بقلم/دكتور أحمد شوقي
عضو الهيئة الاستشارية لمركز مصر للدراسات الاقتصادية والاستراتيجية
عضو هيئة تدريس بالجامعة الإسلامية بولاية مينيسوتا
يعتبر عام 2021 عام الاختبار الحقيقي للاقتصاد المصري ممثلاً في كل مؤسساته وهيئاته لقياس مدي صحة وسلامة الإجراءات التي اتخذها الاقتصاد المصري خلال السنوات الماضية منذ أواخر عام 2016 وبداية تطبيق برنامج الإصلاح الاقتصادي
حتى بدأ الاقتصاد المصري في جني ثمار برنامج الإصلاح الاقتصادي في عام 2019 وبدء تحسين المستوى المعيشي للمواطن المصري حتى أتت جائحة فيروس كورونا التي اعتبرها الجميع بالأزمة الأعنف عالمياً من حيث اثارها والتي لم يشهدها العالم من قبل في أواخر 2019 واستمرارية تبعاتها خلال عام 2020 وانتشار عدة سلالات من فيروس كورونا واخرها متحور دلتا وأوميكرون في عام 2021.
وقد صمد الاقتصاد المصري خلال عام 2020 امام تبعات وتداعيات ازمة فيروس كورونا نتيجة للإجراءات الإصلاحية التي تم تطبيقها ومجموعة المساندات المالية التي اعتمد عليها الاقتصاد المصري سواء من صندوق النقد الدولي او الودائع العربية
فضلاً عن مجموعة الإجراءات الاحترازية التي تم اتخاذها بشكل سريع واستباقي من السياسات المالية والسياسات النقدية لدعم ومساندة الاقتصاد المصري والتي اثبتت عدم هشاشة الاقتصاد المصري كما اعتقد البعض
بل شهد الاقتصاد المصري نمواً في الناتج المحلي الإجمالي تجاوز 2.5% مقارنة بحالة الركود العالمي وانخفاض في معدل التضخم واستقرار في أداء الجنية المصري بعد ان شهد تذبذب في أوائل ازمة كورونا .
ومع عودة وتعافي الأنشطة الاقتصادية في عام 2021 ظهرت موجة تضخمية عالمية نتيجة الخلل في سلاسل الامداد العالمية بل ارتفع معدل التضخم في مصنع العالم ( الصين) وامريكا وانجلترا والعديد من الدول فضلاً عن ارتفاع أسعار الغاز والبترول وزيادة أسعار المنتجات الأولية والسؤال الأن ومع استمرار تبعات ازمة كورونا وحالة الركود التي شهدها العالم 2020 وارتفاع ذروة التضخم في 2021 والذي لم تشهده أمريكا منذ عدة عقود فهل نحن امام حالة من الركود التضخمي 2021 وهل تأثر الاقتصاد المصري به ؟
أرى ان الركود التضخمي الذي انتشر الحديث عنه خلال الفترة الماضية مصطلح شديد الوصف للحالة التي يمر بها العالم واذا دخل العالم في حالة الركود التضخمي فسنحتاج لوقت كبير للخروج منه فضلاً عن الاثار السلبية التي ستؤثر بشكل بالغ في الاقتصاديات
وفي مصر اذا قمنا بتحليل الوضع من العديد من الجوانب للوقوف على الوضع الصحيح للاقتصاد المصري نجد ان الاقتصاد حقق معدل نمو خلال عامي ذروة كورونا بمتوسط يصل الي 3% خلال عامين أي ان الاقتصاد المصري لم يتأثر بحالة الركود العالمية خلال عام 2020 وحالة النمو في عام 2021 حيث يصل معدل النمو في الناتج المحلي عالمياً 5.9% وفقاَ لإحصائيات صندوق النقد الدولي ، وبالتالي فإن حالة الركود في مصر غير موجودة مع تعافي الاقتصاد العالمي.
وبنظرة اكثر تحليلاً نحو حالة التضخم عالمياً فيواجه العالم حالية موجة تضخمية حيث يبلغ متوسط معدل التضخم العالمي 4.3% وفقاً لإحصائيات صندوق النقد الدولي وبالنظر للاقتصاد المصري فقد شهد ارتفاع في معدل التضخم ليصل الي 6.3% في أكتوبر
لينخفض مره أخرى الي 5.6% في نوفمبر بفضل احتواء الضغوط التضخمية ومقارنة بمعدل التضخم بالنسبة للأسواق الناشئة والاقتصاديات النامية والبالغ 5.5% في العالم
ومقارنة بمعدل التضخم بالنسبة للأسواق الناشئة والاقتصاديات النامية في اوربا 8.4% ومقارنة بمعدل التضخم في دول الشرق الأوسط ووسط اسيا 11.7% فنجد ان الاقتصاد المصري في حالة احتواء سليم لمعدل التضخم وبالتالي فإن معدل التضخم سيظل ضمن الحدود المستهدفة من لجنة السياسات النقدية 7% ± 2% خلال الفترة المقبلة.
وختاماً فإن الاقتصاد المصري لا يعاني من حالة الركود التضخمي مع النظر شديد الحذر لمعدل التضخم للحد من ظاهرة ارتفاع الأسعار حتي يشعر المواطن المصري بالمجهودات التي تقوم بها أجهزة الدولة المصرية،
ونجد ان الاقتصاد المصري اجتاز الاختبار الحقيقي خلال عام 2021 واستمرارية صموده امام التحديات والتهديدات العالمية ومعالجة بعض المشكلات الداخلية من خلال الإصلاحات مع التوجه نحو معالجة نقاط الضعف وتخفيف الأعباء على الموازنة العامة من خلال ادخال موارد جديدة دون الضغط على المواطن المصري بالإضافة الي احتواء معدلات الدين وعدم تجاوزها الحدود الامنة خلال الفترة المقبلة.