تواجه مصر العديد من التحديات الاقتصادية ومن بين هذه التحديات عجز الميزانية والتضخم.ومشكلة العجز الدولارى حيث انه بعد تجاوز الحكومة المصرية أزمة السلع المكدسة في المواني المصرية، يعد ملف الالتزامات والأقساط الخارجية في صدارة قائمة الملفات الساخنة التي تواجهها خلال الفترة المقبلة.
كانت مؤسسة “أكسفورد إيكونوميكس أفريكا”، قد كشفت في تقرير سابق، أن مصر بحاجة إلى “تفادي خطر التخلف عن السداد، لكن مصر ليست سريلانكا – فهي لديها احتياطي أعلى بكثير وخيارات تمويل أفضل بكثير في المستقبل. مشكلة مصر يمكن السيطرة عليها من خلال سياسات أكثر صرامة ودعم الدائنين الرسميين”.
وقالت المؤسسة إن “صندوق النقد الدولي ليس العامل الحاسم في سيناريو التخلف عن السداد من عدمه. وبدلاً من ذلك، سيكون بمثابة عامل بناء للثقة ومحفز لزيادة أخرى في التسعير للمرحلة التي عندما تتعافى فيها الأسواق الناشئة،
يمكن حينها اللجوء لأسواق السندات الخارجية لكن ثمة مؤشرات تعزز إمكانية تجاوز هذا الملف دون مواجهة عراقيل كبيرة، آخرها إصدار صكوك سيادية بقيمة 1.5 مليار دولار،
وبلغت قيمة الاكتتاب نحو 6.1 مليار دولار، ما يشير إلى عودة ثقة المستثمرين الأجانب في قدرة مصر على الوفاء بالالتزامات الخارجية..
ان اصدارات الصكوك السيادية تدعم موقف الدول فى سد احتياجاتها التنموية نظرا لكثره الاعباء على الموازنه العامه بالدوله وبالتالى تساهم الصكوك السيادية فى توفير مصدر تمويل خارج الموازنة العامة لدعم عجلة النمو الاقتصادى.
ومن الضروري قيام مصر بتغطيه جميع الجوانب القانونية والتشريعية اللازمة لاصدار مثل هذا الطرح لكى يكون مستوفياً لكل الاشتراطات الدولية . حيث ستكون الصكوك السياديه التى تعتزم مصر طرحها لجمع ما يصل الى 1.5 مليار دولار مضمونة باصول عقارية وتستهدف مصر جمع 5 مليارات دولار من اصدار الصكوك خلال 6 اشهر .
ان طرح الصكوك الدولارية ليس فكره حديثة العهد وانما سبق مناقشتها اكثر من مرة ويبدو ان هذا هو الوقت المناسب لكى تخرج الى حيز التنفيذ ولا سيما انها تستهدف اسواقا جديدة معينه للمستثمرين الذين يبحثون عن ادوات مالية استثمارية ذات طابع اسلامى.
وتلك الاليات تجعلها تلقى قبولا حيث انه سبق ان دخلت دول كثيرة واشهرها ماليزيا التى استخدمت تلك الاداة المالية الاسلامية فى جذب مزيد من الاستثمارات مكنتها من تخطى الازمات المالية التى واجهتها فى بدايه القرن الحالى .
الصكوك بطبيعتها اداة مرنة فى التطبيق وذلك لتنوع صيغ التمويل التى تقوم عليها فضلا على انه يمكن استخدامها لمدد متنوعة حسب طبيعة وهيكل المشروع الممول سواء قصيرة او طويلة الاجل .
لذا تحظى تلك الصكوك باهميه بالغة نظرا لمساهمتها فى انعاش الاقتصاد من خلال تحريك رؤوس الاموال الراكدة الباحثه عن استثمارات تختلف فى طبيعتها عن الادوات المالية التقليدية ,بالاضافة لامكانية الاعتماد على الصكوك كواحدة من ادوات السياسة النقدية لادارة السيولة على مستوى الاقتصاد الكلى من خلال امتصاص فوائض السيولة وتوفير تمويل مستقر وحقيقى للدولة.
ومن جانب اخر تساعد تلك الصكوك فى تحقيق شراكة حقيقيه بين القطاع العام والخاص وتحقيق التنمية المستدامة للمشروعات الوطنيه التى تسعى الدولة لتنفيذها مثل مشروعات المدن الجديدة والطاقه الخضراء .
ومن جانب اخر لجأت مصر الى برنامج الطروحات الحكومية حيث تسعى الحكومة إلى تعزيز مشاركة القطاع الخاص في إجمالي الاستثمارات لتصل إلى 65%، وفي سبيل تحقيق ذلك تعمل على توسيع قاعدة ملكية الشركات المملوكة للدولة من خلال سوق الأوراق المالية ضمن أولوياتها خلال المرحلة المقبلة.
ما هي الشركات الحكومية المزمع طرحها بالبورصة؟
تستهدف الحكومة إتاحة أصول مملوكة للدولة بقيمة 40 مليار دولار للشراكة مع القطاع الخاص المحلي أو الأجنبي خلال الأربع سنوات المقبلة، إضافة إلى طرح 10 شركات قطاع عام وشركتين للقوات المسلحة بالبورصة.
ما الهدف من برنامج الطروحات الحكومية؟
تستهدف الحكومة العمل على التفعيل والتوسع في برنامج الطروحات الحكومية؛ لتحقيق العديد من الأهداف الاستراتيجية ومن أهمها: تعزيز أداء البورصة المصرية وتنشيطها وتشجيع الاستثمار المؤسسي فيها، وتحسين بيئة التداول، وزيادة المعروض من الشركات المقيد لها أوراق مالية، وتوفير سيولة من النقد الأجنبي خلال فترة قصيرة، وإعادة هيكلة بعض أصول الدولة وتعزيز كفاءتها، وزيادة قيمة رأس المال السوقي للبورصة إلى الناتج المحلي الإجمالي.
ما هي خطة الحكومة لتسريع برنامج الطروحات؟
أسس صندوق مصر السيادي، صندوق فرعي لإدارة عملية الطرح لبعض الشركات المملوكة للدولة بالبورصة، أو على مستثمر استراتيجي، وحددت أهداف الصندوق في جذب استثمارات أجنبية في فترة زمنية قصيرة، والإسراع بتنفيذ برنامج الطروحات وذلك في ضوء سرعة اتخاذ القرارات من قبل الصندوق، واستهداف مستثمرين استراتيجيين مما يساعد فى تطوير سوق المال ويعزز من السيولة به.
اسباب الاهتمام بتسريع برنامج الطروحات الحكوميه؟
1-عملية طرح الشركات الحكومية بالبورصة يحفز تطوير سوق المال ويعزز من السيولة به، وقد وصفت دراسات كيف يؤدي طرح الشركات الحكومية بالبورصة إلى تأثير إيجابي تراكمي مثل كرة الثلج، مما يعطي سوق الأوراق المالية دفعة كبيرة من خلال إنشاء قاعدة من المستثمرين الأفراد، وتشجيع إنشاء مؤسسات الاستثمار المحلية، كما يجذب المزيد من مستثمري المحافظ الأجنبية إلى الدولة ويؤدي إلى تحقيق أرباح اقتصادية لسنوات عديدة بعد الطرح.
2-أثبتت الدراسات أن الخصخصة عن طريق طرح الأسهم تؤدي إلى تحقيق عوائد إيجابية مرتفعة للشركات المطروحة كما يؤدي إلى تحسن جوهري في الأرباح والمبيعات وانتاجية العامل في الشركات.
3-أوضحت العديد من الدراسات السابقة وجود تأثير إيجابي لطرح الشركات المملوكة للدولة على الأداء المالي والتشغيلي لهذه الشركات، ووجدت بعض الدراسات على الشركات المصرية أن عملية طرح الشركات الحكومية في البورصة أدت إلى تحسين الربحية، وكفاءة التشغيل، والتكاليف الاستثمارية، وتوزيعات الأرباح، والسيولة، وتقليل الدين والمخاطر في تلك الشركات بعد طرحها.
وفي دراسة أخرى على تأثير الطروحات الحكومية لعدد 12 بنك في مصر على أداء تلك البنوك بعد الطرح وجد أن البنوك التي بها نسبة أعلى من الملكية الخاصة يكون أدائها أفضل، حيث أن هناك تأثير لملكية البنوك على أداء الشركات في البورصة المصرية، وأن تركز الملكية الخاصة في البنوك له تأثير إيجابي على أدائها المالي. أما على مستوى الشرق الأوسط وشمال أفريقيا وبالدراسة على 95 شركة بالمنطقة فلقد وجدت الدراسة نتائج مماثلة.
وفى النهايه نود ان نوضح ان الازمة طاحنة تحتاج الى التقشف حكومة وشعباً واتباع سياسة الاعتماد على الاولويات للخروج من نفق الازمة الراهنة وتوفير المواد الخام اللازمة للاعتماد على الصناعة وتوفير احتياجاتنا الاساسية وتقليص الصادرات من السلع الاساسية ومن ثم انخفاض اسعار السلع الاساسية والتحكم فى التضخم.
بقلم / دكتور عمرو سلامة
الخبير المصرفى