قال سامح شكري وزير الخارجية، إن المبادرة المصرية بعقد قمة دول جوار السودان جاءت اعتمادا على المشاورات التي تجريها مصر لا سيما مع دول الجوار المباشر للسودان، كون هذه البلدان تتمتع بعمق كبير جدا في علاقاتها مع السودانيين.
وحذر الوزير شكري في حواره مع شبكة CNN الأمريكية، من التصعيد على مستوى مسار العمليات العسكرية المستمرة في السودان حيث يعيش المدنيون تحت تأثير أزمة الإنسانية، مؤكدا ان نجاح بلدان الجوار في التوصل لإنشاء آلية وزارية؛ لتكون بمثابة فرصة كافية واستراتيجية أكثر تأثيرًا للتنسيق والتشاور مع الجهات الأخرى الموجودة أيضًا والمعنية؛ لايجاد حلول أفضل للوضع المتردي
واضاف شكري “في نفس الوقت، لم تجتمع دول الجوار من أجل السودان بدافع القلق المتزايد من تصاعد الأحداث فحسب على حدودها فحسب، وانما بالتأكيد لأن لدى كل منها تصور عن المكون السياسي للمجتمع المدني ولديها آلية ورؤية تطرح حلولا للوضع الراهن بطريقة شاملة، فضلا عن الهدف الرئيسي وهو في المقام الأول وقف الصراع ومنع تفاقمه إلى حرب أهلية واسعة النطاق”.
وطرحت مذيعة CNN تساؤلا قالت فيه “لقد سمعنا مؤخرا عن حادث مروع وهو تم العثور على 87 جثة في قبر جماعي غرب السودان، ولفترة نسمع بنشوب صراعات عرقية وحوادث انتهاك جسدي وجنسي ذات صلة بأحداث العنف الدائرة، فهل يصدق أن ذلك يحدث في السودان هل اصبح الوضع خطير الى هذه الدرجة ؟”
رد وزير الخارجية، قائلا إن “الوضع أصبح خطيرا للغاية، ويمكن أن يؤدي التصعيد إلى عواقب وخيمة مثل الارهاب أو استمرار النزاع بفعل الفصائل العسكرية الموجودة، لذا فإن المخاطر موجودة في جميع الأوقات وسوف يؤدي التصعيد بالتأكيد ازدياد تدهور الوضع وعلى الجميع تجنب ذلك”.
وزير الخارجية: الوضع في السودان
واستطرد “في هذا نجد ضرورة تفعيل أدوار المجتمع الدولي، إلى جانب دول الجوار الإقليمي، ومنظمة إيغاد، والأمم المتحدة، إذ ينبغي لمجلس الأمن اتخاذ موقف والقيام بدوره؛ من أجل استعادة الاستقرار وانهاء المرحلة الانتقالية من خلال عملية سياسية ديمقراطية”.
وعن دور مصر الدبلوماسي منذ اشتعال الأزمة في السودان، قال الوزير شكري “لقد بدأت مصر منذ اللحظة الأولى وتواصل بشكل مستمر المفاوضات الخاصة ليس فقط مع الجيش السوداني، وانما مع قوات الانتشار السريع، وكذلك مع الكيانات المدنية، واعتبرنا تلك الاتصالات مهمة من منطلق معرفتنا العميقة أيضًا بدور تلك القنوات في تهدئة الأوضاع”
وأضاف “تم اطلاق الآلية الوزارية وذلك بتكليف من القادة ورؤساء الدول المجتمعين في قمة جوار السودان؛ من أجل صياغة تدابير عملية لحل الازمة اعتمادا على رؤية كل دولة مشاركة وخبرتها بالوضع في السودان حيث يمكنهم توزيع المسئولية، ونأمل أن تجتذب تلك الآلية أكبر استجابة لدى السودانيين”
وأردف “كما ذكرت كان هناك صعوبة في تحقيق الهدف الذي أعتقد أننا جميعًا من أجله ملتزمون بمواصلة الجهود المبذولة لتحقيق وقف الأعمال العدائية وفتح ملف شامل للحوار للمضي قدمًا في رسم خارطة طريق تحقق طموح الشعب السوداني من أجل مستقبل آمن وفقا لارادتهم الحرة وبما يحقق صالحهم من خلال الانتقال عبر انتخابات حرة لتعيين حكومة ديمقراطية تمثل مصالحهم، ولكن الامر حاليا معقد بفعل النزاع المسلح وهو الامر الذي يجب وقفه في الحال”.
وردا على سؤال حول احتمالية وجود حل عسكري إذا لم تنجح الدبلوماسية في السودان وما اذا كانت مصر ستتدخل بطريقة أكثر تقليدية، قال الوزير شكري، “أعتقد في كل هذه الصراعات لدينا دائما مبدأ أن التدخل بالقوة ليس حلا مناسبا، إذ يمكن أن يؤدي إلى تفاقم الأوضاع في المستقبل، مشددا على ضرورة ايجاد تفاهمات لتغليب مصلحة السودانين” محذرا في الوقت ذاته من مغبة عدم الاستقرار أو محاولة التدخل الخارجي في شأن السودان ما يؤدي إلى الافتقار إلى الأمن، وهي السلبيات التي قد تزداد بشكل كبير والتي قد يعاني منها دول الجوار بسبب تدفق اللاجئين وغيرها من المشكلات المتعلقة “.
واشار وزير الخارجية إلى أن هناك ما يقرب من مائتان وخمسين ألف سوداني يعبرون إلى مصر كل يوم بالإضافة إلى وجود أكثر من 5 ملايين سوداني لجأوا إلى مصر لأسباب اقتصادية خلال الـ 30 عاما الاخيرة؛ قائلا “نحن نتحمل عبء كبير جدا ولكننا نقوم بذلك تقديرا للعلاقة والظروف الإنسانية للاشقاء السودانيين”
واختتم شكري حديثه قائلا “نحن في مصر مستمرون في السماح يوميا بدخول السودانيين ولكن بعد استلام التأشيرات؛ لاسباب تتعلق بالوضع الامني للحيلولة دون تسلل أشخاص غير مرغوب فيهم بسهولة، ولكن مصر بالتأكيد ترحب بالاشقاء السودانيين، وقد تم ذلك من أجل الحفاظ على امنهم وسلامتهم”.
وعقدت أمس أعمال قمة دول جوار السودان في العاصمة المصرية القاهرة، بدعوة من الرئيس عبد الفتاح السيسي، أكدت خلال فعاليتها على الاحترام الكامل لسيادة السودان وأراضيه، ومطالبة الجيش السوداني وقوات الدعم السريع بإنهاء الحرب الدائرة منذ ثلاثة أشهر، والدعوة إلى حوار جامع بعيدا عن التدخلات الخارجية.
وأشار البيان الختامي للقمة إلى التوافق على أهمية إيجاد ممرات آمنة وتسهيل مرور المساعدات الإنسانية، وتجنيب المدنيين تبعات الحرب الدائرة.
كما شددت الدول المشاركة على أهمية الاحترام الكامل لسيادة السودان و”عدم التدخل في شؤونه واعتبار النزاع الحالي شأنا داخليا”.
وأكدت الدول المشاركة على أهمية الحفاظ على الدولة السودانية ومقدراتها ومؤسساتها، ومنع تفككها أو تشرذمها، محذرين من أن ذلك سيكون له “تداعيات بالغة الخطورة على أمن واستقرار دول الجوار والمنطقة ككل”.
ودعت القمة، التي استمرت ليوم واحد، إلى تأسيس آلية وزارية بشأن الأزمة السودانية على مستوى وزراء خارجية دول الجوار.