في خضم التطورات المتسارعة على المشهد الاقتصادي والمصرفي، أصدر البنك المركزي المصري، قراراً جديداً، من ضمن سلسلة من القرارات الجريئة التي تنسجم مع التطورات الحادثة على المشهد الاقتصادي العالمي خلال الفترة الحالية،
حيث قرر رفع الحد الأقصى لإقراض البنوك الحكومية التسعة للشركات بنسبة 100٪ من الحد السابق والذي كان يقدر بنحو 250 مليون جنيه، ليصل إلى نحو 500 مليون جنيه بدون الرجوع الى البنك المركزي للحصول على موافقة بذلك، من أجل دفع تلك الشركات على التوسع والنمو في ظل الظرف الشديد الذي يواجه الاقتصاد المصري.
ومن الجدير بالذكر، انه تم التمهيد لهذا القرار، منذ إيام ، على خلفية إلغاء الحد الأقصى للايداعات، وزيادة حد السحب من داخل البنوك ليصبح 150 الف جنيه من 50 الف منذ بداية ازمة كورونا،
كما تم فتح اعتمادات مستندية لطائفة كبيرة من المستوردين ، بهدف الأفراح عن السلع المحجوزة في المواني المصرية، من اجل زيادة عرض السلع الاساسية اللازمة للمواطنين، لمواجهة اي أزمات في المستقبل.
والحقيقة، ان هذا القرار، يُعد وبحق من أفضل القرارت التي حدثت في الفترة القليلة الماضية منذ تولي محافظ جديد للبنك المركزي المصري،
من منطلق مساعدة الشركات على التوسع والنمو، في ظل زيادة كُلفة الإئتمان، على إثر زيادة اسعار الفائدة على الإيداع والإقراض لتصل إلى 11.25٪ &، 12.25 على الترتيب.
ويأتي هذا القرار في ظل زيادة حدود الأقراض لعملاء التجزئة المصرفية (الخدمات المصرفية المقدمة للافراد) والتي تزيد من معدلات الاستهلاك، وتحقق ربحية مرتفعة للبنوك المانحة، ولكنها لاتؤدي إلى إحداث استثمار حقيقي في الاقتصاد،
فكان تمويل البنك لشراء سيارة خاصة ، اكثر ربحية من إقراض الشركات الكبيرة التي تهدف إلى الاستثمار الحقيقي، ذلك الاستثمار الذي سينتج عنه تشجيع المنتج المحلي وتخفيض فاتورة الاستيراد،
فضلا عن زيادة فرص التوظف، مما يساهم في مكافحة البطالة بشكل اكبر.
الا ان هذا القرار، قد خَصَ البنوك الحكومية التسعة من بين 38 بنكا تعمل في السوق المصرفي المصرفي دون غيرها ، فربما يكون هذا تمهيد لتطبيق ذلك على البنوك الأخرى العاملة في مصر،
وربما تكون قراءة صانع القرار، تأتي من منطلق أن الاقتصاد المصري، يعاني من معدل مرتفع نسبيا التضخم قد تجاوز 14٪ على اساس سنوي،
وبما يدعم عدم طرح كتلة نقدية كبيرة في السوق، حتى لا تؤدي إلى زيادة الضغوط التضخمية اكثر من ذلك، بل يتعين الانتظار لحين الوصول إلى المعدلات العادية، حتى يتم تطبيق ذلك على البنوك الأخرى.
بقلم/دكتور رمزي الجرم
الخبير الأقتصادي