أثار ارتفاع سعر الدولار الامريكى مقابل الجنيه المصرى تساؤلات عديدة حول الاسباب والتداعيات واداء الاقتصاد المصرى مؤخرا فى ظل الضغوط التضخمية والازمات الجيوسياسية التى يعانى منها العالم.
وهنا يبرز السؤال الاهم: هل خفض قيمة الجنيه المصرى يعد خطوة تدريجية للوصول به الى سعر صرف مرن؟ وهل قام البنك المركزى المصرى باستخدام كل ما فى جعبته للسيطرة على الضغوط التضخمية؟
فى ظل اتباع عديد من البنوك المركزية عالميا سياسة نقدية تشددية، يحاول البنك المركزى المصرى المزج بين السياسة التشددية والتوسعية،
حيث أن رفع أسعار الفائدة قبل التثبيت الاخير لامتصاص السيولة وكبح جماح التضخم أدى الى زيادة تكاليف الاقراض (تشديد نقدى).
ويعد الاستمرار فى مبادرات تمويل القطاعات الانتاجية بفائدة مخفضة لدعم النمو وزيادة الانتاج (تيسير نقدى)، وينطبق الحال على خفض قيمة العملة حيث ينعكس بدوره على تشجيع الصادرات لانخفاض اسعار السلع والخدمات مما يؤثر على الميزان التجارى (تيسير نقدى).
ولعل الية تخفيض قيمة العملة اتبعتها عديد من الدول مثل الصين وروسيا واليابان بهدف زيادة معدل الصادرات وتحسين الميزان التجارى.
ويعزو ارتفاع سعر الدولار مقابل الجنيه الى أسباب عديدة أهمها نزوح الاستثمارات في أدوات الدين الحكومي الى الخارج وتأثر قطاع السياحة (أهم مصادر العملة الأجنبية لمصر).
وتراجع احتياطيات النقد الأجنبي بسبب ارتفاع مدفوعات خدمة الديون واستمرار ضخ البنك المركزي المصري للنقد الأجنبي لسد فجوة الطلب المتراكم على النقد الأجنبي وارتفاع اسعار واردات السلع.
ولابد ان تتوافق اليه خفض قيمة العملة مع مجموعة من الاليات والاصلاحات التى تستدعى الاهتمام البالغ من الدولة المصرية:
ومن أبرزها تدبير العملة الاجنبية فيما يخص الاعتمادات المستندية والاستيراد لمستلزمات الانتاج والتصنيع والتى تعانى نوعا من التقييد بسبب محاولة القضاء على السوق السوداء والدولرة وايجاد مزيد من التدابير والاليات لدعم هذه القطاعات الانتاجية،
بالاضافة الى تبنى اسعار صرف متعددة، اصلاح هيكلى للبورصة المصرية، تبنى برامج الحماية المجتمعية لمراعاة الفئات الاكثر فقرا فى ظل الازمات الطاحنه عالميا.
وقد أخذت الدولة على عاتقها جذب الاستثمارات المباشرة وتطبيق حزمة من القرارات أهمها: القضاء على البيروقراطية واصدار وثيقة سياسة ملكية الدولة والتي تضم القطاعات والصناعات التي تخطط الحكومة للتخارج منها أو زيادة حصتها فيها،
وتنمية الصناعات المحلية، لتعزيز تطوير القطاع الخاص وتحسين الحوكمة وتقليص دور الدولة، بهدف تخطى الازمة التضخمية الراهنة دون الانحراف عن مسار التعافى والحد من أي آثار معاكسة.
فالأزمة طاحنه وتستدعى التعاون بين جميع الاطراف حكومة وشعبا.
د/ مروه الشافعى
الخبير الاقتصادى