استكملت الهيئة العامة للرقابة المالية، برئاسة الدكتور محمد فريد، حوارها المستمر عبر المنصة التي أطلقتها بالتنسيق مع عدد من تجمعات المال والأعمال، في إطار حرصها الدائم على استعراض كافة التطورات وجهود الإصلاح الجارية لتنمية وتعزيز دور القطاع المالي غير المصرفي في الاقتصاد القومي. واستعرضت الندوة الأخيرة أحدث التطورات المرتبطة بتطوير وتحديث معايير المحاسبة وتدشين سوق الكربون الطوعي، بما يسهم في تعظيم الأثر التنموي للوائح والسياسات التي يتم اتخاذها من قبل الهيئة.
الرقابة المالية
نظمت الهيئة مؤخراً بالتعاون مع مركز المشروعات الدولية الخاصة (CIPE) ورشة عمل سلطت الضوء على جهود الهيئة في العمل على رقمنة المعاملات المالية غير المصرفية. تبع ذلك لقاء مع أعضاء الغرفة التجارية الأمريكية للحديث عن آخر التحديثات والقرارات الخاصة بالأنشطة الخاضعة لرقابة الهيئة، في ضوء العمل على خلق بيئة مواتية للقطاع الخاص تدفع نحو المزيد من العمل والإنتاج وتوفير الوظائف.
ألقى الدكتور محمد فريد كلمة رئيسية خلال اللقاء الذي نظمه مركز المشروعات الدولية الخاصة بشأن سوق الكربون الطوعي وتطوير معايير المحاسبة المصرية، بالتنسيق مع اتحاد الصناعات المصرية ممثل في مكتب الالتزام البيئي وبمشاركة أحمد كمال، المدير التنفيذي للمكتب، والجمعية المصرية للائتمان وإدارة المخاطر بمشاركة أيمن ياسين، المدير العام للجمعية، وبمشاركة ممثلين عن مجتمع الأعمال بمختلف القطاعات أعضاء اتحاد الصناعات وممثلين عن عدة جهات وشركات مهتمة بالموضوعات محل النقاش والحوار.
استعرض الدكتور فريد خلال كلمته أهم محطات رحلة تطوير تدشين أول سوق كربون طوعي إفريقي لتداول شهادات خفض الانبعاثات الكربونية، وهو السوق الذي يمنح الريادة لمصر في قارة أفريقيا، ويحفز الشركات على الانخراط بشكل كبير في أنشطة وعمليات خفض الانبعاثات الكربونية وتحقيق عوائد جراء هذا الإجراء، ليس فقط لمواكبة المعايير والاشتراطات العالمية حال رغبتها في التجارة مع الأسواق العالمية، أو قيد وتداول هذه الشهادات وتحقيق عوائد. كما تطرق إلى أهم جهود تطوير معايير المحاسبة المصرية، حيث وصف ما تم بأنه ثورة تصحيح شاملة طالت أحكام معايير محاسبية عديدة، راعت كافة المتغيرات الاقتصادية بشكل مرن بما يمكن الشركات من إعادة تقييم أصولها بالقيمة السوقية بدلاً من الدفترية وعرضها وتبويبها في القوائم المالية لتعكس حقيقة نتائج أعمال وأداء الشركة، وتعديلات أخرى من شأنها أن تتكامل مع جهود الحكومة المصرية لتوفير بيئة عمل مواتية تعزز من النشاط الاقتصادي لتدعيم النمو المستدام وجذب الاستثمارات.
أعرب سيف الخوانكي، المدير التنفيذي لمركز المشروعات الدولية الخاصة، عن تقديره لاستجابة واهتمام الهيئة العامة للرقابة المالية بالحوار والنقاش مع مجتمع الأعمال لتعريفهم بآخر المستجدات والتطورات بالقطاع المالي غير المصرفي، بما يساعد الشركات على التوسع والتطور بالاستفادة من جهود الإصلاح الجارية. أوضح أن اللقاء الحالي يعد اللقاء الثاني ضمن شراكة استراتيجية بين الهيئة والمركز بهدف تعزيز قنوات التواصل مع مجتمع المال والأعمال لدعم الاقتصاد القومي.
قال أحمد كمال، المدير التنفيذي لمكتب الالتزام البيئي باتحاد الصناعات، إن قضية التغيرات المناخية وسرعة الاستجابة لها بصياغة السياسات والبرامج والخطط التنفيذية للحد من تبعاتها أصبحت واقعاً يفرض نفسه على كافة الاتفاقيات التجارية عالمياً. وأوضح أن الهيئة العامة للرقابة المالية أحرزت تقدماً كبيراً في إنشاء أول سوق طوعي للكربون، مشيراً إلى أن اتحاد الصناعات يضع قضية التغيرات المناخية ضمن قائمة أولوياته ويجري لقاءات ومتابعات دورية لاتخاذ ما يلزم نحو المساهمة بفاعلية في هذا الملف.
أضاف أيمن ياسين، المدير العام للجمعية المصرية للائتمان وإدارة المخاطر، أن اللقاء يأتي في توقيت هام جداً نظراً للأهمية الكبيرة للموضوعات محل النقاش، وهي سوق الكربون الطوعي وتطوير أحكام معايير المحاسبة المصرية، وهي موضوعات من شأنها أن تدعم جهود الحكومة لتحسين بيئة الأعمال ودعم النشاط الاقتصادي وخاصة القطاع الخاص.
الأستاذ محمد يحيى، خبير المحاسبة والمراجعة ومستشار رئيس الهيئة العامة للرقابة المالية، عرضاً تقديمياً حول معايير المحاسبة، موضحاً أهميتها بالنسبة للقوائم والتقارير المالية وللشركات. ألقى الضوء على التطورات الأخيرة في هذه المعايير وأكد على توافقها مع المعايير والمناهج العالمية. أوضح يحيى أن معايير المحاسبة المصرية تساهم في تعبير الشركات عن مركزها المالي ونتائج أعمالها بشكل سليم، مما يدعم قدرتها على اتخاذ قرارات تمويلية واستثمارية صحيحة. أشار إلى التطورات الشاملة التي شهدتها معايير المحاسبة المصرية، مثل تقييم الأصول بالقيمة العادلة بدلاً من الدفترية، الاستثمار العقاري، وحقوق الملكية.
من جهته، ذكر الدكتور فريد أن الرقابة المالية تسعى دائماً لتحقيق أثر إيجابي وإضافة قيمة للاقتصاد والمجتمع المصري من خلال قراراتها، مما يمكن الأفراد من الاستفادة من الخدمات المالية غير المصرفية ويساعدهم على تحقيق أهدافهم. أشار إلى تطوير معيار المحاسبة المصرية رقم 13 المتعلق بآثار التغيرات في أسعار صرف العملات الأجنبية، ليتوافق مع المعايير الدولية. في 15 أغسطس 2023، أصدر مجلس الوزراء تعديلات على معيار المحاسبة الدولي (21) “آثار التغيرات في أسعار صرف العملات الأجنبية”، مما يتطلب من المنشآت تقديم معلومات أكثر فائدة في بياناتها المالية حول أسعار الصرف التجارية، وتقدير أسعار تبادل العملات الأجنبية، إضافة إلى متطلبات الإفصاح المتعلقة بذلك.
كما شمل قرار رئيس مجلس الوزراء إضافة تفسير محاسبي لأول مرة في تاريخ مصر والمنطقة، ينظم المعالجة المحاسبية لشهادات خفض الانبعاثات الكربونية. حدد هذا التفسير نطاق المعالجة المحاسبية والإجراءات التي يجب على الإدارة اتخاذها، بما في ذلك فهم دورة إصدار شهادات الكربون وطبيعة الترتيب والغرض التجاري من إصدار أو شراء الشهادة، وتحديد تصنيف الشهادة كأصل مالي أو غير ملموس.
نظم التفسير المحاسبي الجديد محددات المعالجة المحاسبية لحالات مختلفة: إصدار الشهادة لصالح مطور مشروع خفض الانبعاثات، أو لصالح مطور أو ممول المشروع غير المالك، أو شراء شهادة الكربون بهدف استخدامها لتحقيق التبادل الكربوني عبر إلغائها، أو بهدف المتاجرة فيها.
في سياق متصل، قدم الدكتور أحمد رشدي، المدير التنفيذي للمركز الإقليمي للتمويل المستدام بالهيئة العامة للرقابة المالية، عرضاً عن سوق الكربون الطوعي ومراحل تدشينه. شرح القرارات التي أصدرتها الهيئة لتفعيل سوق الكربون الطوعي، مما يمنح مصر الريادة في إفريقيا ويساعد الشركات المصرية على تقليل انبعاثاتها بما يتسق مع المعايير الدولية، ويستمر في إصدار قرارات لمنع التبادل التجاري للشركات التي لا تلتزم بخفض انبعاثاتها.
أوضح الدكتور فريد أنه تم الانتهاء من الإطار التشريعي والتنفيذي لأول سوق لتداول شهادات خفض الانبعاثات الكربونية في إفريقيا، مما يمنح مصر الريادة في هذا القطاع. بدأت الرحلة بقرار رئيس مجلس الوزراء رقم 4664 لسنة 2022 بشأن تعديل بعض أحكام اللائحة التنفيذية لقانون سوق رأس المال رقم 95 لسنة 1992، ليعتبر شهادات خفض الانبعاثات الكربونية أداة مالية. تبع ذلك تشكيل أول لجنة للإشراف والرقابة على وحدات خفض الانبعاثات الكربونية، وإصدار قرار ينظم معايير قيد جهات التحقق والمصادقة لمشروعات الخفض، مما أسفر عن قيد ثلاث جهات للقيام بمهام التحقق والمصادقة.
أصدرت الهيئة قواعد قيد وشطب شهادات خفض الانبعاثات الكربونية بالبورصات المصرية ومعايير اعتماد سجلات الكربون الطوعية المحلية، والتي تتضمن سجلات لإصدار وتسجيل وتتبع نقل ملكية شهادات خفض الانبعاثات. كما تدعم الهيئة جهود البورصة لإصدار قواعد التداول والتسوية الخاصة بشهادات الكربون الطوعية.
وأشار الدكتور فريد إلى أن الأسابيع المقبلة ستشهد إصدار قواعد التداول والتسوية الخاصة بشهادات الكربون الطوعية بالبورصات بالتعاون مع البورصة المصرية.
أكد الدكتور فريد أن الهيئة العامة للرقابة المالية مستمرة في تنفيذ استراتيجيتها لنشر الوعي بالتطورات التي تطرأ على الأنشطة والخدمات المالية غير المصرفية، وأن جهود الإصلاح والتطوير تهدف إلى استقرار الأسواق وحماية حقوق المتعاملين، إضافة إلى توسيع قاعدة المستفيدين من الأنشطة والخدمات المالية غير المصرفية لتعزيز القدرات المالية للأفراد وتحسين أحوالهم المعيشية.