أكد الدكتور رمزى الجرم الخبير الاقتصادى،أنه على الرغم من ارتفاع الدين العام وحجم القروض الخارجية لمصر، وصلت إلى نحو 157.8مليار دولار بنهاية مارس 2022، بإرتفاع قدره 19.9 مليار دولار، بمعدل 14.5٪ مقارنةً بنهاية يونيو 2021؛ الا انه مازال في الحدود الآمنة الى حد ما، حيث بلغ معدل الدين الخارجي للناتج المحلي الإجمالي 34.6٪
وقال الخبير، أنه وفقا للنشرة الاحصائية الشهرية الصادرة عن البنك المركزي المصري، سددت مصر نحو 6.3 مليار دولار خلال الربع الثالث من العام المالي 2021 /2022، حيث انقسمت أعباء الدين إلى أقساط مسددة بقيمة قدرها 4.968 مليار دولار، وفوائد مدفوعة تقدر بنحو 20 مليار دولار، اما فيما يخص الفترة من يوليو 2021، وحتى نهاية مارس، بلغت سداد الأقساط وفوائد الديون نحو 20 مليار دولار، وبلغت الأقساط المسددة خلال التسعة أشهر الأولى من العام الماضي، نحو 16.6 مليار دولار، والفوائد المدفوعة نحو 3.4 مليار دولار.
الديون وتداعياتها على الاقتصاد
وأضاف الجرم: من المعروف أن مشكلة الدين العام وتداعياته السلبية على أي اقتصاد، من الأمور المُقلقة وغير المُريحة للحكومات وصانعي القرار والسياسة الاقتصادية والمالية في كافة الاقتصادات على اختلاف أيديولوجيتها الاقتصادية والسياسية ، حتى أن هذه الإشكالية دائما ما تكون مثار قلق دائم للمواطنين، على خلفية، التخوف من نقل أعباء تلك القروض إلى الاجيال القادمة، فضلا عن التداعيات السلبية على الأحوال المعيشة لهم، نتيجة نقص الموارد المالية التي يتم تخصيصها للانفاق على الخدمات العامة الأساسية، بسبب توجيه تلك الموارد نحو سد العجز الكلي للموازنة العامة للدولة، نتيجة سداد أقساط القروض وخدمتها.
قيمة الدين العام
وتابع الجرم، على الرغم من ان هذا التخوف، له وجاهته الفائقة، وله ما يبرره؛ إلا أن هذا الأمر في كثير من الأحيان، قد يشوبه العديد من الإفتراضات أو المفاهيم الخاطئة والمُغلوطة، اهمها: هو التركيز على قيمة الدين العام(بشقيه المحلي والخارجي)؛ دون نسبته إلى العديد من المتغيرات الأخرى، مما يؤدي إلى وجود لبس شديد، يؤدي بدورة إلى حدوث مشاكل عديدة أخرى، فعلى سبيل المثال، دائما ما يتم مقارنة قيمة الدين العام منذ فترات طويلة سابقة؛ بقيمة الدين العام الحالي، وهذه مقارنة ظالمة حقاً.
كما أن قيمة الدين العام لابد من نسبته مثلاً إلى الناتج المحلي الاجمالي، ودائما ما يُعتد بالمعدل؛ وليس القيمة المُطلقة لقيمة الدين العام، نطراً لان الدولة قد تقترض من أجل زيادة الاستثمارات، وهي بدورها ستؤدي إلى زيادة ملموسة في الناتج المحلي الاجمالي، ومن ثم، قد يكون قيمة الدين العام مرتفعاً؛ ولكن يكون هناك زيادة اخرى وبوتيرة اكبر في الناتج المحلي الاجمالي، فإذا ما تم نسبة الدين العام إلى الناتج المحلي الاجمالي، سيكون المعدل مُنخفض.
وعلى هذا النحو؛ نجحت الحكومة المصرية في خِفض نسبة الدين العام (المحلي والخارجي) من أعلى مستوى له (108٪) من الناتج المحلي الإجمالي عام 2015 /2016، إلى (87.5٪) في عام 2019 /2020، بعد تنفيذ برنامج الاصلاح الاقتصادي، ثم عاد الارتفاع قليلاً، ليصل إلى (91.5٪) في عام 2020 /2021، بفعل جائحة كورونا، ومن المتوقع أن ينخفض الى (82.9٪) في العام المالي 2022 /2023،حيث كان المُستهدف تخفيضه إلى (68٪) عن ذات الفترة المذكورة اخيراً، وهي قريبة من النسب المريحة والأمنة عالمياً، والمُقدرة ما بين (60٪ – 70٪)، هذا كله في ظل تصاعد مستمر لقيمة الدين العام بشقيه المحلي والخارجي
أسباب تفاقم الدين العام لمصر
ومن الجدير بالذكر، أن من اهم اسباب ارتفاع أرقام الدين العام لمصر، ربما ترجع بالأساس إلى توجيه طائفة كبيرة من تلك القروض في زيادة حجم الاستثمارات الحكومية، والتي ارتفعت بمعدل 110٪ خلال 2021، حيث قفزت من 595 مليار جنيه (38.043 مليار دولار) خلال 2020، إلى نحو 1250 مليار جنيه (79.092 مليار دولار) في العام المالي الحالي، بزيادة بلغت 656 مليار جنيه (41.877 مليار دولار )،
فضلاً عن زيادة حجم الإنفاق على البنية التحتية، وخطة التحفيز التي تبنتها الحكومة في مارس 2020 لمواجهة التداعيات السلبية لأزمة كورونا، ورغم ذلك؛ مازال الدين العام الخارجي في الحدود الآمنة، إذ لم يتعدى 34.6٪ من النانج المحلي الاجمالي(الحدود الآمنة من 30٪ الى 50٪ ) رغم الآثار السلبية للأزمة التي سبيتها جائحة كورونا، كما أن هذا الارتفاع يرجع ايضاً إلى زيادة الاقتراض من صندوق النقد الدولي في فترة الإصلاح الاقتصادي وتداعيات جائحة كورونا.
خطة متكاملة لتخفيض الدين العام
و طالب الجرم الحكومة بتبني خطة متكاملة لتخفيض حجم الدين العام، وبشكل خاص الدين العام الخارجي، والذي سينعكس على تخفيض العجز الكلي في الميزان التجاري، وقد تبنت الدولة بالفعل خلال الفترة الأخيرة، استراتيجية واضحة المعالم لتخفيض فاتورة الاستيراد بشكل غير مسبوق، تبدى ذلك في وضع قيود صارمة على كثير من سلع الواردات غير الضرورية، او تلك التي لها بديل محلي،
كما تم تبني آلية الاستيراد عن طريق نظام الاعتمادات المستندية، وأن تكون الموارد الذاتية بالعملات الأجنبية للمستورد ناتحة عن نشاطة في مجال الاستيراد، وعدم قبول اي موارد بالعملات الأجنبية من شركات الصرافة او غيرها، طالما كانت خارج نطاق نشاط المستورد، من أجل التحكم في الموارد من العملات الأجنبية والحفاظ عليها، واستخدامها في الغرض المُخصص لها، فيما عدا بعض الاستثناءات المقررة في شان السلع الغذائية الاساسية.