بعد فترة من التقلبات والارتباك في السوق السوداء للدولار في مصر، استقرت الأوضاع بشكل نسبي بعد إصدار البنك المركزي المصري لقرار يسمح بفتح حدود استخدام بطاقات الائتمان في الخارج. في بيان رسمي أصدره البنك المركزي يوم الخميس الماضي، تم الإعلان عن تسهيل استخدام البطاقات الائتمانية في الخارج بدون الحاجة لتقديم مستندات، وذلك بمجرد التواصل مع البنك المصدر للبطاقة أو زيارة أحد فروعه. ويجب على العميل الالتزام بتقديم دليل على استخدام البطاقة خلال سفره للخارج خلال 90 يومًا من فتح تلك الحدود.
هذا القرار يأتي في سياق محاولة البنك المركزي لمعالجة نقص العملة الأجنبية المستمر في مصر، والذي أثر على سعر صرف الجنيه المصري مقابل الدولار. تواجه مصر أزمة اقتصادية تتسبب فيها نقص الدولار والتوترات الجيوسياسية في المنطقة. يتوقع الخبراء استمرار ارتفاع سعر الدولار في السوق السوداء، مما يدفع الأفراد إلى شراء الدولارات كوسيلة لحماية قيمة أموالهم. ومن المتوقع أن يتم تخفيض قيمة الجنيه المصري مقابل الدولار خلال الربع الأول من العام المقبل بهدف معالجة نقص العملة الأجنبية في البلاد وتحسين وضع الاقتصاد المصري.
الخبير الاقتصادي محمد عبد الهادى بأن مصر تواجه تحديات اقتصادية صعبة نتيجة نقص الدولار الأميركي. يشير إلى أن هذا النقص يدفع صانعي السياسات إلى فرض قيود على الحصول على العملات الأجنبية، كما تجلى في أحدث التوجيهات المتعلقة باستخدام بطاقات الائتمان في الخارج. ومع ذلك، يلاحظ أن هذه القيود قد تدفع الأفراد إلى تخزين الدولارات، مما يؤدي إلى زيادة ندرة العملات الأجنبية ويزيد من تدهور الجنيه المصري في السوق السوداء.
السوق السوداء للدولار
من ناحية أخرى، يشدد الخبير الاقتصادي محمد الشوربجى ، على أن التوترات الجيوسياسية في المنطقة ونقص العملات الأجنبية هما العاملان الرئيسيان وراء ارتفاع سعر الدولار في السوق السوداء في مصر خلال الفترة الأخيرة. ويشير إلى استمرار الطلب على الدولار بسبب ندرة العرض في البنوك بالأسعار الرسمية، خاصةً في ظل التكهنات بتعويم الجنيه المصري.
واكد أن السوق السوداء ستظل قائمة ما لم يتمكن البنك المركزي من سد الفجوة الدولارية في البنوك. ويشير إلى أن الكثيرون في مصر يبحثون عن شراء الذهب حاليًا أو الدولار لحماية قيمة أموالهم، وذلك بسبب ارتفاع معدل التضخم الذي يؤثر سلبًا على القوة الشرائية للجنيه.
في سياق متصل، توقعت رامونا مبارك، رئيسة إدارة المخاطر لمنطقة الشرق الأوسط في فيتش سوليوشنز، في ندوة عبر الإنترنت حول تداعيات التوترات في غزة لعام 2023، أن تشهد مصر خلال الربع الأول من العام القادم تخفيضا في قيمة الجنيه لتتماشى مع السوق السوداء. وذلك في إطار معالجة نقص العملة الصعبة في البلاد وتلبية احتياجاتها من الدولارات.
من المتوقع أن يرتفع سعر الدولار مقابل الجنيه المصري إلى نطاق يتراوح بين 40 و45 جنيهًا خلال الربع الأول من العام القادم. وتشير مبارك إلى أن مدفوعات مصر العالية لسداد الديون الخارجية خلال العام المقبل ستجعلها تحتاج إلى تدفقات دولارية، وبالتالي ستسعى إلى تخفيض سعر الجنيه.
فيما يتعلق بسوق الصرف السوداء للدولار، يظل السعر متقلبًا حيث يبلغ السعر الرسمي حوالي 30.90 جنيه للدولار، بينما يتم تداول الدولار في السوق السوداء حول مستوى 45 جنيهًا للدولار الواحد. تعتمد تلك التقلبات على عوامل متعددة منها الأخبار المتعلقة بالاقتصاد المصري والتوقعات الإيجابية أو السلبية بشأن الجنيه