بعد إعلان حكومة لبنان عن إفلاس الدولة .. فماذا يعنى إفلاس الدولة ..و هل تتخذ المحكمة الدولية إجراءات المحاكم التى تتبعها مع إفلاس الشركات
فى هذا الشأن أكد أيمن فوده الخبير الاقتصادى، إن إفلاس الدولة يختلف تماما عن إفلاس الشركات و كذلك الإجراءات المترتبة على هذا الإفلاس، فلا يمكن لأى جهة الحجز على أصول أو ممتلكات الدولة لصالح دائنين أفراد كانت متمثلة فى المستثمرين ، أو حكومات متمثلة فى ديون سيادية أو سندات أو صكوك دين .. حيث أن الدولة ذات سيادة و لا يمكن حال إفلاسها الا توزيع الديون على قطاعات الاقتصاد و مصرفها المركزى و كافة مصارفها علاوة على المستثمرين و الدائنين الافراد و الأشخاص الاعتباريين
أسباب الإفلاس
وقال فوده: تجدر الإشارة إلى أن إفلاس الدولة له أسباب متعددة فى مقدمتها عجز الدولة عن الوفاء بالتزاماتها الخارجية من حيث اقساط الديون و فوائدها و دفع الأجور و المرتبات للموظفين و كذلك العجز عن تدبير احتياجات الدولة من السلع الأساسية أو إتمام أى عمليات استيراد لعدم وجود سيولة مالية أو أى ضمانات لحقوق المصدرين للدولة .
ولفت فوده إلى أن لبنان لم تكن هى الدولة الأولى التى تعلن إفلاسها .. فمن اخر الدول التى أعلنت إفلاسها منذ حوالى العام دولة البرازيل التى أفلست بسبب عجز حكومتها عن الوفاء بالتزاماتها بسبب إجراءات الدول الاحترازية لمواجهة تداعيات كورونا .. و كانت الارجنتين من الدول التى أعلنت إفلاسها و عادت مجددا إلى منظومة الاقتصاد العالمى بعد اتخاذ الإجراءات الكفيلة بعودة تدفقاتها المالية تدريجيا لتغطية اقساط ديونها و فوائدها المستحقة .. و كذلك كانت أبرز تلك الدول التى أعلنت إفلاسها خلال القرن الماضى روسيا و الولايات المتحدة الأمريكية و الصين و المانيا و انجلترا و غيرها ..
و حول مدى احتمالية عن أن تواجه مصر مثل هذا المصير نفى فوده إمكانية تعرض مصر لذلك موضحا أن إفلاس الدول و عدم قدرتها على الوفاء بالتزاماتها و مديومياتها يسبقه عدة مظاهر للوصول لهذا العجز و أهمها عدم قدرة الناتج المحلى للدولة على سداد التزاماتها أو أن الدولة تفقد السيطرة على قطاعاتها المختلفة التى تغذى خزينة الدولة و هذا يتبعه زيادة الضرائب لتعويض هذا النقص.
تصنيف الدولة الائتمانى
و كذلك الحال عندما تعانى الدولة من الحروب و الهزيمة و الثورات التخريبية التى تفقد الدولة سيطرتها على أمنها القومى ثم يتبع ذلك تراجع و تخفيض متتالي لتصنيف الدولة الائتمانى و عدم نجاحها فى طرح ادوات دين جديدة مع خروب الاستثمارات الأجنبية التى تتفادى المخاطرة العالية فى الاستثمار بسوق المال أو سندات الحكومة أو أى استثمارات مباشرة و هذا العلم بعض من كل .. و قد كانت مصر خلال فتراتها العصيبة التى مرت بها على مدار عقود مضت من حروب و ثورات و أزمات عالمية كانت أو محلية بمناى عن مثل هذه التبعات بفضل من الله اولا .. ثم تمتع الدولة بنظام مصرفى محكم و ضمان الودائع بنسبة 100% .. مع منظومة ائتمان جيدة و ارتفاع مىضطرد فى الودائع البنكية مع وجود احتياطى سيولة علاوة على احتياطى المركزى الذى يواجه به أى تداعيات و هو ما تجلى خلال أزمة كورونا و الحرب الروسية الأوكرانية .. و الذى يضاف إليه التقدم فى منظومة الشمول المالى و الدفع الالكترونى و الحوكمة
.و استمرار إعادة جدولة الديون و فوائدها بما يتماشى مع قدرات الدولة للحفاظ على مستوى خدمات الدين من الناتج المحلى مع الحفاظ على مستوى الاحتياطى من النقد الأجنبى لتأمين السلع الأساسية لعدة شهور . و الذى يدع مصر بعيدا عن تلك التداعيات التي من شأنها أن تعرض الدولة الإفلاس أو التعثر .
الاقتصاد اللبنانى وإخفاقات متتالية
كما قال الدكتور رمزى الجرم الخبير الاقتصادى خبر إفلاس لبنان لم يَكُن خبر إفلاس مفاجئاً، ولكن كان متوقعاً منذ فترة طويلة، فما يحدث للبنان كان نتيجة اخفاقات متتالية منذ عقود مضت، لذا سارعت الحكومة بالإعلان عن الإفلاس، حتى لا يكون هناك تداعيات اكثر شدة، نتيجة عدم وجود أي حلول حقيقية للخروج من تلك الأزمة، وعلى إثر ذلك، تم الإعلان عن افلاس الدولة ومصرف لبنان المركزي، وتم الإشارة الى توزيع الخسائر على الدولة ومصرف لبنان المركزي والمصارف والمودعيين، كما تم الإشارة الى عدم وجود نسبة مئوية محددة.
وأضاف الجرم، على جانب اخر، نجد أن هذا الأمر لم يَكُن الأول من نوعه عالمياً، فقد مرت اليونان بنفس المصير في العقد الماضي، ومن قبلها الارجنتين، ثم عادتا للاقتصاد العالمي مرة أخرى، بعد إجراءات وتدابير في منتهي الشدة.
ومن الجدير بالذكر، أن إفلاس الدول؛ يمكن حدوثة، نتيجة لعدة عوامل او عامل واحد منها او اكثر، فقد يكون بسبب توترات سياسية أو انقلاب عسكري أو ثورات شعبية عارمة، مما قد يدفع بالحكومة الجديدة، حال شكها في شرعية الديون السابقة، مما ينتهي الأمر بها إلى عدم سدادها، ومن ثم، اعلان إفلاس الدولة، كما قد يكون بسبب نقص السيولة وعدم القدرة على الوفاء باقساط الدين والفائدة، وعدم القدرة على تسييل اصوله بالسرعة المطلوبة، أيضا، قد يكون بسبب عدم القدرة على الوفاء بالتزامات ديونه، مع تفاقم معدل البطالة بشكل شديد، وعدم جدوى تدابير التقشف في الوفاء بالوفاء بسداد أقساط القروض أو الفائدة، أو بهما معاً.
الديون السيادية والإفلاس
وأوضح الجرم، أن أزمة الديون السيادية، تعتبر امر شائع في حدوث حالات الإفلاس، نتيجة عدم توافق سياسة الاقتراض قصير الأجل مع سياسة الاقتراض طويل الأجل، نتيجة إنخفاض التصنيف الائتماني لدولة ما، وتصاعد معدلات الفائدة على القروض الممنوحة لها، مما يجعلها غير قادرة على الحصول على ائتمان طويل الأجل بأسعار فائدة مناسبة.
إلا أن الدول التي لديها خطط مالية وبرامج اقتصادية طموحة، ستكون بعيدة عن أي شكل من أشكال الإفلاس، على سبيل، مصر، فقد مرت بفترات عصيبة، ولكن كانت قادرة على مواجهة كافة التحديات المحيطة على المشهد الاقتصادي والمالي بشكل إحترافي، مما حدا بالمؤسسات المالية العالمية بإصدار توقعات إيجابية بالاقتصاد المصري في ظل أزمة كورونا، وقد حقق الاقتصاد المصري تلك التوقعات، حيث حقق اكبر معدلات نمو إيجابية في شمال أفريقيا ومنطقة الشرق الاوسط، بفضل قوة الاقتصاد المصري، بإعتباره اقتصاد عيني، قادر على مواجهة اي صدمات مالية مفاجئة.