خلال أسبوع واحد، شهد الاقتصاد السوداني انخفاضاً حاداً في قيمة الجنيه السوداني بنسبة تصل إلى 18٪، حيث وصل سعر صرف الدولار إلى 1700 جنيه في بعض التعاملات بالسوق الموازي يوم الاثنين. تزايدت المخاوف من تفاقم الأزمة الاقتصادية وضغط الأوضاع المعيشية الصعبة التي يعيشها السكان السودانيون، نتيجة للاستمرار في تدهور العملة الوطنية، وهو ما يعززه دخول الحرب في العام الثاني، حيث أصبح أكثر من 60٪ من السكان بلا مصادر دخل.
أسباب انهيار الجنيه السوداني
الخبير الاقتصادي عادل فهمي أكد أن الوضع الراهن يهدد الاقتصاد السوداني بنتائج كارثية، حيث يشهد انحداراً حاداً يمكن وصفه بأنه “سقوط مدمر”، نتيجة لتفاقم التداول في السوق الموازية وانكماش القاعدة الإنتاجية للاقتصاد.
التدهور المستمر من المتوقع أن يؤدي إلى انهيار القوة الشرائية للجنيه، مما يدفع المواطنين إلى التخلي عنه كوسيلة للتبادل والادخار، والبحث عن عملة بديلة أكثر استقرارًا، مما سيزيد من انهيار قيمة الجنيه بشكل أكبر.
تحذير فهمي من تدهور الجنيه يأتي مع توقعات بزيادة الضغوط على الاقتصاد السوداني، حيث يتعرض البنك المركزي لصعوبات في توفير العملة الصعبة، مما دفعه إلى طباعة النقود بدون تغطية، وهو ما يزيد من التضخم ويؤدي إلى تراجع الثقة في العملة المحلية.
تراجع قيمة الجنيه يعود جزئياً إلى تراجع قدرات البنك المركزي، إضافةً إلى تداعيات الحرب التي دمرت الاقتصاد وتسببت في خسائر كبيرة تقدر بمئات المليارات من الدولارات. هذا بالإضافة إلى تراجع الناتج القومي وتقلص الإيرادات العامة، مما دفع الحكومة إلى اللجوء إلى طباعة النقود دون تغطية، مما يزيد من تدهور الوضع الاقتصادي ويعمق المشكلات المالية في البلاد.
تبرز أبعاد الكارثة بوضوح مرعب، حيث يعاني العديد من القطاعات من خسائر هائلة. يظهر التقدير أن الصناعة والزراعة والبنوك هي من بين الأكثر تضررًا، حيث فقد القطاع الصناعي حوالي 75٪ من قدرته الإنتاجية، بينما فقد القطاع الخدمات 70٪ من قدراته، وشهد الإنتاج الزراعي انخفاضًا بأكثر من النصف. ولا ينحصر الدمار في البنية التحتية العسكرية فقط، بل طال أيضًا البنى التحتية المدنية مثل الجسور والسدود وشبكات النقل والاتصالات والمرافق الصحية والتعليمية، إلى جانب الدمار الواسع النطاق لمنازل وممتلكات المواطنين.
ومع استمرار التمويل العسكري المتزايد، يزداد التدهور في سعر الجنيه، مما يفاقم معدلات التضخم الجارفة ويجعل من الصعب على السكان تلبية احتياجاتهم الأساسية. قبل الانهيار الأخير في قيمة الجنيه، ارتفعت معدلات التضخم إلى ما يزيد عن 520٪، وتضاعفت أسعار السلع الغذائية الرئيسية بمعدل أكثر من ثلاث مرات خلال الأشهر الأربع الماضية، مما أدى إلى زيادة البطالة وتقليل القدرة الشرائية للسكان.
وبحسب التقارير الأممية، فإن السودان يواجه إحدى أسرع الأزمات الغذائية على مستوى العالم، حيث يحتاج أكثر من 25 مليون شخص، بما في ذلك أكثر من 14 مليون طفل، إلى مساعدة إنسانية. ويواجه أكثر من ثلث سكان البلاد نقصًا حادًا في الأمن الغذائي، مما يعني أن ملايين الأشخاص على حافة المجاعة.