يعد القطاع المصرفى بالولايات المتحدة الامريكية محل نظر و متابعة من قبل العالم اجمع حيث شهد إعلان ثلاثة بنوك أمريكية إفلاسها خلال الأيام الماضية، يتصدرها بنك “سيليكون فالي وهو الانهيار الذي يعد الأكبر لبنك أمريكي، منذ الأزمة المالية العالمية في عام 2008، ويعيد إلى الاذهان سيناريوهات انهيار الاقتصاد العالمي عام 2008.
ويعتبر بنك سيليكون فاليوهو بنك تجاري يركز بشكل أساسي على قطاع التكنولوجيا والشركات الناشئة، ويعتبر البنك هو شركة تابعة لشركة قابضة تعرف باسم سيليكون فالي فاينانشال، ويحتل المركز ال١٦ من حيث حجم الأصول في قائمة البنوك الأمريكية المؤمن علي اموال مودعيها حتي ٢٥٠،٠٠٠ دولار للمودع، وتبلغ قيمة أصوله حوالي ٢١٠ مليار– ففي خلال الأسبوع الأول من الشهر شهد البنك تدافع المودعين لسحب الودائع بكميات افتقر معها البنك للسيولة التي تلبي طلبات المودعين. وفي يوم الجمعة، 10 مارس، أستولت على البنك المؤسسة الفيدرالية للتأمين على الودائع.
وترجع بداية الأزمة عندما استخدم سيلكون بنك الأموال لشراء استثمارات الديون طويلة الأجل لكسب المزيد من الأموال مع انخفاض أسعار الفائدة، دون اتخاذ تدابير وقائية كافية، مما عرض البنك لمخاطر سعر الفائدة. ومع رفع البنك الفيدرالي الأمريكي أسعار الفائدة لعدة مرات متتالية وبسرعة، واندفاع المودعين –أغلبهم من الشركات التكنولوجية الناشئة- لسحب أموالهم لتوفير سيولة مالية لمواصلة العمل ودفع أجور العمال في ظل السياسة النقدية المتشددة، خاصة مع حالة الذعر التي انتابت المودعين بعد إعلان إعسار بنك سيلفر جيت؛ اضطر بنك سيلكون الى بيع استثماراته بخسارة، الأمر الذي حال دون قدرة البنك على استكمال عمله، نتيجة أزمة سيولة ناتجة عن خسائر غير متوقعة في محفظة القروض الى أن وصل البنك إلى حالة إفلاس، ويعني إفلاس البنوك عدم قدرتها على الوفاء بالتزاماتها، وتكون غير قادرة على تلبية أموال المودعين .
وتعددت أسباب فشل إدارة بنك “سيليكون فالي”فى ادارة البنك مما تسبب فى وقوع الازمة، حيث ارتكبت مجموعة من الأخطاء الفادحة، والتي كانت سبباً لانهياره حيث لم يتم الاخذ فى الاعتبار مخاطر التركز عند توظيف السيولة وتوظيفها فى مجال واحد فقط على قطاع الشركات التكنولوجية الناشئة، والتي تعثر الكثير منها أمام الأزمات المالية لها، خاصة مع عزوف المستثمرين عن ضخ الأموال فيها، وهو ما انعكس على البنك بالتبعية. وكذا لم يراع مسئولى البنك السيولة التى تتناسب مع فترة القروض الممنوحة وتم الاعتماد على تمويل لعقود طويلة الاجل مع الاحتفاظ بنسبة صغيرة من ودائعه نقداً
وتعتبر الدول الاكثر تأثرا من افلاس بنك سيلكون فالى هي بريطانيا وسويسرا وفرنسا وألمانيا، لارتباط بنوكها به، كما تظهر التداعيات السلبية بصورة أكبر في إسرائيل، نظراً لوجود أحد فروع البنك هناك، واعتماد الشركات الناشئة في مجال التكنولوجيا على البنوك في تمويل مشاريعها
أما تأثير إفلاس البنوك الأمريكية على الدول العربية التي تودع أموالها السيادية الدولارية في الغالب لدى البنك الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي، لم يتضح حتى هذه اللحظة، خاصة في ظل عدم الكشف عن كامل العملاء أو البنوك التي ترتبط بالبنوك التي أعلنت إفلاسها،
وقد تكون مصر، على وجه الخصوص الاوفر حظا حيث تعد آمنة تماماً من تداعيات أفلاس بنك “سيليكون فالي” حيث القطاع المصرفي المصري، و البنوك المصرية لا تمتلك أيّ ودائع أو معاملات مالية لدى “سيليكون فالي” المتخصص في تمويل الشركات التكنولوجية والناشئة
الا أن تلك الأزمة دقت ناقوس الخطر للبنوك المركزية حول العالم لما تتبعه من إجراءات نقدية متشددة، ولما لها من تأثيرات سلبية في الاستثمار. فقد قام “الفيدرالى الأمريكي” برفع أسعار الفائدة خلال العام الماضي، و بوتيرة سريعة ومتلاحقة ولم ينجح في الحد من التضخم، وأثر بشكل سلبي في الاستثمار، فهل ستكون أزمة “سيليكون فالي” بداية لابطاء سياسة التشديد النقدي في الولايات المتحدة الأمريكية، مما بدوره قد يؤثر في العديد من البنوك المركزية بالعالم؟ ويكون الأثر الإيجابي في إبطاء وتيرة رفع أسعار الفائدة الأمريكية أو اقتراب موعد خفض الفائدة، وهو ما سيكون له اثر إيجابي بخفض قوة الدولار الأمريكي، وتخفيف الضغط علي أسعار العملات الناشئة، وعودة استثمارات الحافظة الأجنبية للبحث عن سندات الأسواق الناشئة مرة أخرى، وهو ما يعني أن لذلك الحادث أثر إيجابي علي الأسواق الناشئة ومصر يمكن أن نشهده خلال الأشهر المقبلة
وربما يكون إفلاس بنك كبير مثل سيلكون فالي في أمريكا هو بداية رسم معالم للاقتصاد العالمى الجديد بدلا من القائم وسيطرة الولايات المتحدة على مقاليده حيث ماحدث تسبب فى هزه للاقتصاد الأمريكي وكذا الاوروبى لارتباطه بالبنوك الامريكية وتنتقل الثقة لاقتصاديات المارد الصينى و الدب الروسى بالاضافة
بقلم /دكتور محمد الشوربجي
الخبير المصرفى