على خلفية تَبني صانعي السياسة الاقتصادية في البلاد، لدعم استراتيجية الاستثمارات الأجنبية المباشرة، ياتي قرار رئيس مجلس الوزراء بالموافقة على مشروع قرار رئيس الجمهورية بتشكيل المجلس الأعلى للأستثمار في ظل ظرف شديد يتعرض له الاقتصاد المصري، نتيجة النقص الحاد من موارد النقد الأجنبي، على خلفية الازمة الأوكرانية الروسية، من أجل سرعة إتخاذ القرارات المتعلقة بالاستثمارات بالشكل المطلوب، مما يدعم زيادة جاذبية الاقتصاد المصري لجذب المزيد من الاستثمارات الاجنبيه المباشرة، بعد الصدمة الشديدة الذي تَعرض لها الاقتصاد المصري، بشان صدمة الاستثمارات الأجنبية غير المباشرة، وما يطلق عليها بالاموال الساخنة، والذي بات من الواضح، ان استراتيجية الاستثمارات الاجنبيه المباشرة هي التي يعول عليها في الفترة الحالية والقادمة، من أجل دفع عجلة الانتاج نحو الدوران وضبط الاستيراد العشوائي، وزيادة الصادرات، والتي حققت طفرة خلال التسعة أشهر من العام الحالي، حيث حققت نحو 27.5 مليار دولار في ظل ازمة عاتية، كان لها تداعيات كارثية على أقوى الاقتصادات العالمية، مما سيؤدي الى استقطاب نقد اجنبي إضافي لسد الفجوة التي أحدثتها صدمة الأموال الساخنة.
كما ان تشكيل المجلس الأعلى للاستثمار برئاسة السيد رئيس الجمهورية وعضوية السيد رئيس مجلس الوزراء وعدد من الوزراء ذات ورؤساء بعض الجهات المعنية، سيكون له قوة دافعة لأعمال المجلس، متمثلة في سرعة تنفيذ القرارات الاستثمارية في الوقت المناسب، وتذليل العقبات امام المستثمرين الأجانب، خصوصا في ظل عدم وجود وزارة مُستقلة للاستثمار كما كان الوضع قبل ذلك، مما أدى إلى عدم وجود تناغم فيما بين الوزارات والجهات ذات الشأن في شأن سرعة إتخاذ القرار ات الاستثمارية في الوقت المناسب، بل ان عدم التنسيق بين تلك الوزارات والجهات المختلفة، كان سبباً رئيسياً في عدم تحقيق المُستهدفات المطلوبة فيما يتعلق بملف الاستثمار.
وفي ظل ان المجلس الأعلى للاستثمار، يجتمع كل ثلاث اشهر بحد أدنى من خلال دعوة رئيسه، او اذا دعت الحاجة إلى ذلك، وتكون قراراته مُلزمة لكافة أجهزة الدولة المختلفة، فمن الضروري العمل على سرعة العمل على تنقية القرارات الاستثمارية التي صدرت في السابق، والتي تتعارض مع بعضها البعض، مع تبني العديد من الأليات والقرارات التي تدعم زيادة جاذبية الاقتصاد المصري للمزيد من الاستثمارات الاجنبيه المباشرة، وبشكل خاص للأستثمارات العربية والافريقية، وتخصيص المزيد من الاراضي في المدن الصناعية للمستثمرين وتقسيط ثمنها على آجال طويلة نسبيا، مع تقرير حزمة من الاعفاءات الضريبية الحقيقية، والتي تكون كافية لجذب المستثمر الأجنبي، وتفضيله للاستثمار في مصر، بالمقارنة بالدول الأخرى، والذي يتطلب دراسة تجارب الدول الأخرى في هذا الخصوص، من أجل بناء بنية مؤسسية للاستثمار، يتم الاعتماد عليها لبناء دولة قادرة على توطين الصناعات المختلفة والاستثمارات الأجنبية الكفيلة بسد النقص الحاد في العملات الأجنبية المختلفة ودعم قيمة الاحتياطيات الدولية لمصر لدى البنك المركزي المصري، وتحسين اوضاع ميزان المدفوعات، وزيادة فرص العمل من خلال زيادة اعداد العمالة المدربة على الصناعات الحديثة ذات التكنولوجيا العالية، بل تنمية القدرة على مواجهة الأزمات المختلفة، وبشكل خاص ازمة نقص موارد النقد الأجنبي، والتي كان لها تداعيات سلبية وكارثية على الاقتصاد المصري خلال الفترة الحالية.
بقلم / دكتور رمزى الجرم
الخبير المصرفى