يترقب الاقتصاد العالمي اثار قرار الفيدرالي الأميركي المتوقع برفع أسعار الفائدة حيث تواجه الولايات المتحدة ركوداً اقتصاديا كبيرا في ظل ارتفاع أسعار الفائدة واقتصادها المثقل بأعباء الديون المرتفعة، والذي ينتج عنه توقع حدوث تباطؤ اقتصادي واضح وانه ليس بالطفيف.
أزمة ديون حادة
وهناك عدة أسباب تجعل اقتصاديات الدول الكبري تواجه ركوداً عميقاً وأزمة ديون حادة، ويرجع ذلك الي أن نسب الديون المرتفعة تاريخياً في أعقاب جائحة كورونا، حيث ان عبء الدين في الاقتصادات المتقدمة سوف يستمر ارتفاعه بالإضافة إلى تصاعده في الاقتصاديات الناشئة.
وعلي صعيد متصل تتزايد المخاوف من ارتفاع أسعار الفائدة الامريكية الي دفع الاقتصاد إلى الركود في ضوء تشديد بنك الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي السياسة النقدية بقوة للحد من التضخم المرتفع لأعلى مستوياته منذ أربعة عقود، ومع ذلك سوف تمضي البنوك المركزية في جميع أنحاء العالم بقوة إلى رفع أسعار الفائدة في محاولة لكبح جماح التضخم فضلا عن رفع البنك المركزي الأوروبي أسعار الفائدة هذا الأسبوع للمرة الأولى منذ أكثر من عقد.
وفي ضوء مؤشرات معدلات التضخم الامريكية أتوقع رفع آخر لسعر الفائدة بمقدار 75 نقطة أساس الي 100 نقطة أساس هذا الأسبوع، عقب رفع أسعار الفائدة في يونيو الماضي بأكبر وتيرة منذ 1994،
وللأسف سوف ينتهج صانعي السياسة النقدية بالفيدرالي الأمريكي إستراتيجية مواصلة رفع أسعار الفائدة خلال الأشهر المقبلة اعتقادا منهم بان تلك الأداة هي التي سوف تكبح ارتفاع معدلات التضخم.
وفي سياق متصل فان هذه المرة سوف يتزامن بداية مؤشرات الركود التضخمي مع أزمة ديون حادة، لذلك قد نواجه ركوداً عالميا لكافة دول العالم أسوأ من السبعينيات وما بعد الأزمة المالية العالمية”.
تقلص النشاط التجارى
ومما يؤكد وجهة نظري هو تقلص النشاط التجاري في الولايات المتحدة أكبر اقتصاد في العالم هذا الشهر للمرة الأولى منذ ما يقرب من عامين،
كما تراجع النشاط الاقتصادي في منطقة اليورو لأول مرة منذ أكثر من عام، وكان النمو في بريطانيا عند أدنى مستوى له في17 شهراً،
حسبما أظهر مؤشر مديري المشتريات الأسبوع الماضي، فضلا عن أحدث بيان للبنك الدولي والذي أشار في الي توقعات بانخفاض في معدلات النمو الاقتصادي العالمي بشكل كبير.
وأود ان اشير الي أن وتيرة رفع أسعار الفائدة ومدى تشديد السياسة في المستقبل سيعتمدان على البيانات الواردة والتوقعات المتغيرة للاقتصاد
كيف تؤثر معدلات التضخم وأسعار الفائدة المرتفعة على الاقتصادات الناشئة
أوضح البنك في تقريره الأخير عن الآفاق الاقتصادية العالمية، أن ارتفاع أسعار الفائدة في أمريكا والبلدان المتقدمة، قد تنتج عنه أزمات في الأسواق الناشئة ،
هذا وتؤدي تلك الضغوط على الأسواق الناشئة إلى تداعيات على الاقتصاد العالمي قد تمتد خلال العام الجاري والعام المقبل، وتشير التوقعات الي تباطؤ نمو الاقتصاد العالمي في عام 2023،
فضلا عن ان التضخم المتسارع وارتفاع أسعار الفائدة يؤثر على معدلات نمو الاقتصاد في أمريكا، بينما يتأرجح اقتصاد أوروبا بسبب ازمة أوكرانيا، وتباطئ اقتصاد الصين بسبب نهج الحكومة في مكافحة الوباء، مما ينعكس ذلك بشكل سلبي على الأسواق الناشئة.
وفي ذات السياق تواجه الكثير من دول العالم صعوبات إضافية بسبب ديون العملات الأجنبية والتي قد يكون من الصعب سدادها عندما تنخفض قيمة العملات المحلية، والديون ذات معدلات الفائدة المتغيرة، وذلك لأن مدفوعات الفائدة سترتفع مع ارتفاع أسعار الفائدة العالمية.
على صعيد الشأن المحلي
تعمل مصر على استكمال الإصلاحات الاقتصادية التي بدأتها منذ نحو 4 سنوات، والعمل على تخفيف مستوى التضخم، مع إعطاء دور أكبر للقطاع الخاص لزيادة معدلات الإنتاج المحلي وهو ما يحدث فعليا حاليا ويزيد في القريب العاجل.
وفي ضوء مواجه تحديات الازمة الاقتصادية العالمية وتأثيرها على الاقتصاد المحلي قامت الرئاسة المصرية بتقرير حزم اقتصادية لدعم المواطن المصري من خلال اتخاذ قرارات اقتصادية اليوم بشأن صرف مساعدات استثنائية لمدة 9 شهور،
فضلا عن التوسع في مظلة الحماية المجتمعية بإضافة مليون اسرة جديدة تقريبا الي برنامج تكافل وكرامة ليصبح حجم المستفيدين 20 مليون مواطن علي مستوي الجمهورية
بالإضافة الي تعزيز الامن الغذائي من خلال توزيع كراتين السلع الغذائية بنصف التكلفة ، فضلا عن زيادة عدد المنافذ الغذائية لوزارة التموين والقوات المسلحة المصرية.
بقلم /دكتور هاني حافظ
الخبير الأقتصادي