على خلفية انطلاق المؤتمر السنوي الذي يُعقد في إطار اتفاقية الأمم المتحدة الاطارية بشان التغير المناخي في شرم الشيخ COP27، في الفترة من (6- 18) من نوفمبر القادم،
تسعي الدولة المصرية، نحو تحقيق أهداف اقتصادية عديدة، ومن أهمها : جذب المزيد من الاستثمارات من الاحنببة المباشرة، بعد التخلي جزئياً عن الاستثمار غير المباشر،
والذي يتمثل في الاستثمار في ادوات الدين الحكومي، او ما يطلق عليه الأموال الساخنة، والتي كان لها اكبر الأثر في زيادة حدة الأزمة الحالية، جراء نزوح نحو 22 مليار دولار في الأشهر الأولى من العام الجاري
وتتركز رؤية صانعي السياسة الاقتصادية والمالية، نحو الوصول إلى نتائج موضوعية طموحة، تستند إلى قواعد تتناسب مع التحدي القائم على النواحي العلمية،
ومسترشداً بالمبادئ التي تستند إلى الاتفاقيات والقرارات والتعهدات والالتزامات منذ إتفاق باريس 2015 إلى مؤتمر جلاسكو 2021.
ومن المهم جدا لمصر، انها الدولة التي ستستضيف المؤتمر المنوه عنه ، كممثل عن القارة الأفريقية، على خلفية ان ان تلك الدول بشكل خاص،
تتعرض بشدة لصدمات شديدة، سواء في الاقتصاد او الصحة او التعليم او التغيرات المناخية، وتتاثر تلك الدول بشكل غير متكافئ بالظواهر المناخية المتطرفة في ظل عدم كفاية التمويل اللازم لمواجهة تلك الظواهر الخطيرة، فسوف يكون فرصة سانحة لتحقيق أهداف اقتصادية ذات أولوية قصوى.
وعلى خلفية، ان انعقاد هذا المؤتمر في مصر ياتي في ظل العديد من الأزمات التي تواجه الاقتصاد المصري بشكل أشد، ومن اهم تلك الأزمات، ازمة النقص الحاد في موارد النقد الأجنبي اللازم لتمويل مشروعات التنمية المستدامة،
فمن المتوقع ان تستغل مصر تلك الفرصة، لعرض رؤيتها المستقبلية بشان المحافظة على البيئة والحد من الانبعاثات الكربونية، واعتمادها على الوسائل الصديقة للبيئة، فضلا عن عرض ماتم إنجازه بشان هذا الملف، من خلال عرضها امام دول العالم، على سبيل المثال،
التحول تدريجيا نحو الاعتماد على الطاقة الكهربائية النظيفة والغاز الطبيعي، والتحول أيضا نحو الطاقة الجديدة والمتجددة بمطار شرم الشيخ وقاعة المؤتمرات، كما وصل عدد الفنادق الحاصلة على النجمة الخضراء في شرم الشيخ نحو 110 من اصل 150،
وحصل أيضا مركز غوص على العلامة الخضراء، بالاضافة الى الإدارة المتكاملة لمتظومة المخلفات التي تتم من خلال الشركات بالجمع والفصل والتدوير، ونحو 15 مشروع قومى صديقا للبيئة، من إجمالي عائد السندات الخضراء،
حيث تم تخصيص 46٪ من الحصيلة لمشروعات النقل النظيف، ونحو 54٪ للمشروعات استدامة إدارة وتحلية المياة والصرف الصحي، وتوليد الطاقة بالرياح بطاقة 500 ميجاوات بخليج السويس، ومحطات تحلية مياة البحر، لانتاج 6 ملايين متر مكعب يوميا.
والحقيقة، ان كافة الدول التي تستضيف اي مؤتمر عالمي، تستغل كافة الفرص المتاحة لعرض نفسها في كافة المجالات، خصوصا فيما يتعلق بالمجال الاقتصادي، والذي يحظى بأهمية حيوية في ظل الأزمات المالية الجارية،
والدولة المصرية العريقة صاحبة الحضارة الطويلة الممتدة لآف السنوات ، سوف يكون بمقدورها ان تكشف عن نفسها وعن حجم التطور النوعي في مجال التحول بشكل سريع ومتنامي نحو الاقتصاد الأخضر،
خصوصا اذا ما علمنا انه تم تخصيص نحو 15٪ من الموارد في موازنة العام الماضي، فيما يتعلق بالاقتصاد الأخضر، ونحو 30٪ في موازنة العام الحالي، ومن المتوقع ان يتم رصد نحو 50٪ في موازنة 2024 /2025.
وبشكل عام، سوف يكون لهذا المؤتمر أهداف اقتصادية لا تقل أهمية عن الأهداف الاساسية لهذا المؤتمر والتي تتعلق بالنواحي البيئية وتغير المناخ، حيث سيكون موضوع جذب الاستثمارات الأجنبية وزيادة تدفق السياح،
وزيادة الثقة في الاقتصاد المصري، والذي يدعم ويعزز حصول مصر على التمويل اللازم من المؤسسات المالية العالمية بعائد منخفض، على قمة أولويات الدولة المصرية جراء استضافة هذا المؤتمر الدولي.
بقلم /دكتور رمزي الجرم
الخبير الاقتصادي