إن استكمال مسيرة الدولة في سعيها نحو دمج الاقتصاد غير الرسمي، خاصة المشروعات المتوسطة والصغيرة ومتناهية الصغر، يتطلب وجود حزمة كبيرة من الحوافز لتشجيع العاملين بالاقتصاد غير الرسمي للدخول في المنظومة الرسمية للدولة، ومن أبرز تلك الحوافز تقديم تسهيلات ضريبية كمنح إعفاء ضريبي لعدد من السنوات، وكذا التغطية التأمينية الاجتماعية المبسطة للعاملين، وفي هذا الصدد، تجدر الإشارة إلى أن قانون المشروعات المتوسطة والصغيرة ومتناهية الصغر رقم (152) لسنة 2020 ولائحته التنفيذية يعد خطوة مهمة نحو ضبط المجتمع الضريبي ودمج الاقتصاد غير الرسمي في منظومة الاقتصاد الرسمي، فقد تضمن هذ القانون ولائحته التنفيذية كل التفاصيل المتعلقة بالتراخيص والاشتراطات المطلوبة وقواعد الوصول إلى التمويل الميسر، فضلا عن تحديد الحوافز الضريبية وغير الضريبية، فقد تقرر التجاوز عن الضريبة المستحقة عن السنوات السابقة على سن هذا القانون، بشرط تقديم أصحاب هذه المشروعات طلب الحصول على ترخيص مؤقت والتسجيل لدى مصلحة الضرائب، كما يقتصر التزام الممول على تقديم إقراره الضريبي وسداد الضريبة القطعية ولا يتم فحص الإقرار إلا بعد مرور خمس سنوات.
كما لعبت البنوك المصرية دورًا كبيرًا في عملية التحول الرقمي وتعزيز الشمول المالي الذي تتبناه الدولة للمساهمة لضم القطاع الغير رسمى لمنظومة رسمية ، وذلك عبر تنفيذ توجيهات البنك المركزي المصري، وابتكار منتجات مالية تجذب شرائح جديدة من غير المتعاملين مع القطاع المصرفي، كما نجحت البنوك في نشر بطاقات ميزة الوطنية وتوزيع نحو 20 مليون بطاقة بنهاية 2021، ومن المتوقع بها إلى 25 مليون بطاقة خلال عام 2022، فضلاً عن ارتفاع عدد بطاقات الدفع الإلكترونية إلى أكثر من 52 مليون بطاقة حتى نهاية أغسطس 2021.
ونشرت البنوك أكثر من 2900 ماكينة صراف آلي داخل مصر ضمن مبادرة نشر 6500 ماكينة صراف آلي جديدة في أنحاء الجمهورية وبنسب أعلى في المناطق التى تعاني من نقص الخدمات المصرفية والتى يتحمل على أثرها القطاع المصرفي ما يقارب 2.6 مليار جنيه.
فضلا عما قامت به البنوك من طرح مبادرات بأسعار مخفضة لتمويل المشروعات متناهية الصغر و الصغيرة والمتوسطة وذلك تشجيعا لاصحاب النشاطات بالقطاع الغير رسمى للانضمام للقطاع الرسمى للاستفادة من تلك المبادرات.
الفوائد المترتبة على دمج الاقتصاد الغير الرسمى للاقتصاد الرسمى
– إدخال ايرادات ضخمة لموازنة الدولة بما يساهم فى تقليص عجز الموازنة و زيادة معدل النمو الاقتصادى .
– ضبط الاسواق و الوقوف على الاحتياجات الفعلية للاسواق سواء العرض او الطلب للسلع .
– الوقوف على المعلومات و الاحصائيات الصحيحة و الدقيقة عن الامكانيات الاقتصادية للمجتمع مما يساعد على رسم السياسات الاقتصادية بصورة صحيحة وتحقيق النمو الاقتصادى و التنمية الاقتصادية المطلوبة .تحقيق الامان الاجتماعى و المادى للمواطنين وتقليص الفجوة مابين طبقات المجتمع مما يؤدى لتخفيض معدلات الجريمة
دور المواطن للقضاء على الاقتصاد الغير الرسمى
من الاخطاء الشائعة التى يرتكبها المواطن فى حق نفسه ويكون سببا فى خلق أقتصاد غير رسمى هو عدم مطالبته بالفاتورة عند شراء أى منتج وهنا نؤكد على أهمية توعية الناس بأن الفاتورة من أساسيات الشراء وهى الوسيلة الوحيدة التى تحمى المستهلك وتضمن حقه بعد الشراء ضد عيوب الصناعه من المنتجات حيث ان الفاتورة هى المستند الوحيد الذى يحمى المستهلك اذا تم الرجوع على البائع اذا وجد أى عيب فى المنتج .
البرلمان والحكومة تقوم بتشريع القوانين كقانون حماية المستهلك لكن المواطن يهدر حقه بتغاطيه عن الحصول على الفاتورة ولو تم التعامل بالفواتير لن يكون هناك تقديرات جزافية من الضرائب و الجميع سيحصل على حقه ويقوم بدفع ما عليه وسيعم الخير على المجتمع .
يجب على الدولة تغليظ العقوبات وتشديد الاجراءات و أحكام الرقابة و أعطاء الاجهزة الرقابية المزيد من الاختصاصات للتفتيش وتشديد الرقابة فاتساع حدود مصر يجعلها عرضة للاختراقات و بالتوازى مع هذه الاجراءات الامنية يجب توعية المواطنين من خلال وسائل الاعلام المختلفة عن مساوىء ذلك الاقتصاد الغير الرسمى المعرقل لمسيرة التنمية الاقتصادية للبلاد بمعنى لو نريد نحيى حياة كريمة ونحقق أهدافنا نبدأ بتوعية المواطن …. الانسان فالانسان هو النواه لبناء المجتمعات و الاوطان و الامم وهو أساس تقدمها.
ونرى بعض التوصيات التى يمكن الاستعانه بها لضم الاقتصاد الغير الرسمى للمنظومة الرسمية :-
قيام الحكومه بمساعده الجهات المختصه بتقديم المساعدات والقروض لهذا القطاع غير الرسمى وبالتالى سيسهم هذا القطاع بدوره فى التنميه المحليه ودعم حركه العمل داخلياً وتيسييرالاجراءات عليه وخفض تكلفتها لمساعدته على التواجد من خلال كيان شرعى .
التعامل مع هذا القطاع بمرونه خاصه من جانب الجهات الرقابيه والاداريه التى تتعامل معه كالتأمينات والضرائب ومكاتب العمل والصحه وغيرها من الجهات التي تتسبب فى بعض الاحيان بسبب تعاملاتها خوف العاملين فى هذا القطاع وهروبهم للعمل غير الشرعى .
تشجيع الانضمام إلى القطاع الرسمى من خلال إعطاء مزايا تمويليه وقروض ائتمانيه لكل من يسعى للعمل بشكل شرعى كأن يكون هناك شرط بأن يحصل هذا الكيان العشوائى على القرض من خلال تسجيله للمحل الذى يعمل فيه .
زياده دور المحليات في الرقابة على العمالة العشوائية والباعة الجائلين للعمل فى القطاع الرسمى من خلال توفير أماكن مخصصه لهم وباسعار منخفضه بدلا من العمل على الارصفه والشوارع مع ضروره اخضاع تلك المصانع لأجهزه الرقابه التابعه لوزاره الصناعه مع توحيد جهات الرقابه .
زياده نسبه الشمول المالى والتى تستهدف إلى تشجيع هذا القطاع للتعامل والاستفاده بالخدمات التى تقدمها المؤسسات الماليه المصرفيه وغير المصرفية .
اقامه حملات توعيه مكثفه لنشر الوعى بين المتعاملين وصغار المستثمرين فى هذا القطاع بايجابيات ومزايا التحول إلى الاقتصاد الرسمى من حيث السهوله فى اجراء التراخيص وكذلك التسهيلات البنكيه وترسيخ ثقافه استخدام المعاملات الماليه إلكترونياً والقضاء علي ثقافه المعاملات النقدية .
بقلم / الدكتور محمد الشوربجى
الخبير المصرفى
تمت والحمد لله