية بمتوسط يصل الي 5% خلال الفترة 2016 حتي 2019 بالمقارنة لمتوسط معدل نمو في حدود 2% خلال الفترة 2011 – 2015.
والحفاظ ايضاً على زيادة معدل النمو الا ان أزمة فيروس كورونا كان لها اثر في انخفاض معدل النمو ليصل الي 3.5% وهو ما ساعد مصر في تحقيق ثاني افضل معدل نمو عالمياً مقارنة بحالة الركود العالمي والتي خفضت معدل النمو العلمي لسالب 4.4% خلال العالم المالي 2019/ 2020.
مع توقعات مبشرة للعودة لمعدل النمو السابق 5% خلال علام المالي الحالي 2020/2021 والتوجه نحو زيادته ليتجاوز 6% في العام المالي 2021/2022. والذي سيساهم بدوره في خفض نسبة الدين العام الداخلي والخارجي الي الناتج المحلي الإجمالي.
وبالنسبة لارتفاع حجم الدين الخارجي ليصل الي 137.8 مليار دولار امريكي بنهاية العام المالي 2020/2021 وبنسبة 34.7% من اجمالي الناتج المحلي فهو امر غير مقلق على الإطلاق في ظل الظروف العالمية الحالية التي يمر بها العالم الآن،
حيث تمثل الديون العالمية حوالي 350% من اجمالي الناتج المحلي العالمي حيث بلغ اجمالي الدين العالمي وفقاً لإحصائيات معهد التمويل الدولي (ديون الحكومة والأسر والشركات والبنوك) 296 تريليون مقارنة 85 ترليون دولار أمريكي والتي تمثل اجمالي الناتج الإجمالي العالمي في عام 2020 وفقاً للإحصاءات الصادرة عن البنك الدولي.
ويجب ان نوضح ان هناك انخفاض ملحوظ في نسبة الدين الخارجي للناتج المحلي الإجمالي خلال الأعوام الماضية على الرغم من ارتفاعها بنسبة بسيطة 0.6% مقارنة بنسبة 34.1% للناتج المحلي الإجمالي بالعام المالي 2019/2020 ومقارنة بنسبة 36% للناتج المحلي الإجمالي بالعام المالي 2018/2019 ومقارنة بنسبة 37% للناتج المحلي الإجمالي بالعام المالي 2018/2017.
وبالمقارنة للحدود الآمنة للدين الخارجي للناتج المحلي الإجمالي عالمياً ما بين 30% الي 50% وبالتالي فإن الدين الخارجي المصري ما زال ضمن الربع الأول من الحدود الامنة لحجم الدين الخارجي مقارنة بالناتج المحلي الاجمالي.
وفي ضوء ما سبق فغن الدين العام المصري سواء الداخلي او الخارجي ليس بالآمر المقلق للغاية في ظل ما عانى منه العالم من ركود خلال أزمة كورونا،
الذي أصاب اعتي الدول بل وحققت مصر معدل نمو نتيجة السياسة المصرية الحالية نحو تحقيق معدلات نمو في شتى المجالات والقطاعات وتيسير انتقال السلع والخدمات وتطبيق العديد من الاستراتيجيات التي دعمت تحقيق ذلك النمو.