يأتي اصدار البنك المركزي المصري للتعليمات الجديدة المُلزمة للبنوك، بشان التمويل المُستدام، والتي تُعد إحدى الخطوات الفعالة لتعزيز دور القطاع المصرفي في تحقيق رؤية الدولة وتعزيز التوجه نحو الاقتصاد الاخضر للحد من الآثار السلبية لتلوث البيئة، إستكمالاً لجهوده السابقة في ترسيخ مفهوم التمويل المُستدام، وتضمينه في الأنشطة الرئيسة للقطاع المصرفي، والتي تم إصدارها في 18 يوليو 2021، تحت عنوان( المبادئ الاسترشادية للتمويل المُستدام) والتي أرست المفاهيم الأساسية للاستدامة والتمويل المُستدام.
ومن الجدير بالذكر، ان تلك التعليمات تتماشى مع توجه الدولة نحو تحقيق أهداف التنمية المُستدامة في ضوء رؤية مصر 2030، من أجل دعم وتعزيز الإستقرار المالي والمصرفي، خصوصا في ظل الأزمة الحالية، حيث تتضمن تلك التعليمات عدداً من المحاور الرئيسية، من أهمها : انشاء إدارة مُستقلة للاستدامة والتمويل المُستدام في كافة البنوك العاملة في مصر، مع الزام البنوك بادراج عددا من السياسات والإجراءات المتعلقة بالتمويل المُستدام، ضمن السياسات الإئتمانية والاستثمارية للبنك، والاستعانة باستشاري بيئي، تكون مهامه، تقييم مشاريع الشركات الكبرى، التي سيتم تمويلها من المنظور البيئي، مع اعداد تقارير دورية يتم عرضها على المسئولين في الإدارة العليا للبنك.
والحقيقة، انه تم اعداد التعليمات الجديدة وفقاً لافضل الممارسات العالمية، وبما يلائم القطاع المصرفي المصري، من أجل تمويل قطاعات وأنشطة اقتصادية اكثر استدامة، وجذب شريحة جديدة من المستثمرين المهتمين بالقطاعات التي من شأنها ان تعزز وتدعم مبادئ التنمية المُستدامة، وزيادة تدفقات النقد الأجنبي للسوق المصري.
وهذا ربما يشير، إلى وجود رؤية وتوجه سريع من جانب البنك المركزي المصري، نحو تَبني العديد من السياسات والإجراءات الكفيلة باحداث استقرار نقدي في البلاد، من خلال التمويل المُستدام، وجلب المزيد من تدفقات النقد الأجنبي الداخلة، من أجل دعم قيمة الاحتياطيات الدولية لمصر لدى البنك المركزي، وتحسين اوضاع ميزان المدفوعات بشكل أفضل، للخروج من الأزمة الحالية باقل خسائر ممكنة.
بقلم/الدكتور رمزي الجرم
الخبير الاقتصادي