فيما يبدوا ان منح قرض رابع من صندوق النقد الدولي لمصر، لمواجهة تداعيات الازمات المالية المتتالية بدءاً من ازمة كوفيد 19، ربنا يواجه الكثير من الصعوبات هذه المرة،
بخلاف ماكان يحدث في المرات السابقة منذ عام 2019 ، حيث تم تزامن عقد اول قرض بقيمة تُقدر بنحو 12 مليار دولار، مع أطلاق برنامج الإصلاح الاقتصادي والهيكلي للاقتصاد المصري في 2016،
ومع بداية الجائحة، ثم حصلت مصر على قرض بقيمة قدرها 2.8مليار دولار، وقبل مرور عام كامل على القرض السابق، حصلت مصر أيضا على قرض ثالث بموجب إتفاق الاستعداد الائتماني بقيمة تقدر بنحو 5.2 مليار دولار،
وعلى الرغم من أن حزمة القروض التي حصلت عليها مصر من المؤسسات الدولية وطرح المزيد من السندات الدولية في الأسواق الدولية؛ إلا أن الازمات المالية المتتالية،
قد ادت إلى فقد مصر نحو 25٪ من قيمة احتياطياتها الدولية بالعملات الأجنبية طرف البنك المركزي المصري منذ نهاية عام 2019، بعد هبوط الاحتياطي النقدي من مستوى 45.4 مليار دولار إلى نحو 33.37 مليار دولار في يونية الماضي،
بعد أن فقد نحو 12 مليار دولار على مدى ثلاث سنوات او نحو ذلك، تزامن ذلك مع خروج نحو 20 مليار دولار من الخزانة المصرية،
مع هروب المستثمرين في ادوات الدين المحلي في الاربعة أشهر الأولى من العام الجاري، وبما يعادل 55 مليار دولار على مدى اربع سنوات سابقة.
ومن الجدير بالذكر، ان هناك العديد من الأمور المتفق عليها مع مسئولي الصندوق ، والبعض الاخر، يواجه خلافاً حاداً فيما بين الحكومة المصرية والمسئولين بالمجلس التنفيذي لصندوق النقد الدولي،
تَتَبدى أوجه الخلاف في الحاجة الشديدة في قيام القاهرة بإجراء حاسم بشأن إصلاحات مالية وهيكلية أعمق، لتعزيز القوة التنافسية للاقتصاد المصري وجعله اكثر مرونه في مواجهة الصدمات المالية المفاجأة،
من خلال تخفيض الدعم المقدم من الحكومة للكثير من القطاعات الاقتصادية، وفتح الاستيراد، ومواجهة شبح الزيادة السكانية،
حيث ارتفع عدد سكان مصر منذ فبراير 2022 وحتى يونيو من نفس العام بواقع نصف مليون نسمة من نحو 103 مليون نسمة في شهر فبراير الماضي، مع مطالبة الصندوق، بوضع خطة لتخفيض الدين العام الخارجي،
والذي وصل إلى مستوى 158ملبار دولار مع نهاية الربع الأول من العام الجاري، اما على مستوي التوافق فيما بين الحكومة المصرية والصندوق،
فيتبدى في اتجاه الحكومة نحو طرح مايقرب من 10 شركات مملوكة للدولة بنهاية عام 2022، على خلفية الإعلان عن طرح نحو 23 شركة وبنكاً، الا ان ما تم طرحه حتى الآن، نسبة بسيطة جدا، تمثلت في طرح نحو 4.5٪ من أسهم الشركة الشرقية للدخان في فبراير 2019،
ثم طرح شركة (اي فاينانس) في أكتوبر 2021، واخيرا، طرح نحو 10٪ من أسهم شركة ابو قير للاسمدة في ديسمبر الماضي.
والحقيقة، انه وعلى الرغم من أن الاقتصاد المصري يواجه العديد من التحديات الشديدة على خلفية التداعيات التي احدثتها الازمات المالية المتتالية،
الا انه لا يختلف كثيرا عن كافة الاقتصادات الاخري، بل ان أقوى الاقتصادات العالمية، قد تأثرت يشكل اكبر مثل اقتصادات دول الاتحاد الاوربي،
وفيما يبدو أن هذا التعنت من قبل المجلس التنفيذي لصندوق النقد الدولي، يأتي من منطلق امور سياسية اكثر منه اقتصادية، على خلفية اتجاه القرار السياسي للسياسة الخارجية للدولة المصرية نحو الوقوف على مسافة واحدة من النزاعات المسلحة التي ظهرت على الساحة العسكرية منذ بداية الحرب الجارية،
خصوصاً بعد تخفيض التوقعات بشأن نمو الاقتصاد المصري بمعدل 0.2٪ فقط، من 5٪ الى 4.8٪ ، وهذا ربما يكون امر طبيعي في ظل ازمة شديدة لم يشهدها العالم من قبل،
فتحقيق معدل نمو إيجابي، يعتبر انجاز اقتصادي كبير في ظل الضبابية وحالة عدم اليقين بشأن مستقبل الاقتصاد العالمى، مع استمرار أمد الحرب الدائرة، والتي من المتوقع ان تزيد حدتها بشكل غير محسوب اذا ما اقدمت الولايات المتحدة الأمريكية على تنفيذ زيارة مرتقبة لجزيرة تايوان الخاضعة لسيادة دولة الصين الشعبية.