اتخذ بنك الاحتياطي الفيدرالي خطوة رئيسية نحو الإصدار المحتمل لعملة رقمية أمريكية، وهي خطوة من شأنها تُغيِّر النظام المالي الأمريكي بشكل كبير.
وفي هذا الصدد، التمس البنك أمس الخميس الآراء على الخطوة من خلال تقرير للمناقشة مؤلّف من 35 صفحة حول “عملة بنك مركزي رقمية” مدعومة من الحكومة.
وكما هو متوقع، لم يتوصل البنك إلى استنتاجات قاطعة بشأن ما إذا كان يتعين على الولايات المتحدة إصدار دولار رقمي، حيث شدد على أنه لا ينوي المضي قدماً دون دعم واضح من البيت الأبيض والكونجرس.
لكنه قال: “إن إدخال عملة البنك المركزي الرقمية سيُمثّل ابتكاراً مهماً للغاية في الأموال الأمريكية”.
وحدد الاحتياطي الفيدرالي، سلسلة من الفوائد المحتملة لعملة مدعومة من حكومة الولايات المتحدة، بما في ذلك ضمان بقاء الدولار العملة البارزة في النظام المالي الدولي.
وقال إن عملة البنك المركزي الرقمية يمكنها تحسين المدفوعات عبر الحدود، وزيادة الشمول المالي، وتيسير استخدام العملة الأمريكية في التكنولوجيا الجديدة.
ومع ذلك، حذَّر البنك من الآثار السلبية المحتملة، بما في ذلك استنزاف الودائع من البنوك التقليدية وجعل عمليات التهافت على الشركات المالية أكثر احتمالية أو أكثر شدة.
وكان مصدر القلق الآخر هو الخصوصية، حيث يمكن للحكومة أن يكون لها اطلاع مباشر على معاملات المواطنين الأفراد.
كذلك قدّم التقرير القليل من التفاصيل حول كيفية حل ذلك، قائلاً إن الاحتياطي الفيدرالي “سيحتاج إلى تحقيق توازن مناسب بين حماية حقوق خصوصية المستهلك وتوفير الشفافية اللازمة لردع النشاط الإجرامي”.
أيضاً، قد تكون البنية التحتية لهذا النظام الجديد هدفاً مغرياً للقراصنة. لذلك، فإن حماية عملة البنك المركزي الرقمية الصادرة عن الاحتياطي الفيدرالي قد تكون أمراً “صعباً بشكل خاص”، كما جاء في التقرير، لأنه “سيكون لديها نقاط دخول أكثر من خدمات الدفع الحالية”.
وقال مسؤول في الاحتياطي الفيدرالي في مكالمة مع الصحفيين إن البنك سيُقيّم الخطوات التالية بعد الموعد النهائي للحصول على التعليقات على الدراسة، إلا أنه لم يُقدّم جدولاً زمنياً لموعد تنفيذ الدولار الرقمي في نهاية المطاف.
يُشار إلى أن الدراسة هي نتيجة تحوّل قوي نحو مشاركة أعمق في أنظمة الدفع الرقمية من قبل رئيس البنك الاحتياطي الفيدرالي جيروم باول في مايو.
ومن المتوقع قريباً أن يُصدر بنك الاحتياطي الفيدرالي في بوسطن دراسة منفصلة عن التكنولوجيا التي يمكن أن تُدير عملة البنك المركزي الرقمية.
وتأتي الدراسة فيما تمضي البنوك المركزية في جميع أنحاء العالم، وعلى الأخص بنك الشعب الصيني، قدماً في عملاتها الرقمية الخاصة.
حيث عزّزتْ الصين هذا العام من برنامجها التجريبي لليوان الرقمي، ومن المتوقع أن تُعلن عن استخدامه في دورة الألعاب الأولمبية الشتوية في بكين في فبراير.
ويقول بعض الخبراء إن الصين وغيرها من الجهات التي تبنّتْ أولى العملات الرقمية يمكن أن تضع معايير لدول أخرى، ويرجع ذلك جزئياً إلى أن أنظمة العملات الرقمية في البلدان المختلفة ستحتاج في نهاية المطاف إلى التنسيق للمدفوعات عبر الحدود.
قد يجعل ذلك أبحاث الاحتياطي الفيدرالي مهمة حتى لو لم يتم إطلاق الدولار الرقمي الأمريكي لسنوات، لأن العديد من البلدان ستسعى إلى تكييف أنظمتها الخاصة للتكامل مع الولايات المتحدة.
في ظل عدم وجود دولار رقمي صادر عن الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي، أطلقت الشركات الخاصة نسختها على شكل عملات مستقرة تقوم على احتياطيات تهدف إلى ضمان إمكانية استبدال عملاتها الرقمية بالعملة الورقية على أساس واحد مقابل واحد.