أكد خبراء، إن مصر بفضل المشروعات الكبرى في مجالات الاستكشاف والتنقيب في مجال الغاز الطبيعي بدأت يكون لها وزن على خريطة الإنتاج الطاقي العالمي، وأن مصر قد تكون إحدى البدائل لدول أوروبا، لكن مع الأخذ في الاعتبار حجم الاحتياطات المصرية من الغاز مقارنة بحجم احتياجات أوروبا من الغاز الطبيعي والتي تصل لمليارات الأقدام المكعبة من الغاز.
وصدرت مصر خلال العام 2021 نحو 6.5 مليون طن من الغاز الطبيعي المسال، مقارنة بتصدير 1.5 مليون طن عام 2020، متوقعاً زيادة حجم الصادرات المصرية من الغاز الطبيعي إلى 8 ملايين طن خلال العام الجاري.
وقال الدكتور رمزى الجرم إن مصر قد يكون لها نصيب من تصدير الغاز إلى أوروبا، بغض النظر عن نتيجة الحرب الروسية الأوكرانية، وذلك بفضل الاحتياطات من الغاز الطبيعي التي تك الكشف عنها في الفترة الأخير.
وأضاف أن مصر لاتسعى للاستفادة من وراء أي حرب، فهي بلد يسعى للسلام، لكن اقتصاديًا الأمر مرتبط بموقع مصر الجغرافي الذي جعلها تتوسط قارات العالم الثلاث، فضلاً عن كونها قريبة من مصادر الطاقة ومن الأسواق الكبرى في بلدان الاتحاد الأوروبي.
وأشار إلى أن مصر لن تكون المصدر الأول لتصدير الغاز والطاقة إلى أوروبا، ذلك لأن الاحتياجات الأوروبية كبيرة جدًا، لأن ذلك أمر صعب، معتبرًا أن ما وصلت له مصر منذ صيف 2018 من تحقيق الاكتفاء الذاتي “انجاز” كبيرًا، فقبل أشهر من ذلك التاريخ كانت مصر ماتزال دولة مستوردة للغاز الطبيعي.
أن زيادة قدرة مصر على تصدير الغاز قد يكون حلاً لمواجهة ارتفاعات أسعار البترول، حيث تستورد مصر حوالي 120 مليون برميل من البترول سنويًا. متابعًا أن منطقة اليورو تحتوي على 6 دول تعد من كبريات الاقتصاد العالمي على رأسهم ألمانيا، وفرنسا وإيطاليا، وأسبانيا وسويسرا وهولندا والسويد والنرويج، وبالتالي احتياجاتها من الطاقة كبيرة جدًا.
ولفت إلى أنه لايمكن لدولة واحدة أن تكون بديلة عن روسيا في مجال تصدير الغاز الطبيعي إلى الاتحاد الأوروبي، ذلك أن روسيا تصدر نحو 41% من احتياجات أوروبا من الغاز سنويًا، بإجمالي يبلغ نحو 200 مليار م3 من الغاز سنويًا إلى أوروبا.
وبحسب البيانات الصادرة عن شركة غازبروم الروسية، فإنها رفعت من حجم إمداداتها من الغاز إلى ألمانيا إلى 41.5%، وتركيا بنسبة 188.5%، وإيطاليا 15.9%، ورومانيا 332.4%، وبولندا 13.8%، وصربيا 121.5%، وفنلندا 27.9%، وبلغاريا 48.9%، واليونان 17.5%.
ويُتابع، أن روسيا تمتلك ما يتراوح بين 12 إلى 13% من إنتاج العالم من الغاز سنويًا، فهي قادرة على توفير أكثر من 300 مليار م3 من الغاز سنويًا، وبالتالي فهذا أمر معقد أن تكون مصر بديلاً عن روسيا؛ لكن الأمر هو تحديد مدى قدرة استفادة مصر من الأزمة عبر زيادة صادراتها من الغاز الطبيعي، خاصة وأن السوق الأوروبي كبير جدًا ويستوعب كميات أكبر.
وأضاف أنه أيضًا يجب الأخذ في الاعتبار حجم إنتاج مصر من الغاز الطبيعي التي تبلغ حوالي 66.2 مليار م3، تضع مصر في المرتبة الـ14 عالميًا في عام 2021، فيما يصل حجم الاستهلاك حوالي 62.9 مليار م3، وبالتالي الفائض يبلغ حوالي 3.5 مليار م3.
كما أنه لتصدير الغاز الطبيعي إلى أوروبا، سيتطلب إنشاء خط أنابيب تحت سطح البحر، وهذا مكلف جدًا، لذا يجب دراسة الأمر اقتصاديًا، وفقًا للإدريسي، مضيفًا أنه يمكن لمصر تصدير الغاز الطبيعي المُسال إلى أوروبا عبر مصنعي إسالة إدكو ودمياط.
ويقول، إنه على المدى الطويل يمكن لمصر توفير كميات مناسبة للتصدير من الغاز الطبيعي، لكن حاليًا وعلى المدى القصير هذا صعب ومكلف جدًا، معربًا عن تمنيه لمصر بزيادة الإنتاج وإتاحة أكبر كميات من الغاز الطبيعي للتصدير.
ويرى عضو الجمعية المصرية للاقتصاد والتشريع، أن احتياجات المصانع المصرية من الغاز الطبيعي ومحطات توليد الكهرباء سترتفع خلال السنوات القادمة، ذلك لأنه من ضمن خطة الدولة المصرية رفع حجم الصناعة المصرية وتطويرها، وكل ذلك مرتبط بتوفير الطاقة، وبالتالي المحافظة على احتياطات من الغاز الطبيعي تأتي ضمن ما يُمكن أن يُطلق عليه “الأمن القومي المصري الطاقي”.
ويختم حديثه، بأن خطوط الربط الكهربائي مع بلدان الاتحاد الأوروبي سيكون لها دور أيضًا في زيادة حجم التصدير النسبي من الطاقة لمصر، وتُسرع من عملية تحويل مصر لمركز إقليمي للطاقة في شرق المتوسط.
مصر صدرت 2.1 مليون من الغاز إلى أوروبا
كما أكد المهندس مدحت يوسف، نائب رئيس الهيئة العامة للبترول سابقًا، أن مصر لديها قدرة على تعظيم صادراتها من الغاز الطبيعي في خضم الأزمة الحالية بين روسيا وأوكرانيا، لكن ذلك مرتبط بقدرة مصر على الإنتاج من الغاز الطبيعي.
وقال إن مصر صدرت نحو 2.1 مليون طن من الغاز المسال إلى أوروبا وبعض دول أسيا خلال الربع الأخير من عام 2021، مشيرًا إلى أن الأمر مستمر حتى الآن وبالطاقة القصوى لمصانع إسالة الغاز ولإنتاج مشروعات الاستكشاف والتنقيب.
ويتفق ذلك مع البيانات الصادرة عن الشركة القابضة للغازات الطبيعية “إيجاس”، التي كشفت عن ارتفاع في إنتاج الغاز بنسبة 17٪ على أساس سنوي إلى 53.1 مليون طن متري سنويًا من الغاز في عام 2021، بينما سجلت مصر رقم قياسي في حجم تصدير الغاز الطبيعي المسال خلال الربع الثالث من العام 2021، حيث صدرت مليون طن متري.
ويُشير يوسف، إلى ذلك الارتفاع في حجم تصدير الغاز الطبيعي كان بسبب عودة مصنع إسالة دمياط للعمل مرة أخرى بعدما توقف لسنوات طويلة، مضيفًا أن مصنعي الإسالة “إدكو، دمياط” يعملان بكامل طاقتها الإنتاجية التي بلغت 1.6 مليون قدم مكعب غاز طبيعي يوميًا، مشيرًا إلى تطلعات مصر بتحقيق أقصى استفادة من فائض الغاز الذي تم تحقيقه من خلال حقل غاز “ظهر”.
وأوضح نائب رئيس الهيئة العامة للبترول سابقًا، أن تلك الكميات المصدرة من الغاز الطبيعي جاءت من واقع تناقص حجم الاحتياجات المحلية من الغاز الطبيعي خلال فصل الشتاء، إضافة لتحويل بعض الاستخدامات التي تعمل بالغاز الطبيعي إلى الوقود البديل، وذلك إسهامًا في تعظيم صادرات مصر من الغاز الطبيعي إلى أوروبا.
وأضاف، أن ذلك مهم جدًا في الوقت الحالي الذي شهدت فيه أسعار الغاز الطبيعي طفرة وقفزة كبيرة تقدر بنحو 600%، حيث وصلت أسعار الغاز الطبيعي المسال في أوروبا حوالي 61 دولارًا للمليون وحدة حرارية بريطانية.