يسعى صندوق النقد الدولي إلى خفض تكلفة التمويل بعد إجراء مراجعة لسياساته للمرة الأولى منذ عام 2016. وافق المجلس التنفيذي للصندوق على حزمة من الإجراءات تهدف إلى خفض تكاليف اقتراض الدول الأعضاء بنسبة 36%، أو ما يعادل حوالي 1.2 مليار دولار سنوياً. يأتي هذا القرار كجزء من استراتيجية جديدة تهدف إلى تقليل الأعباء المالية على الدول الأعضاء في الصندوق، وتوفير دعم أكبر للدول التي تحتاج إلى تمويل لمواجهة التحديات الاقتصادية.
تتضمن الإجراءات المعتمدة خفض تكاليف الاقتراض بشكل ينعكس إيجابياً على الدول الأعضاء، حيث من المتوقع أن ينخفض عدد الدول الخاضعة للرسوم الإضافية من 20 دولة حالياً إلى 13 دولة فقط بحلول السنة المالية 2026. تُفرض الرسوم الإضافية على الدول التي تتجاوز حدود الاقتراض المسموح بها أو تستغرق وقتاً أطول من المعتاد لسداد القروض. وقد استخدم الصندوق هذه الرسوم لفترة طويلة كأداة لمنع الدول من الاعتماد بشكل مفرط على القروض خلال فترات الأزمات، وذلك لضمان حماية حقوق الدول المقرضة التي تقدم مساهمات مالية للصندوق.
تشمل حزمة الإجراءات الجديدة خفض الهامش فوق سعر الفائدة المطبق على حقوق السحب الخاصة، وتعديل الرسوم الإضافية على أساس مستوى القرض والوقت المستغرق للسداد. سيتم أيضاً رفع مستوى الرسوم الإضافية على أساس مستوى الاقتراض، مع خفض معدل الرسوم المحتسبة على فترة السداد، بالإضافة إلى زيادة درجات رسوم الالتزام التي تُفرض على الدول في حالات معينة. من المقرر أن تدخل هذه الإجراءات حيز التنفيذ اعتباراً من الأول من نوفمبر المقبل.
وقد توصلت الدول الأعضاء إلى توافق حول حزمة شاملة تهدف إلى تقليل تكلفة الاقتراض بشكل كبير، مع الحفاظ على القدرة المالية لصندوق النقد الدولي لدعم الدول المحتاجة. تأتي هذه الحزمة في وقت يشهد فيه الاقتصاد العالمي ارتفاعاً في أسعار الفائدة وتحديات اقتصادية كبيرة، مما يجعل هذه الخطوة ضرورية للتخفيف من الأعباء على الدول المتعثرة مالياً.
تُعتبر الدول الخمس الأكثر استفادة من هذا القرار هي الأرجنتين، مصر، أوكرانيا، الإكوادور، وباكستان، نظراً لكونها من أكبر الدول المقترضة ودفعاً للرسوم الإضافية. لم تُفرض هذه الرسوم بسبب ارتفاع التكاليف فقط، بل أيضاً بسبب حجم القروض والديون الكبير الذي تتحمله هذه الدول. يُذكر أن مصر تُعد ثاني أكبر مقترض من الصندوق بعد الأرجنتين، وبالتالي من الطبيعي أن تكون من أكبر المستفيدين من قرار خفض تكاليف الاقتراض بنسبة 36%.
من المتوقع أن يوفر هذا الإجراء وفورات مالية كبيرة كانت مصر والدول الأخرى مخصصة لدفعها كرسوم وفوائد للصندوق. هذه الوفورات ستتيح للدول المعنية توجيه الموارد المالية التي تم تحريرها نحو تمويل مشاريع تنموية ضرورية، مثل توفير الغذاء، والرعاية الصحية، والتعليم، مما يساهم في تحسين الظروف المعيشية وتعزيز التنمية المستدامة.
بقلم / حنان رمسيس
خبيرة أسواق المال