تستعد معابد الكرنك بمحافظة الأقصر، لاستقبال موسم الصيف وبداية الانقلاب الصيفي، الذى يتوافق يوم ٢١ من يونيو الجاري، ويعد أطول أيام العام، وهو من الظواهر الفلكية التى تم رصدها على مدار السنوات الماضية، من قبل الجمعية المصرية للتنمية السياحية والأثرية بالأقصر.
ووفقا لعلماء الفلك، فإنه فى يوم ٢١ يونيو من كل عام، يبدأ فصل الصيف فلكياً فى النصف الشمالى من الكرة الأرضية، وهو ما يُعرف بيوم «الانقلاب الصيفي»، الذى تصاحبه العديد من الظواهر الجوية والفلكية، وتحتفل به الكثير من شعوب العالم بطقوس واحتفالات ومهرجانات شتى توارثتها الأجيال، منذ مئات السنين.
كما يعتبر يوم الانقلاب الصيفى أطول نهار فى السنة ، كما يعد ذروة فصل الصيف فلكياً، وخلاله يميل القطب الشمالى للكرة الأرضية نحو الشمس التى تكون قد وصلت إلى أقصى بعد لها شمالاً عن خط الاستواء، وتكون أشعة الشمس عمودية على مدار السرطان عند خط عرض ٢٣.٤٤ درجة، وفى المقابل، يُعد هذا اليوم أقصر ليل فى العام.
وخلال هذا اليوم يُلاحظ بعض الظواهر، منها أن ضوء الفجر يظهر مبكراً، وغروب الشمس يكون متأخراً، ويكون قوس المسار الظاهرى للشمس عالياً فى قبة السماء، كما تكون ظلال الأشياء فى وقت الظهيرة قصيرة، حيث يشهد يوم الانقلاب الصيفى أقصر ظل طوال العام، إذ إن الشمس فى هذا اليوم تصل إلى أعلى ارتفاع لها فوق الأفق خلال وقت الظهيرة، وبالتالى يكون الظل وقت الظهيرة هو الأقصر طوال العام.
بعد يوم الانقلاب الصيفى تنقلب حركة الشمس ظاهرياً فى السماء بالاتجاه نحو الجنوب بشكل يومى تدريجياً، وتبدأ ساعات النهار تتقلص تدريجياً نتيجة لتقدم الأرض فى مدارها حول الشمس حتى موعد الاعتدال الخريفى فى ٢٢ سبتمبر. وإذا كان مسار الشمس يميل عن الأفق يوم الانقلاب الصيفى باتجاه الشمال، وباتجاه الجنوب يوم الانقلاب الشتوي، فإن مسار الشمس يكون مستقيماً تماماً بين الشرق والغرب فى يومى الاعتدال الخريفى والربيعى.
وقال أيمن أبوزيد رئيس الجمعية المصرية للتنمية السياحية والأثرية، ومؤسس سياحة الفلك الأثرى بالأقصر:” رصد المصرى القديم بداية فصول العام منذ آلاف السنين، ومع تعدد أماكن المراصد الفلكية فى الشمال والجنوب لمعرفة الوقت وتحديد فصول العام، تم رصد بداية الانتقال الصيفى بمجموعة معابد الكرنك والتى تعد من المعابد المهمة التى ارتبطت توجهاتها فلكيا ومعماريا بفصول العام، خاصة المعبد الرئيسى للإله آمون رع الذى يعد مرصدا لتحديد بداية فصلى الشتاء والصيف، حيث تشرق الشمس على محور المعبد شتاء وتكون مؤشرا لبداية فصل جديد، وكذلك تغرب الشمس على محور المعبد غربا بين بواباته العملاقة لتكون مؤشرا لبداية فصل الصيف ٢١ يونيو من كل عام.
وناشد أبوزيد، وزير السياحة والآثار الدكتور خالد العنانى بمد فترة فتح معبد الكرنك فى هذا اليوم حتى الساعة السابعة مساء بدلا من الخامسة مساء، وذلك حتى يتسنى للسياح مشاهدة غروب شمس الانقلاب الصيفى وسط معابد الكرنك، كما يناشد محافظ الأقصر المستشار مصطفى ألهم وكل المسئولين المعنيين بالسياحة لحضور الظاهرة ووضع هذا الحدث على الخريطة السياحية للأقصر، وأن يكون هذا الحدث بداية لتعزيز سياحة الفلك الأثرى بالمحافظة، حيث تسعى الجمعية المصرية للتنمية السياحية والأثرية بالأقصر بالتعاون مع الباحثين المصريين فى هذا المجال لتحقيق الاستفادة من هذه الظواهر فى الجذب السياحى.
بدوره قال أحمد عبدالقادر نائب رئيس مجلس إدارة الجمعية، إن ظاهرة تعامد الشمس على معبد آمون بالكرنك وقت الانقلاب الصيفي، تعد من الظواهر الفلكية الفريدة، والتى لم تدرج بعد على الخريطة السياحية على الرغم من أن الاهتمام بها سيحقق مزيدا من الجذب السياحى صيفا لمدينة الأقصر، بالإضافة إلى إظهار القيمة الفلكية لمعابد الكرنك وريادة قدماء المصريين فى علوم الفلك الأثري، خاصة أن غروب الشمس على محور معبد آمون رع بالكرنك لم يكن هو الظاهرة الوحيدة التى تحدث بالتوافق مع بداية الانقلاب الصيفي، ولكن ارتبط هذا اليوم أيضا بشمس الظهيرة التى تسقط عمودية لتنير قمم المسلات والغرف المقدسة بعدد من المعابد المحيطة بمعبد آمون رع فى مشهد بديع يمكن الاستفادة منه سياحيا.
وأضاف عبدالقادر، أن معابد الكرنك لم تكن هى الوحيدة التى ترتبط بظواهر فلكية بالتوافق مع بداية الانقلاب الصيفي، حيث يرتبط عدد من المعابد الأخرى مثل معبدى دندرة وادفو بفصل الصيف، إلا أن معابد الكرنك هى الأفضل والأجمل فى تحقيق مشهد سياحي، ورصد واضح لهذه الظواهر الفلكية النادرة.