كشفت بيانات حصرية حصلت عليها فوربس الشرق الأوسط من شركة Tradeweb الأميركية المتخصصة في الخدمات المالية تراجع السندات المصرية الدولارية مع نهاية النصف الأول من 2022، ليصل متوسط سعر السندات الدولارية المستحقة في 29 مايو 2032 إلى 65.65 سنتًا لكل دولار، مقابل 95 سنتًا في بداية يناير ما يعني هبوطًا في السعر بـ 29 سنتًا أي بنحو 31% خلال الأشهر الستة الأولى من العام.
كما ارتفع متوسط العائد على نوع السندات نفسه إلى 14.2% في نهاية النصف الأول مقابل نحو 8.4% فقط في بداية يناير من هذا العام في السوق الثانوية.
تراجع السندات المصرية الدولارية
أكد الخبير المالي وكبير مسؤولي الاستثمار في شركة Advisable Wealth Engines أيمن أبوهند لفوربس الشرق الأوسط أن تداعيات الحرب الروسية الأوكرانية لا تزال تلقي بظلالها على الوضع المالي في مصر والأسواق الناشئة أيضا خلال الفترة الحالية، موضحًا أنه عندما تباع السندات بأقل من قيمتها الاسمية يرتفع العائد الكلي عليها.
وأضاف: “يشير تراجع سعر السندات المصرية وزيادة العائد الكلي إلى أن المستثمرين الأجانب يخشون ارتفاع المخاطر في السوق المصري خصوصًا مع تغيير مؤسسة موديز للتصنيف الائتماني النظرة المستقبلية لمصر إلى سلبية مؤخرًا”.
تصنيف مصر وتراجع السندات المصرية الدولارية
وكانت موديز قد أبقت على تصنيف مصر عند B2 لكنها غيَّرت نظرتها المستقبلية من مستقرة إلى سلبية، في 26 مايو موضحة أن النظرة المستقبلية السلبية تعكس ارتفاع المخاطر المتعلقة بقدرة الدولة على التعامل مع الصدمات الخارجية في ضوء التراجع في احتياطي النقد الأجنبي نتيجة مدفوعات خدمة الدين الخارجي خلال الفترة المقبلة.
وتراجع احتياطي مصر من النقد الأجنبى بقيمة 1.63 مليار دولار خلال شهر واحد فقط ليصل إلى 35.495 مليار دولار فى نهاية مايو مقابل 37.123 مليار دولار فى نهاية شهر أبريل
وأشار أبوهند إلى أن الفترة القليلة الماضية شهدت بيع الأجانب للسندات الدولارية بكثافة، بالتزامن مع انسحاب الأجانب من البورصة المصرية أيضًا على الرغم من أن التعاملات على السندات الدولارية لا تتم بالعملة المحلية.
رفع الفائدة وتراجع السندات المصرية الدولارية
ورفع البنك المركزي المصري الفائدة بواقع 100 نقطة أساس أي 1% في اجتماع استثنائي في 21 مارس، ثم خفض قيمة العملة المحلية بنسبة 16.2% من 15.7 إلى نحو 18.25 جنيهًا للدولار، لكنّ ذلك لم يمنع العملة المحليّة من التراجع أكثر، إذ وصل سعر صرف الدولار الواحد حاليًّا إلى 18.9 جنيهًا.
تابع المركزي المصري رفع الفائدة، وأقرّ في اجتماعه في 19 مايو زيادتها بنسبة 2% أو 200 نقطة أساس ليبلغ سعري عائد الإيداع والإقراض لليلة واحدة 25.11% و25.12%، فيما رُفِعَت فائدة الائتمان والخصم إلى 75.11%، لكنّه في آخر اجتماع له في 23 يونيو يبقى على معدلات الفائدة كما هي.
6 أشهر أخرى حرجة
يحذِّر أبو هند من 6 أشهر حرجة تواجع الاقتصاد المصري، بعد التحديات التي مرَّ بها في النصف الأول، في ظل احتياجات تمويلية بقيمة 8 مليارات دولار لتلبية خدمة واستحقاقات الديون الخارجية.
وينصح أبو هند بالعمل على زيادة دخل مصر من العملات الصعبة في النصف الثاني، عادًًّا الاتفاق مع الشركاء الخليجيين على تمويلات جديدة واستثمارات بمنزلة “مسكنات فقط”، إذ إنه لا بديل عن زيادة إيرادات قناة السويس وتحويلات المصريين العاملين في الخارج إلى جانب العمل على تعزيز السياحة لتكون مصدرًا مستدامًا للنقد الأجنبي في الفترة المقبلة.
ويرى أبو هند أنّ العالم يشهد تراجعًا في الاستثمارات المباشرة بسبب التحديات الراهنة المرتبطة بالحرب الروسية الأوكرانية وارتفاع الفائدة، لكن على الدولة المصرية برأيه، العمل على جذب الشركاء الأجانب إلى الاستثمار في السوق المحلية كمصدر من مصادر النقد الأجنبي
وكان وزير المالية محمد معيط ذكر في تصريحات تلفزيونية مؤخرًا أنّ مصر تعلمت الدرس “ولن نعتمد على الأموال الساخنة مرة أخرى على الإطلاق .. في 2018 و2020 و2022 اعتمدنا عليها، ولن نأخذها في الحسبان في المستقبل، مع التوسع في الصناعة والزراعة والإنتاج”.
وأكّد معيط أن القاهرة تستهدف تعزيز جذب الاستثمارات الأجنبية المباشرة إلى السوق المحلية خلال الفترة المقبلة ليستقطب 40 مليار دولار على مدار 4 سنوات بدعم من المشروعات التي نفذتها الحكومة في مجال البنية التحتية، التي تمهد الطريق أمام المستثمرين لضخ مزيدٍ من الأموال داخل السوق المحلي.
تقليص الاستدانة وتراجع السندات المصرية الدولارية
تبلغ القيمة الاسمية لإصدارات مصر القائمة من السندات المقومة بالدولار 34.21 مليار دولار إلى جانب سندات بقيمة 4 مليارات يورو مقومة بالعملة الأوروبيّة (4.1 مليارات دولار)، فضلا عن سندات بالين الياباني بقيمة 60 مليار ين أي ما يعادل نصف مليار دولار، بحسب إحصاءات وزارة المالية.
يذكر أن مصر قد طرحت السندات المقومة بالين الياباني لأول مرة في نهاية مارس بهدف رفع كفاءة إدارة الدين، وتنويع مصادر وأدوات التمويل، وتوسيع قاعدة المستثمرين.
3 مليارات دولار سندات دولارية وتراجع السندات المصرية الدولارية
كما كانت مصر قد طرحت سندات دولارية بقيمة 3 مليارات دولار على 3 شرائح في سبتمبر من عام 2021، الشريحة الأولى بقيمة 1.125 مليار دولار يحين موعد استحقاقها في 2027 وبفائدة 5.8%، والثانية بقيمة 1.125 مليار دولار تستحق في 2033 وبمعدل فائدة 7.3%، أما الشريحة الثالثة بقيمة 750 مليون دولار تستحق في 2051 وفائدتها 8.75%.
ولكن أبو هند دعا إلى تقليص الاستدانة بالعملات الأجنبية خلال الفترة المقبلة، بهدف السيطرة على ارتفاع الدين الخارجي إلى حين البدء في تحقيق عوائد من المشروعات التنموية الضخمة التي نفذتها مصر مؤخرًا.
وتواصل مصر مفاوضاتها مع صندوق النقد الدولي للاتفاق على قرض جديد، فيما تشير أحدث بيانات البنك المركزي المصري إلى ارتفاع الدين الخارجي إلى 145.53 مليار دولار بنهاية ديسمبر الماضي مقابل 137.42 مليار دولار في سبتمبرومن العام نفسه.