أكد الدكتور رمزي الجرم الخبير الأقتصادي ان تساوى قيمة العملة الأوربية الموحدة (اليورو) مع قيمة الدولار الامريكي في 12 من شهر يوليو الجاري،
سابقة لم تحدث منذ عشرون عاما مضت،على خلفية تزايد حجم المخاطر على الاقتصاد الأوربي، نتيجة النقص الحاد والمستمر في إمدادات الغاز الروسي لمنطقة اليورو،
منذ بداية الحرب الروسية الاوكرانية، وسلسلة العقوبات التي فرضتها الولايات المتحدة الأمريكية والغرب على موسكو .
أنخفاض اليورو ناتج عن أرتفاع معدلات التضخم
أشار الي انخفاض العملة الأوروبية يأتي في ظل إرتفاع معدلات التضخم في منطقة اليورو بشكل غير مسبوق ،ليتجاوز نحو 8.6% في بعض دول الاتحاد الأوربي ،
مما عمق أمد الأزمة الجارية، واجهض الكثير من الحلول التي كانت في جعبة دول الاتحاد الاوربي خلال الفترة القادمة، خصوصاً في ظل توقعات تشير إلى اشتداد حدة الأزمة مع قدوم فصل الشتاء القادم ،
نتيجة الحاجة الشديدة للمزيد من إمدادات الغاز الروسي لدول منطقة اليورو ، مقابل مزيد من المراوغة من موسكو واللعب بورقة تقليص الامدادات بافتعال اسباب غير منطقية ،
كما حدث في الايام القليلة الماضية، من الإشارة الي اجراء الصيانة في بعض خطوط انتاج الغاز الروسي ، كوسيلة لإثناء اوروبا عن الإنخراط لفرض عقوبات اقتصادية جديدة على موسكو ، فضلا عن ارتفاع اسعار الغاز الطبيعي عالميا، وبالتالي، تحقيق مكاسب كبيرة للاقتصاد الروسي.
تأثير انخفاض اليورو علي الأوروبين
أضاف الجرم ان إنخفاض اليورو ، سيضطر المستهلكين في منطقة اليورو إلى زيادة حجم انفاقهم، من أجل تغطية تكاليف المعيشة، وينذر هذا الإنخفاض،بحدوث إرتفاعات أخرى في اسعار الطاقة والمواد الخام ،
مما سيترتب عليه زيادات اضافية في معدلات التصخم، وهو ما سيدعوا المفوضية الأوربية إلى تخفيض توقعاتها للنمو الاقتصادي في اوروبا للعام الحالي والقادم ،
وما يؤكد ذلك، وجود تراجع ملموس في سوق الاسهم الاوربية ،بعد يوم واحد من انخفاض قيمة اليورو، وحدوث خسائر في الأسهم الحساسة في الاقتصاد الأوربي،
وسط مخاوف من تقلص امدادات الغاز والنفط لأوربا، فضلا عن تزايد حجم الاصابات بفيروس كورونا في بعض الدول الاوربية واليابان والصين،
مما سيؤثر سلباً على شهية المستثمرين الدوليين للمخاطرة ، ويبرز المخاوف حيال ركود اقتصادي طويل الأمد .
على جانب آخر، سيؤدي هذا الأمر إلى زيادة قيمة المنتجات المستوردة، نتيجة توفير وحدات اكثر من اليورو ، لشراء نفس السلع المدفوع ثمنها بالدولار الامريكي،
في المقابل من ذلك ، سيكون هناك بعض الانعكاسات الايجابية لمنطقة اليورو، على خلفية انخفاض اليورو ، وهو زيادة قيمة الصادرات الاوربية،
نتيجة تخفيض عدد وحدات اليورو المطلوبة لشراء نفس كمية المنتجات ،اذا ما افترضنا ثبات العوامل الأخرى، فضلا عن زيادة الطلب على السياحة داخل دول الاتحاد الاوروبي ،
على خلفية سهولة تدبير كمية اكبر من العملة الاوربية بتكلفة اقل مما قبل .
تأثير أنخفاض اليورو علي الأقتصاد المصري
اما عن مدى تأثير هذا التطور على الاقتصاد المصري ، فمن المتوقع أن تكون الآثار السلبية مقابل الاثار الإيجابية، محدودة إلى حدٍ ما، حيث ان هذا الأمر ،
سوف يؤدي إلى إنخفاض قيمة الاحتياطي النقدي بالعملات الاجنبية طرف البنك المركزي، بعد اعادة التقيم على اساس سعر الدولار الامريكي، ولكن سيكون الإنخفاض غير ملموس،
على خلفية ان المركزي يحتفظ بسلة متنوعة من عملات السحب الخاص ، سواء بالدولار او الاسترليني او اليورو او الين الياباني او اليوان الصيني،
فضلا عن ان القائمين على امور السياسة النقدية، لديهم رؤية مستنيرة عن التطورات الحادثة على المشهد الاقتصادي العالمي، تَبدى ذلك، في شراء كميات من الذهب بشكل غير مسبوق ، مع بداية الأزمة ،
وفي المقابل من الانعكاسات السلبية، هناك بعض الامور الايجابية ،المتمثلة في انخفاض قيمة الديون التي تمت من خلال اصدار سندات باليورو ، بالاضافة إلى إنخفاض قيمة الصادرات التي تستوردها مصر من اوروبا ،
نتيجة انخفاض قيمة اليورو ، كما ان شدة الازمة العالمية ، سيؤدي الى زيادات متتالية في اسعار الغاز الطبيعي ، والذي ينعكس إيجابياً على زيادة عائدات التصدير بشكل ملحوظ،
مما يحسن اوضاع ميزان المدفوعات، ويعوض اي آثار سلبية قد تحدث نتيجة انخفاض العملة الاوربية الموحدة .